عودة إلى الصفحة الرئيسية

مهنة التدقيق الشرعي بين المتطلبات الشرعية والقانونية أ.د كمال حطاب

مهنة التدقيق الشرعي بين المتطلبات الشرعية والقانونية
أ.د كمال حطاب
حتى وقت قريب كانت الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي محل شبهة لدى كثير من الباحثين والأكاديميين ، بحجة أن هذه الأعمال الشرعية لا يصح أن تكون مقابل أجر عند كثير من الفقهاء ، وإذا جاز أن تكون مقابل أجر نظرا لوجود جهد وتعب من قبل الموظف في هذه الأعمال ، فإنه لا يصح أن يكون الأجر من الجهة التي يفتى لها أو من أجلها أو من أجل مصلحتها ، نظرا لوجود شبهة كبيرة في مدى تحرر الفتوى أو المراقبة من سيطرة أصحاب رأس المال .. ومن جهة ثانية ولعلها الأهم فإن الحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات ، الأولى تجنبها والابتعاد عنها .. وبالتالي فالمسألة في غاية البساطة ولا تحتاج إلى هيئات ومدربين ومتدربين ومؤتمرات وندوات .. وكما ذكر الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ” قد لاحَظْتُ أن الثقافة الإسلامية حَدَث فيها شيءٌ من العِوَج، وإذا نَظَرْتُ في فقه المعاملات والعبادات أقول : أنا لا أعرف أمة أطالت الوقت في الفروع الفقهية كأمتنا ! ”
غير أن التطورات الأخيرة في مهنة الرقابة الشرعية ودخول التدقيق الشرعي الخارجي في الموضوع ربما ينسف الحجج المتقدمة ، ويدفع عن المسألة الكثير من الشبهات ، ويجعل من هذه المهنة مهنة محترمة ضرورية كباقي المهن التي يحتاجها المجتمع . إن صدور قوانين أو تعليمات من قبل بعض البنوك المركزية في الدول العربية والإسلامية بتنظيم مهنة التدقيق الشرعي وإيجاد مكاتب تدقيق شرعي خارجي ، كما هي مكاتب التدقيق المحاسبي الخارجي ، يعيد لهذه المهنة مكانتها ويزيد في أهميتها كما يزيد في المسؤولية الملقاة على عاتق المراقبين والمدققين وأصحاب مكاتب التدقيق الشرعي ، حيث لا سلطة لأصحاب رأس المال ولا شبهة العمل بدون أجر .. فلا بد أن تقوم هذه المكاتب بأداء دورها بمهنية عالية وضمير حي بحيث يعود للمصرفية الإسلامية ألقها وينقذها من الحيل والخزعبلات واللف والدوران الذي سقطت في مستنقعه سنين طويلة . لا بد من إعادة النظر في العقود المعمول بها وإعادة تصحيحها بما يتفق والمقاصد الشرعية التي تتلاءم مع حاجة الفقراء قبل أن تتلاءم مع حاجة أصحاب رؤوس الأموال .. لا بد من إعادة النظر في كثير من العقود والصيغ والآليات المطبقة بما يعيدها إلى الصراط المستقيم الذي يوصلها إلى الحق .. لا بد من تفعيل الجوانب الإنسانية الخيرية بشكل قانوني وليس بشكل استعراضي أو دعائي ، .. بعد هذه الخطوات يمكن الاطمئنان على أداء المراقبين والمدققين والوقوف إلى جانبهم ودعمهم بكل ما يزيد في قوتهم ويدعم آراءهم وتصويتهم في الجمعيات العمومية ويزيدهم قوة أمام مجالس الإدارات المختلفة .
عندها يمكن للمصرفية الإسلامية أن تتقدم بجدية نحو تحقيق الأهداف والمقاصد الشرعية التي تزيد في تقدم المجتمع وقوته ورفاهيته وتضامنه وتكافله .

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]