مناهج الاقتصاد الإسلامي في الجامعات أ.د كمال توفيق حطاب
مناهج الاقتصاد الإسلامي في الجامعات
أ.د كمال توفيق حطاب
في ورشة التنمية والاستدامة في التمويل الإسلامي التي عقدت في رحاب جامعة الملك فهد بالدمام في صيف 2013 ، دار نقاش طويل حول مناهج الاقتصاد الإسلامي أو الكتب والمراجع المعتمدة في هذا العلم ، وذهب البعض إلى عدم وجود كتب منهجية في الاقتصاد الإسلامي ، وكذلك عدم وجود مجلات محكمة عالمية في هذا التخصص .. إلخ
ونسي معظم الحاضرين أن علم الاقتصاد الإسلامي هو علم وليد لا تزال قواعده وأصوله ونظرياته تتشكل يوما بعد يوم ، وبالتالي فإذا لم توجد هذه المراجع والمجلات فليس الأمر مستغربا .. بل إن هذا الأمر يستدعي من الباحثين والمتخصصين فيه أن يبذلوا مزيدا من الجهود .
ومن جهة أخرى فإن العلوم التي استقرت أصولها وقواعدها منذ مئات وآلاف السنين ، ربما يعاب عليها أن تعتمد مرجعا أو كتابا واحدا دون أن يتم تغييره وتطويره كل خمسة أعوام على الأكثر ..
إن عملية التحكم القسري في العلوم ليست مرغوبة ولا مقبولة ، فالعلوم تقوم أساسا على الحرية ، حرية البحث والتفكير والاكتشاف والتوصل إلى الحقائق والنظريات والقوانين ..
عايشت في هذا الموضوع تجربتين الأولى في قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية في جامعة اليرموك والتي تقدم برامج بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الاقتصاد الإسلامي منذ أكثر من خمسة عشر عاما ..اعتمد الأساتذة على ما هو موجود من كتابات لكبار الباحثين في الاقتصاد الإسلامي : مثل شابرا وصديقي ويسري وغيرهم كثير مع بعض الإضافات والتنقيحات
والتجربة الأخرى من ماليزيا حيث قامت الجامعة التي درّست فيها سنتين ، بالتعاقد مع شركات متخصصة لوضع مؤلفات متخصصة في الاقتصاد الإسلامي وموضوعاته ..
وفي رأي أن لكل من التجربتين مزايا وسلبيات .. فمن مزايا التجربة الأولى توفر كامل الحرية في البحث والتنقيح والإضافة ، ومن مزايا التجربة الثانية توفر الجهد والوقت الذي كان يبذل في البحث والمراجعة والمقارنة والاختيار ..
لا يحق لأحد أن يحتكر العلم أو يفرض منهجا واحد ، فالحق واحد والمناهج والأساليب متعددة ، تختلف باحتلاف البيئة ، فالمنهج الذي يصلح لبيئة قد لا يصلح لبيئة أخرى .. ومن هنا فإن عملية تطوير المناهج ينبغي أن تكون مستمرة ، تواكب التطورات والتغيرات في كل بيئة وفي كل عصر .. ولا يعني هذا الكلام القفز على الأصول والثوابت ، وتجاوز الحقائق والقوانين والقطعيات ، وإنما يعني الحرية في البحث والتفكير والاجتهاد في الفروع والنظريات والظنيات ..
ومن هنا فإن ما تتعرض له مناهج الاقتصاد الإسلامي في الجامعات من تحديات ، تتعرض له كافة المناهج في كافة التخصصات ، غير أن مناهج الاقتصاد الإسلامي لا تزال إمكانية التشكيل والتطوير فيها أكبر .
إن معظم التخصصات العلمية العربية ليس لها مجلات علمية عالمية محكمة أو معتمدة دوليا ، نظرا لأن العلوم في العصر الحاضر يعبر عنها باللغة الإنجليزية ، وقد صنفت معظم العلوم في مجموعتين عالميتين ، إما آي إس آي أو سكوباس ، فما نشر فيهما فهو مقبول عالميا ، وما لم ينشر فيهما فليس له اعتراف عالمي .. حتى لو كان باللغة الفرنسية أو الألمانية أو غيرها من اللغات .
إن هذه المعاناة التي تصيب البحوث والمجلات العربية في الاقتصاد الإسلامي وغيرها من التخصصات ، هي نفس المعاناة التي تواجهها كافة المجلات العالمية ، غير الإنجليزية ، ومع ذلك وجدنا معظم دول العالم لا تلتفت كثيرا لهذه المعايير الدولية ، وبالتالي تسعى دون كلل أو ملل للاعتماد على الذات ولكي يكون لكل منها معاييرها ومؤشراتها .