عودة إلى الصفحة الرئيسية

ثلاث خواطر حول مؤتمر أسواق الأوراق المالية والبورصات في دبي ‏أ.د كمال حطاب

عقد مؤتمر ” أسواق الأوراق المالية والبورصات” والذي نظمته جامعة الإمارات العربية المتحدة في مدينة دبي في شهر مارس 2007
وقد حضر المؤتمر علماء وأساتذة بارزون ،ونوقشت فيه على مدى ثلاثة أيام أبحاث وقضايا هامة ، تتعلق بمختلف قضايا أسواق المال والبورصات .
 وقد كنت كتبت على هامش ذلك المؤتمر بعض الخواطر أحببت أن أنشرها هنا ، تعميما للفائدة  ركزت فيها على ثلاث نقاط هي : التجربة الماليزية ، مدينة دبي بين الأصالة والمعاصرة، قرارات مجمع الفقه بين الاحترام والالتزام :
التجربة الماليزية :
منذ فترة ليست بالقصيرة والتجربة الماليزية في مجال المال والاقتصاد والتنمية تلفت نظري وأنظار الكثير من المراقبين ، ولا يخفى على كثير من الناس ما حققته ماليزيا من إنجازات على طريق التنمية والتقدم ، ففي العشرين سنة الماضية حققت ماليزيا معدلات عالية متوالية في النمو الاقتصادي ، وفي ازدياد دخل الفرد والتقدم الصناعي والإلكتروني ، وقد كانت في التسعينات في مقدمة دول النمور الآسيوية ، وخرجت من أزمة 1997 التي عصفت بدول جنوب شرق آسيا قوية كما كانت ، وقد أشاد صندوق النقد الدولي بالإصلاحات التي اتبعتها ماليزيا بعد الأزمة بالرغم من مخالفة ماليزيا لتوصيات الصندوق ..
ما يدعوني للحديث عن التجربة الماليزية في هذا المؤتمر هو حضور عدد لا بأس به من الباحثين من ماليزيا لعرض تجاربهم في أسواق المال والمشتقات وغيرها، وقد أثارت معظم الأفكار الماليزية انتقادات قوية من العلماء الحاضرين ، ومع ذلك كان رد الفعل حول هذه الانتقادات هو الشكر والتقدير والترحيب بكل هدوء وأدب واحترام .. وفي رأيي أن هذه الأخلاقيات والقيم التي يتحلى بها العلماء الماليزيون كانت من العوامل التي جعلتهم السباقيين في مجالات عديدة في قضايا المال والاقتصاد ..
 إن القيم الإسلامية التي يعيشها الماليزيون من تقديس للعمل واحترام للكبار وتعايش مع الآخر ( صينيون وبوذيون ومسلمون ) وإخلاص وصدق وتضحية .. الخ هي التي جعلتهم يتقدمون دون التفات للاختلافات والصراعات الفكرية .. إن الاختلافات الفقهية في المسائل الاجتهادية أمر طبيعي وهي مما يدفع للتقدم والانطلاق بدلا من التقوقع والانطواء ..
   في ماليزيا كانت أول سوق مالية إسلامية عالمية ، وأول سوق للمشتقات الإسلامية، وهيئة رقابة شرعية في البنك المركزي ، ومنتجات إسلامية عديدة ..
قرارات مجمع الفقه الإسلامي بين الاحترام والإلتزام :
   أثيرت في هذا المؤتمر قضايا عديدة كان مجمع الفقه الإسلامي الدولي قد بحثها وأصدر فيها قرارات ، وقد رأى عدد من المشاركين في المؤتمر ضرورة الالتزام بقرارات مجمع الفقه الإسلامي وعدم إضاعة الوقت من جديد فيما سبق أن بحثه العلماء واتخذوا فيه قرارات وأصدروا فيه فتاوى .. بينما رأى آخرون أن قرارات المجمع لها كل الاحترام ولكنها لا تمنع من إعادة البحث مرة أخرى ..
وفي رأيي أن قرارات المجمع يمكن أن يؤخذ بها عند بحث مسائل متشابهة تحيط بها نفس الظروف والملابسات وفي نفس المجتمعات والأحوال والعادات والتقاليد .. ونظرا لأن الظروف والمتغيرات في العصر الذي نعيشه تتغير بين عشية وضحاها ، فإنه ليس هناك ما يمنع من إعادة بحث المسألة في ظل المتغيرات الجديدة ، مع الاستئناس بما توصل إليه المجمع من قرارات .
 وقد كان هذا هو المنهج الفقهي المتبع عند الفقهاء والأئمة الأوائل من حيث ترجيح آراء الأئمة في المسائل المتشابهة ذات الظروف المتشابهة والعلل الواحدة ، أما إذا اختلفت العلل فإن المسائل سوف تختلف ، وكذلك إذا اختلف الظروف والمتغيرات المحيطة بالمسائل ..
إن قرارات مجمع الفقه الإسلامي والبحوث التي تستند إليها هذه القرارات تزيد الباحثين معرفة وعلما بمعظم جزئيات المسائل الفقهية التي بحثها علماء المجمع ، ولكن لا أظن أحدا يقول بأن قرارات مجمع الفقه الإسلامي يمكن أن تكون قطعية لا تقبل الرد أو الخطأ .
مدينة دبي بين الأصالة والمعاصرة :
  كتبت قبل سنوات على موقع إسلام أون لاين وبمناسبة استضافة هذه المدينة لاجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فقلت ” دبي، تلك المدينة التي أصبحت تحاكي الكثير من مدن الغرب بمبانيها الشاهقة وأسواقها المتميزة التي تمثل تحفا معمارية عالمية، وحركتها الدائبة وأضوائها التي أحالت ليلها نهارا.
لقد نجحت إمارة دبي في استقطاب رأس المال الأجنبي من جميع أنحاء العالم، من خلال إعداد بنية أساسية قوية متقدمة وقوانين تحاكي أكثر الأسواق والمدن شفافية في العالم، كما نجحت في استقطاب السياح من جميع أنحاء العالم بحيث تفوقت على كثير من مدن العالم الشهيرة بالسياحة”
       أما اليوم وبالإضافة إلى ما تقدم ، فقد رأيت في دبي مطارا كبيرا ضخما ربما يعد من أكبر مطارات العالم ،كما رأيت مواطنين إماراتيين يتمتعون بصفات الشهامة والكرم والنخوة والمروءة والأصالة العربية .. ومشيت في أسواق دبي الشعبية في سوق نايف فحسبتني في باكستان أو الهند ، لا أكاد أجد من يتكلم العربية أو يعرف المناطق المحيطة به ، عمال وموظفون منهكون ، ثم زرت بعض الأسواق المعاصرة مثل كارفور وبرجمان فوجدت نفسي في أسواق الاستهلاك العالمي المنتشرة في كل مكان من عالمنا الإسلامي الاستهلاكي ..
وحين كنت وأحد زملائي نحاول الدخول إلى أحد الأسواق الحديثة استوقنا خواجا إيطالي يركب سيارة فارهة يسأل عن مكان .. فقلنا له نحن زوار.. فنزل من سيارته وقال أريد أن أريكم شيئا .. أنا صاحب محل تجاري كبير في أبوظبي للملبوسات الجاهزة .. ولدى الآن بدلتان على مقاسكما بالضبط ، وغدا عيد ميلاد ابنتي وأريد أن أبيعكما بسعر زهيد .. فقط 1000درهم للبدلة الواحدة .. فاعتذرنا له .. وقلت في نفسي يبدو أن الاقتصاد الخفي موجود في كل مكان.
ومررنا مسرعين قريبا من الأبراج العالية التي تناطح السحاب ، فقلت في نفسي ما قصة هذه الأبراج .. ولم أجد جوابا إلا في مقالتي الأولى وهي أنها من آثار العولمة المتوحشة ..
كان الله في عون أبناء الإمارات على هذا التطور الهائل في البناء والعمران .. وهذا التدفق الهائل في أبناء الخواجات .. وأنشطة أبناء الخواجات  .  

