الخبز والكرامة في ماليزيا أ.د كمال حطاب
الخبز والكرامة في ماليزيا
أ.د كمال حطاب
في ماليزيا يتنشق المرء رائحة الحرية ويشعر بسيادة الدولة و كرامة الدولة وأنها ليست تابعة لأحد .
وعندما تفكر في سر ذلك تجد أن البلد قد حقق الاكتفاء الذاتي من معظم السلع الأساسية ، وتجد أن الشعب ليس بحاجة إلى القمح المستورد ، والوجبات السريعة ، والقهوة العالمية ، بالرغم من انتشارها في كل مكان، وفي كل زاوية ، وحيثما حللت ،إلا أن إقبال الشعب على المنتجات الوطنية هو الغالب ، وذلك يعطيه نوعا من الكرامة والسيادة والاستقلال .
صحيح أن وسائل الدعاية للشركات الأجنبية الكبرى في مجال الاستهلاك تعمل بشكل قوي ،إلا أن انتماء الماليزيين لأطعمتهم الخاصة وأكلاتهم الشعبية ولباسهم الشعبي هو السائد .
لا يوجد في دماء الماليزيين إلحاح الحاجة إلى الخبز ، وبالتالي فهم يعيشون بكرامة على منتجاتهم من الأرز والأسماك وغيرها من المنتجات الوطنية ، الأرز المقلي أو المشوي ،والأرز المسلوق ، والأرز بالكاري والدجاج ، والدجاج مع العسل .. والأسماك بمختلف أشكالها وألوانها وطريقة طهيها .
ويبدو أن الطريق الأول لتحرير الشعوب هو تخليص الدماء من إلحاح الحاجة إلى السلع المستوردة بدءا بالخبز والمشروبات الغازية وانتهاء بإدمانات الدخان والأفلام الأجنبية ، والنكهات السرية في الوجبات العالمية السريعة .
يشير توماس فريدمان في كتابه السيارة لكزاس وشجرة الزيتون إلى أن الوسيلة الأولى لإخضاع الشعوب هي من خلال أنماط الاستهلاك ، ويشير في فصل الأقواس الذهبية ، كناية عن علامة مطاعم ماكدونالد ، إلى أن هذه المطاعم لو كانت منتشرة في العراق قبل الحرب لما وجد الجيش الأمريكي أية مقاومة .
ولذلك فإن نمط الاستهلاك كأحد أهم مدخلات المعادلة الاجتماعية لا بد من تغييره نحو الاعتماد على الذات ، وعلى المنتجات الوطنية ، من أجل تحقيق الاستقلال الاقتصادي قبل كل شيء.
لا بد من إحياء الثقافات المحلية في الطعام والشراب واللباس ، لا بد من تحرير الإنسان من التبعية الاستهلاكية للمطاعم العالمية ، إذا أردنا المزيد من الحرية والكرامة والاستقلال .