خريجو الجامعات ومسؤولية الحكومات أ.د كمال حطاب
خريجو الجامعات ومسؤولية الحكومات
أ.د كمال حطاب
ليس هناك من شك في أن الغاية الكبرى لخريج الجامعة هي أن يتوظف أو يجد عملا يخدم فيه نفسه وأهله ومجتمعه ، ولكن هذه الغاية لم تكن هي وحدها الهدف الأول والأخير لدخول الجامعة وقضاء عدد من السنوات ، ربما تكون هي أجمل وأزهى أيام العمر .
فالتعليم الجامعي لم يكن مرتبطا بالوظيفة بشكل مباشر في الدول العربية والإسلامية ، والدليل على ذلك أن خريج الجامعة لا بد أن يقضي عدة شهور في التدريب العملي قبل أن يلتحق بأي وظيفة .
إذن فما فائدة السنوات التي قضاها في الجامعة ؟ إن التعليم الجامعي يسهم في بناء الإنسان وتكوينه ونضجه ، بحيث يبني شخصية علمية عملية متزنة ناضجة أكثر انضباطا وهدوءً واتزانا ..
ومع ذلك فإن التعليم الجامعي لم يكن بمعزل عن البيئة المحيطة والثقافة السائدة والأوضاع الاقتصادية ، فعندما تكون الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مستقرة ومنتظمة ومرفهة ، فإن مخرجات التعليم الجامعي سوف تكون أكثر نضجا واستقرارا ونفعا للمجتمع ، ويحدث العكس عندما يعاني المجتمع من تدهور اقتصادي ومعاناة اجتماعية ، حيث تكون المخرجات أكثر اضطرابا وضياعا .
إن طلبة الجامعات في الوقت الحاضر يعانون أشد المعاناة من الظروف المحيطة بالعملية التعليمية ، بما ينعكس على مستوى تحصيلهم وبناء شخصياتهم ، بما يؤدي إلى خريجين تائهين ، لا يكادون يعلمون شيئا ، ولا يحسنون عمل شيء غير الهروب إلى الأحلام..
ومن هنا فإن دور الحكومات يزداد أهمية في مثل هذه الظروف من أجل تحسين الظروف المحيطة بالعملية التعليمية ، وكذلك تحسين آليات التعامل مع الخريجين ..
إن أعداد الخريجيين في تزايد ، وكذلك نسب البطالة في ازدياد ، وهذه فجوة تتسع عاما بعد عام ، ولا رادم لها ..
إن اتساع الفجوة بين أعداد الخريجين وأعداد المتعطلين ظاهرة خطيرة ، ينبغي حشد كافة طاقات المجتمع من أجل تخفيف حدتها والعمل على ردمها ..
ولعل المسؤولية الكبرى ينبغي أن تقع على كاهل المؤسسات التعليمية من جامعات ومعاهد ووزارات تعليم عالي تضع الخطط والمناهج وتراقب أوضاع السوق والظروف العالمية المتغيرة .
إن التطورات والظروف العالمية المتغيرة ، وما أفرزته التطورات التكنولوجية من فرص عمل جديدة لم تكن من قبل ، وما أفرزه وباء الكورونا على العالم من تدهور وانخفاض شديد في التشغيل والنمو الاقتصادي في معظم دول العالم ، وإقفال العديد من الأنشطة الاقتصادية ، وبروز العديد من الوظائف والفرص المتعلقة بالعمل عن بعد كالبرمجة والتسويق والأنشطة المتعلقة بإدارة التواصل الاجتماعي والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها من تخصصات ، تفرض على صانعي القرار التوسع في توجيه الطلبة نحو هذه التخصصات ، لمواكبة التطورات المعاصرة ولتلبية احتياجات الأسواق في هذه المجالات حتى بعد الانتهاء من هذا الوباء بإذن الله تعالى .