2 ردود على “ثلاث خواطر حول مؤتمر أسواق الأوراق المالية والبورصات في دبي ‏أ.د كمال حطاب”

  1. حيى احمد الطرمان قال:

    استاذي الفاضل الدكتور كمال :

    اولا جزاك الله خيرا على ما تبذله من عطاء فس سبيل نشر ثقافة الصيرفة الاسلامية وليس هذا غريبا عليكم فقد لمسنا ولا نزال حرصك واخلاصك في هذا .

    استاذي …. كلما قرأت لك مقالا او بحثا … واريد التعليق عليه اجد نفسي دائما في االاتجاه السياسي …اي ان اول ما يخطر في بالي هي السياسة ….فالسياسة ملتصقة بفكري كما هي ملتصقة بالاقتصاد..

    لا اريد الاطالة في المقدمة…
    لكن ثمة شئ مشترك بين هذه الخواطر ….وهي السياسة
    الا تلاحظ معي ان ماليزيا….. لم تكن لتصل هذا المستوى من النمو الاقتصادي وخاصة انها انتهجت نهج الاقتصاد الاسلامي في كثير من شؤونها الاقتصادية ..اقول لم تكن لتصل هذا المستوى لولا وجود فعالية وقوة سياسية …ممثلة برئيس الوزراء السابق محاضير محمد؟

    دبي …وما ادراك ما دبي ….هل كانت لتصل هذا المستوى لولا الله اولا ومن ثم وجود القوة السياسية ممثلة بسمو الشيخ محمد بن راشد وغير ه والذين نسمع عنهم الكثير من ناحية دعم الاستثمار والمستثمرين….

    اما مجمع الفقه…..وان كنت اؤيد ما ذهبتم اليه….لكن اعتقد انه يجب ان يكون لولي الامر او السياسة ان صح القول رأي في القرارات ..اقصد من ناحية الالزام بقرار…. فإذا تعددت الاراء او جد جديد واختلف العلماء في رأي ..فولي الامر بسلطته يستطيع الالزام بأحد الاراء..

    اخيرا ارجو الا اكون اثقلت عليكم او حملت مقالتكم ما لم تحتمل.

    ابنكم او ان شئتم اخوكم

    يحيى الطرمان

  2. بسملة قال:

    ما رأيك في دور بورصة دبي في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية؟

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]