مؤسسات الاقتصاد الإسلامي وآثار الجائحة أ.د كمال توفيق حطاب
مؤسسات الاقتصاد الإسلامي وآثار الجائحة
أ.د كمال توفيق حطاب
مع انتشار وباء الكورونا وما تبعه من أزمات متفاعلة ، يقف الباحثون والمتخصصون والمشتغلون في الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية على أبواب تحديات وعقبات جديدة ، تتطلب منهم أن يكونوا على قدر هذه المرحلة ومتطلباتها ..
فلم تعد الكتابات التنظيرية والترفية مقبولة في ظل الأزمات المتلاحقة التي تشهدها دول العالم المختلفة ، ولم يعد المتخصص في الاقتصاد الإسلامي مقنعا ، عندما يتحدث عن الماينبغيات أو ما ينبغي أن يكون ، فالمطلوب في الوقت الحاضر هو سياسات اقتصادية وآليات تنفيذية من أجل المساهمة في الإصلاح الاقتصادي وتخفيف الأزمات التي يتعرض لها العالم .
إن كثرة المؤتمرات والندوات والورش والسيمنارات والويبينارات ، وكثرة الخطابات الإنشائية العاطفية لم تعد مقبولة ولا مقنعة ، وقريبا جدا سوف تكتشف الشعوب أن مؤسسات الاقتصاد الإسلامي والمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية هي مجرد شعارات كاذبة ، وأنها مؤسسات همها الأكبر تحقيق الأرباح والمكاسب مهما كانت المعاناة والآلام التي تعانيها الشعوب ، سوف يكتشفون أن مؤسسات الاقتصاد الإسلامي عبارة عن أكذوبة كبرى ، ما لم ينشغل الباحثون والمتخصصون وأصحاب رؤوس الأموال بتخفيف معاناة الناس ومحاولة إيجاد الحلول لمشكلاتهم الاقتصادية .
سوف يكتشفون أن الاقتصاد الإسلامي بمؤسساته المعاصرة هو مجرد شعارات براقة ووعود جميلة وأحلام وردية ، ما لم ينشغل المعنيون بالاقتصاد الإسلامي بتحقيق المقاصد الشرعية ، وتخفيف حدة التفاوت بين الناس ، والوصول إلى عدالة توزيع الثروة .
سوف يكتشفون أن الاقتصاد الإسلامي بمؤسساته عبارة عن وهم كبير ما لم يقدم القائمون على مؤسسات الاقتصاد الإسلامي حلولا ناجعة للمتعطلين عن العمل والمتضررين بسبب الوباء .
إن مؤسسات الاقتصاد الإسلامي الربحية والخيرية تواجه تحديات كبيرة ، فإذا لم تنجح في مواجهة هذه التحديات فإنها ستسقط سقوطا مدويا ، وسوف تتراجع هذه المؤسسات على حساب تقدم المؤسسات الربوية ، وسوف يتراجع الاهتمام بدراسة الاقتصاد الإسلامي على حساب الاقتصاد الوضعي الربوي ، ما لم يقم القائمون على هذه المؤسسات بوضع خطط عملية وآليات تنفيذية من أجل الإسهام بأكبر نصيب في رفع المعاناة عن البشر ، وإيجاد الحلول للقطاعات الاقتصادية المتضررة ، وتقديم أكبر المساعدات لمن لا يجدون قوت يومهم ، وتقديم فرص العمل لمن لا يجدون عملا .
لم نسمع حتى الآن – وربما كنت مخطئا- عن “وقف لمتضرري كورونا” في أي بلد إسلامي ، ولم نسمع عن تبرعات لأصحاب مؤسسات الاقتصاد الإسلامي الذين تجاوزت ثروات بعضهم المليارات ، ولم نسمع عن قيام أي مؤسسة مالية إسلامية بإيجاد حلول أو تخفيف عن كاهل المدينين المعسرين بسبب كورونا .. بسداد الدين عن المتعثرين أو كفالة الغارمين ، أو تقديم القروض الحسنة مع الشروط المخففة لهؤلاء المتعثرين أو المعسرين.
هذا غيض من فيض مما يمكن عمله ، ولكننا للأسف سمعنا عن عشرات بل مئات الويبينارات واللقاءات عن بعد التي ناقشت آثار جائحة كورونا ، ولكننا لم نسمع – وربما أكون مخطئا- عن خطوات عملية أسهمت في تخفيف هذه الآثار عن ملايين المؤسسات والشركات المتعثرة وملايين العمال المتعطلين .