عودة إلى الصفحة الرئيسية

الكورونا .. ومذبحة العمالة أ.د كمال حطاب

الكورونا .. ومذبحة العمالة
أ.د كمال حطاب
ماذا يريد الإعلام العالمي والقنوات الفضائية بعد نشر الإحصاءات المرعبة لوباء الكورونا ؟ والمواظبة على نشرها بشكل مستمر ؟ ماذا يريدون من الناس بعد انتشار القلق والضيق والتوتر بل والرعب أحيانا لدى معظم شعوب العالم ؟ ماذا بعد التزام العالم بالحجر الصحي الجزئي أو الكلي ؟ ماذا بعد أن فقد الملايين وظائفهم ، وتعطل أكثر من نصف العاملين في العالم عن العمل ؟ هل يريدون إخضاع العالم ؟ وهل يوجد خضوع أكثر من ذلك ؟
لأول مرة في التاريخ تلتزم كافة حكومات العالم وشعوبها بأوامر جهة واحدة ، هي منظمة الصحة العالمية ومن يقف وراءها من أجهزة الأمم المتحدة ومن يسيطر عليها ، بالرغم من وجود اتهامات عديدة للمنظمة بالتقصير من قبل رئيس أكبر دولة في العالم .
هل تريد النيوليبرالية المتوحشة وفقا لنعوم تشومسكي إخضاع العالم وإصابته بالشعور بالتهديد المستمر ؟ من أجل أن لا يرفع أحد رأسه ؟ هل يريدون القضاء على أي شكل من أشكال الديمقراطية تحت سطوة الخوف من الكورونا ؟ هل يريدون دعم وتقوية الحكومات الاستبدادية التي أوجدوها في دول العالم الثالث ؟
هل تم استغلال الفيروس من أجل التخلص من العمالة الزائدة والوظائف المحمولة في مختلف دول العالم ، وما الذي تستفيد منه الحكومات وأصحاب الشركات الكبرى من تسريح ملايين العمال ؟
يبدو أن هذا السؤال هو الأقرب إلى الواقع ، حيث كان التخلص من تكاليف العمالة حلما يراود كبار الرأسماليين منذ القدم ، وكان ذلك من خلال التطورات الصناعية والتكنولوجية ، فكانت الآلة الواحدة تغني عن مئة عامل في بعض الصناعات .
ومع ظهور إنترنت الأشياء والتعليم عن بعد والحكومات والخدمات الإلكترونية ، أصبح من الممكن للحكومات والشركات الاستغناء عن ملايين الموظفين والعمال دون أن تتراجع الأعمال ، بل سوف تتم الأعمال بشكل أفضل وأسرع .
ولكن لماذا تحتاج الحكومات والشركات الكبرى إلى مثل هذه الأزمة من أجل أن تقوم بالاستغناء عن العمالة الزائدة وهل توجد مراعاة للأبعاد الأخلاقية والإنسانية؟
إن ملايين العمال يشكلون أصواتا ضاغطة في الانتخابات في الدول الديمقراطية ، وبالتالي فإن هؤلاء سوف يحدثون قلاقل اجتماعية وسياسية ، ولذلك كان لا بد من إخضاعهم أولا ، وإصابتهم بالقلق والذعر والتهديد المستمر بفيروس الكورونا أو غيره مما يمكن أن يظهر من أوبئة متجددة كما تحذر منظمة الصحة العالمية ، وفي هذه الحالة فسوف يهدأ الناس ويستسلمون لأقدارهم .
في نهاية التسعينات حذر كتاب فخ العولمة للكاتبين الألمانيين بيتر مارتين وهارالد شومان مما يراد بالقوى العاملة في العالم؛ وهو ما يمكن أن يسمى “مذبحة العمالة”؛ حيث يوجد مخطط يطلق عليه “20-80″، ويقصدون بذلك أن 20% من القوى العاملة في العالم سوف تكفي لإنتاج جميع السلع والخدمات وتسيير الاقتصاد العالمي، أما عن الـ 80% العاطلين عن العمل، والذين يرغبون في العمل فسيواجهون مشاكل عظيمة كما يرى الكاتب الأمريكي جريمي ريفكن صاحب كتاب “نهاية العمل”.
غير أن هذا المخطط لم ينجح في ذلك الوقت لعدم وجود المبررات الأخلاقية من جهة ، وخشية من ردود الفعل والقلاقل الاجتماعية والسياسية التي قد تؤثر على الاستقرار العالمي ..
أما اليوم وفي ظل انتشار القلق وشعور معظم الشعوب بتهديد الكورونا وما بعد الكورونا فيبدو أن الظروف مواتية تماما لتنفيذ مثل هذا المخطط .
فهل نحن مقبلون على زمن ” إما أن تأكل وإما أن تُؤكل ” وفقا لتنبؤات صاحبا كتاب فخ العولمة ؟

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]