عودة إلى الصفحة الرئيسية

حقوق حملة الوثائق في شركات التأمين التعاوني أ.د كمال توفيق حطاب

حقوق حملة الوثائق في شركات التأمين التعاوني
أ.د كمال توفيق حطاب
منذ أكثر من ثلاثين عاما والمؤتمرات والندوات العلمية الخاصة بالتأمين الإسلامي تنعقد هنا ، وهناك ، وتتكرر في كل مؤتمر مشكلات وعقبات وانتقادات وشبهات ، ورغبات بالتطوير وتطلعات إلى التخلص من الشبهات ، وطموحات نحو الارتقاء ، ومع ذلك ما نزال نراوح مكاننا ، ولا تزال الشبهات هي نفس الشبهات ، ولا تزال الرغبة بالعدالة والإنصاف نحو المشتركين وحملة الوثائق تتردد باستمرار .
ولا يختلف المؤتمر العالمي الرابع للتأمين التعاوني والذي اختتم أعماله أمس في الكويت عن هذه المؤتمرات كثيرا ، حيث ركزت معظم البحوث على كيفية حماية حقوق المشتركين أو حملة وثائق التأمين التعاوني ، وتكاثرت فيه الاقتراحات والماينبغيات ، وظل الجميع يبحث عمن يعلق الجرس ، دون أن يعثروا عليه ، يبحثون عمن يتبنى آليات تنفيذية تقلل من سلطات أصحاب المصالح ورؤوس الأموال ، وبمعنى آخر ، عمن يتواضع ويقدم تضحيات من أجل الحد من صلاحياته ، فأعضاء مجالس الإدارة هم الذين يسيطرون على الأمور ، والتنازل عن بعض سلطاتهم من أجل حملة الوثائق أو من يمثلهم ، يعتبر تضحية كبيرة لا يتصور حصولها ، مها تكاثرت المؤتمرات والدعوات والمناشدات في هذا المجال .
اقترح البعض عمل شركة أخرى لحملة الوثائق هي التي تؤسس شركة التأمين وتوكلها بالعمل مقابل أجور ، ولكن التأمل في هذا الاقتراح يعني أن يتحول المسؤولون في شركة حملة الوثائق إلى أصحاب سلطات ، وبالتالي سوف يصيبهم ما أصاب أعضاء مجالس الإدارة في شركات التأمين من تحكم وسيطرة واستغلال نفوذ ..
اقترح البعض أن تكون لحملة الوثائق شخصية معنوية ، ويكون لهم من يمثلهم في مجالس الإدارة ، ولكن هذا الاقتراح يعتريه أن هذا التمثيل لن يكون كافيا ، لأن المسألة تتطلب مراقبة ومتابعة مستمرة ، وحماية قانونية لحقوق حملة الوثائق .
قال أحد المشاركين إن السودان قد حل المشكلة من خلال تأسيس مجلس لحملة الوثائق يجتمع سنويا ، ويتخذ قرارات وتنشأ عنه مطالبات ، غير أن هذا الكلام لم يكن مقنعا .
قال أحد الباحثين إن أعضاء الهيئة الشرعية يمثلون حملة الوثائق ويدافعون عن حقوقهم ، ولكنه ليس راضيا عن مثل هذا الوضع ، ولكن عدم الرضا من قبل أعضاء الهيئات الشرعية لا يكفي في هذا المقام ، وإنما ينبغي أن ينبثق عن عدم الرضا فعل أو عمل ، يترتب عليه التصحيح والتطوير ، وإحقاق الحق ، وتغيير الخطأ .
تذكرت واقع الهيئات الشرعية ، وما تتعرض له من انتقادات ، إذ كيف يتأتى لمن يعين ويحصل على راتبه أو مكافأته من شركات التأمين أن يكون حاميا لحقوق المشتركين ..
لقد ذكرتني هذه المسألة بالتناقضات التي يرددها الاشتراكيون في النظام الرأسمالي ، كالتناقض بين مصالح العمال ومصالح المالكين ، فالعمال يرغبون بزيادة أجورهم ، ولكن هذه الزيادة سوف تقلل من أرباح المالكين ، وبالتالي لن يوافقوا على ذلك ، ومن أجل تقليل التكاليف وزيادة الأرباح ، فإن المالكين سوف يلجأون إلى الاستغناء عن العمال أو تخفيض أجورهم ، وهكذا .. تزداد البطالة ويحدث الكساد ..
ومن أجل التخلص من هذا التناقض كانت الوسيلة الوحيدة عند الاشتراكيين هي إلغاء الملكية الخاصة للعمال وللمالكين ، لأن الملكية الخاصة هي أساس الشرور كما يقولون .
وأنا هنا لا أتبنى الحل الاشتراكي ولا يمكن أن أدعو إليه ، نظرا لما يؤدي إليه من فساد ومصادمة للفطرة ، وإنما يبدو أن من أفضل الحلول أن تكون هذه الشركات خاضعة لرقابة الدولة أو من يمثلها في البنك المركزي ، ويبدو أن هذا الحل تطبقه ماليزيا من خلال قيام البنك المركزي ( نيجارا بانك ) بالرقابة والتفتيش والمتابعة ، واتباع معايير وقواعد للحوكمة تلتزم بها هذه الشركات ويتم مراقبتها ومحاسبتها ومعاقبتها إذا لم تلتزم بهذه المعايير .
نشرت هذه المقالة في جريدة اليوم السعودية http://www.alyaum.com/article/4030045

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]