البنوك الإسلامية والمسؤولية الاجتماعية أ.د كمال توفيق حطاب
البنوك الإسلامية والمسؤولية الاجتماعية
أ.د كمال توفيق حطاب
منذ انطلقت مسيرة البنوك الإسلامية وهي تحاول إقناع الجمهور بأنها بنوك استثمارية وليست مؤسسات زكاة أو جمعيات خيرية ، ومع ذلك كانت مستعدة دائما لتقديم القليل القليل من المساعدات والتبرعات والقروض الحسنة ..
في أواخر عام 2014 شاركت في الورشة الخامسة لمركز الكويت للاقتصاد الإسلامي والتي كانت بعنوان ” المسؤولية الاجتماعية والتنموية للبنوك الإسلامية ” ، وقد حرص فيها الباحثون على ضرورة قيام البنوك الإسلامية بمسؤولياتها الاجتماعية إضافة إلى مسؤولياتها التنموية والاستثمارية .
ويمكن القول بأننا بدأنا نشهد تحولا في نظرة البنوك الإسلامية إلى الدور الاجتماعي في الآونة الأخيرة ، وخاصة بعد إطلاق معيار الآيزو 26000 الخاص بالمسؤولية الاجتماعية ..حيث أخذت الشركات والمؤسسات والبنوك الإسلامية والربوية تتسابق في خدمة المجتمع وفي حماية البيئة وفي تقديم الحوافز للعاملين والعملاء ..
وبالرغم من أن هذه الجوانب كانت من الأساسيات التي دعا الإسلام إلى العناية بها والرفع من شأنها ,, إلا أن البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية كانت تكتفي بالتركيز على الدور الاستثماري وحماية أموال المودعين والمستثمرين .. إلخ
قبل أكثر من عشر سنوات دعا كلاوس شواب مؤسس منتدى دافوس في افتتاحية المنتدى السنوى إلى أنسنة العولمة المتوحشة .. ويقصد بذلك الحد من تغول الشركات الكبرى وأصحابها ..
ويبدو أننا في الوقت الحاضر بحاجة إلى أنسنة الشركات والمؤسسات والبنوك الإسلامية.. وأقصد بذلك أن تكون أكثر إنسانية في التعامل مع عملائها ومع المجتمع ، صحيح أن معيار المسؤولية الاجتماعية يخفف من حدة تغول البنوك والشركات ولكنه لا يعمل على جعلها أكثر إنسانية .. حيث يمكن أن تكون مجالات المسؤولية الاجتماعية الخاصة بالمجتمع والبيئة جزءا من برامج الدعاية والإعلان التي تمارسها .. وبالتالي فهي لا تفيد القطاعات الأكثر تضررا في المجتمع ولا تلامس الفئات التي لا تجد الاحتياجات الدنيا ..
إن شعار الإسلام الذي ترفعه هذه البنوك يتطلب منها أن تكون أكثر إنسانية ورحمة وعدلا ومسئولية تجاه الفئات الأكثر تضررا في المجتمع ، بحيث تراعي أصحاب الاحتياجات الدنيا من بين عملائها والعاملين فيها وكافة قطاعات المجتمع .
إن العناية بالفئات الأكثر تضررا والأشد حاجة هو الذي يؤدي إلى تصحيح الاختلالات وعودة عجلة الاقتصاد إلى الدوران من جديد ..فهذه الفئات هي التي تعمل على زيادة الطلب الاستهلاكي وبالتالي الاستثماري .. وبالتالي زيادة التشغيل والناتج القومي ..
وإن حرص المؤسسات والشركات والبنوك على مراعاة هذه الفئات هو الذي يعمل على استعادة التوازن الاقتصادي وبالتالي يحفظ هذه المؤسسات من التقلبات والأزمات والاختلالات الهيكلية ..
إن شعار الأسلمة الذي ترفعه البنوك الإسلامية لا يمكن حصره في تجنب الربا فقط ، وإنما لا بد أن يتضمن المعاني الأساسية التي جاء بها الإسلام قبل أربعة عشر قرنا .. التكافل الاجتماعي .. الجسد الواحد .. تمثيل الإسلام بمعناه الحقيقي الذي يتضمن العدل والإحسان والرحمة والتسامح والرفق والصدق و.. ولا يتضمن الظلم والإفساد والاستغلال والاذعان والتحايل والخداع ..