مؤتمر قونية أ.د كمال حطاب
مؤتمر قونية
أ.د كمال توفيق حطاب
دعيت قبل ثلاث سنوات تقريبا للمشاركة في مؤتمر فقه التجارة الإسلامية في مدينة قونية التركية ، وتكفل المؤتمر بكافة المصاريف التذاكر والفندق وغيرها ،.. وقد كان مؤتمرا مميزا يختلف عن كثير من المؤتمرات التي حضرتها في مختلف دول العالم .
كانت أول مرة ازور فيها هذه المدينة رغم زيارتي لتركيا مرات عديدة ، وقد اكتشفت بأن هذه المدينة ، ضاربة في القدم ، حيث كانت عاصمة لدولة السلاجقة ، وقد أطلق عليها الأتراك مدينة التسامح، ويبدو أن لها حظا كبيرا من اسمها ، حيث يتصف أهلها بالطيب والتسامح وكرم الضيافة .. وقد لمسنا ذلك ، منذ لحظة استقبالنا في المطار من قبل أساتذة جامعة أربكان، وطيلة إقامتنا في الفندق وترددنا على جلسات المؤتمر إلى أن غادرنا هذه المدينة الطيبة ..
تميز المؤتمر بغلبة الروح العلمية عليه .. فالقاعة رغم ضخامتها كانت مليئة بالحضور من أساتذة وباحثين وطلبة، طيلة جلسات المؤتمر التي استمرت ثلاثة أيام ، رغم أن بعض الجلسات كانت تستغرق خمس ساعات .. وهو أمر لم نعتد عليه في العالم العربي ..
كما تميز المؤتمر بمشاركة رجال الأعمال والشركات للجامعات والباحثين ، وحرصهم على تطوير التجارة بما يتفق مع الشريعة الإسلامية ..
اشتمل المؤتمر على خمس جلسات تناولت : مشكلات في التبادل التجاري والتسويق الهرمي ومشكلات الملكية والإجارة المنتهية بالتمليك والبنوك التشاركية والصور الجديدة للإجارة والوعد الملزم .. إلخ .
ومن ملاحظاتي على هذا المؤتمر ما يلي :
– المجالدة والمكابدة والصبر والنفس الطويل عند الأتراك في معالجة المشكلات الفقهية ، حيث كانت تستمر الجلسات خمس ساعات .. إضافة إلى جلسة مسائية للصياغة ربما تستغرق ساعتين ..
– الاهتمام الكبير لدى الأكاديميين الأتراك ورجال الأعمال بالمصرفية الإسلامية ، ومحاولاتهم الدؤوبة لتطهير الاقتصاد التركي من الربا والمعاملات المحرمة .. وقد ظهر ذلك جليا من خلال الحضور والمشاركة في كافة الجلسات العلمية والمناقشات..
– رغم الحرص الشديد على الوصول إلى أحكام شرعية متفق عليها ، فإن هناك مساحة واسعة لاختلاف الآراء ، وهي آراء محترمة لها اعتبارها .
– من الأشياء الجديدة التي استمعنا إليها في المؤتمر ما أطلق عليه بنوك الأبقار أو بنوك الحليب .. فالبنوك الإسلامية في تركيا هي بنوك تشاركية .. ويمكن للأفراد أن يتشاركوا مع البنوك من خلال الأبقار أو الأغنام أو الحليب أو غيرها .
– حضر المؤتمر ضيوف متخصصون من كافة دول العالم من أمريكا وماليزيا ومعظم الدول العربية والإسلامية.
– كان تمويل المؤتمر تمويلا ذاتيا معتمدا على المؤسسات التركية كغرفة تجارة قونية ، والجامعات التركية الثلاثة في قونية ، وغيرها من المؤسسات التركية.
– كان اليوم الأخير للمؤتمر عبارة عن جولة حرة في مدينة قونية ، تجولنا فيها بين الأماكن الأثرية ، ابتداء من مقام مولانا جلال الدين الرومي كما يطلقون عليه ، إلى المدرسة الحديثية التي تعود إلى أيام السلاجقة ، إلى الحديقة الوطنية التي تمتليء بالورود على مدار العام ، ثم إلى مسجد السلطان علاء الدين ، وقبور سلاطين السلاجقة، ثم إلى ضواحي قونية حيث أجمل إطلالة على مدينة قونية من الكافيهات المنتشرة هناك .. والتي تمتليء بالناس ، وتقدم كافة أشكال الطعام التركي والمشروبات الساخنة المستخلصة من الأعشاب الطبيعية ..