تنمية القدرات وتعزيز الإيجابيات أ.د كمال حطاب تموز 2010
تنمية القدرات وتعزيز الإيجابيات
أ.د كمال توفيق حطاب
حاولت إحدى إدارات الشركات علاج سلبيات موظفيها ، فوضعت برنامجا خاصا بهذا الغرض لفترة محددة ، وبعد تطبيق هذا البرنامج زاد الإنتاج بنسبة 30% ، وعندما قامت نفس الشركة بتطبيق برنامج لتنمية الإيجابيات والقدرات دون الالتفات إلى السلبيات زاد الإنتاج بنسبة 80% .
إن من أبرز الأساليب التربوية للنهوض بالأجيال وتحقيق الإنجازات والابتكارات والإبداعات التركيز على الإيجابيات وتجاهل السلبيات ، فالتركيز على الإيجابيات يعمل على مضاعفتها وتأصيلها ورسوخها في نفوس الناشئين . وبالتالي تتضاءل السلبيات وتضمحل وتختفي تلقائيا.
أما التركيز على السلبيات ومحاولة علاجها فإنه قد ينجح في القضاء على بعض هذه السلبيات ولكنه لن يزيد الإيجابيات أو يضاعفها .
إن هذه القاعدة تصلح في كافة المجالات الإنسانية ، في مجالات التربية والتعليم أو في مجالات الدعوة أو إدارة الشركات والمنشآت الاقتصادية أو غيرها ..
ومن هنا فإنه ينبغي على المربين والمصلحين أن يوجهوا جهودهم لتعزيز الايجابيات وزيادتها ودعمها ومحاولة استكشافها وتنميتها بدلا من توجيه جهودهم لنقد السلبيات ومحاولة علاجها ، فهذا النقد يؤدي إلى آثار سلبية تثبيطية تعمل على غرس الإحباط وتدمير العزيمة والقدرة على الإبداع .
إن هذا الأسلوب التربوي البناء هو من أبرز وأهم الأساليب التي اتبعها النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الجيل الأول ، الجيل الذي بنى واسس وتحمل المسئولية وحمل الرسالة وأوصلها إلى العالمين في ذلك الوقت ، ولولا هذا الأسلوب وغيره من أساليب البناء التي طبقها النبي صلى الله عليه وسلم لما عرفنا أبابكر وعمر وخالد وسعد وبلال وصهيب وغيرهم من كبار الصحابة الذين لم يكن لهم شأن يذكر قبل الإسلام .
وقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يطلق على كل صحابي لقبا يشكل أهم صفة إيجابية فيه بحيث تكون هذه الصفة هي مجمع الصفات الإيجابية الأخرى ، فها هو أبو بكر يحمل لقب الصديق من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، والصدق أساس كافة الشمائل وبالتالي فإن لهذه الصفة ما بعدها، حيث يوضع أبا بكر في مواقف فاصلة وحرجة في تاريخ المسلمين ، وقد كان لهذه الصفة في أبي بكر أثر كبير في طاعة الناس له ومبايعتهم له بالخلافه .
أما عمر فهو الفاروق بين الحق والباطل كما لقبه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان ، وهكذا كانت سيرة حياته ، الإمام العادل الذي يحاسب نفسه على بغلة عثرت بأرض العراق ..
وكذلك خالد سيف الله المسلول كما لقبه النبي صلى الله عليه وسلم فكان حقا كذلك وحقق للمسلمين انتصارات لا حصر لها . وهكذا كان الأمر مع بقية صحابته صلى الله عليه وسلم .. تعزيز وتقدير واكتشاف مواهب وميول وقدرات واستنهاض همم وعزائم .. وبالتالي بناء أمة كانت خير أمة أخرجت للناس .
إن الاجتهادات البشرية الناجحة في المجالات التربوية والإنسانية لا يمكن أن تتناقض مع المنهج الذي أرساه النبي صلى الله عليه وسلم في التربية وبناء الأجيال والأمم . ومن هنا فإنه يمكن القول بأن المهارات والأساليب والطرق الحديثة في التربية والإدارة والتقدم والتي نجحت في مجالات التطبيق العملي ، هي جزء من المنهج الإسلامي في التربية والبناء والتقدم .