عودة إلى الصفحة الرئيسية

قرارات مجمع الفقه الإسلامي بين التنظير والتطبيق أ.د كمال توفيق حطاب

منذ ظهرت منظمة المؤتمر الإسلامي قبل أكثر من خمسين عاما ، وهي تصدر القرارات تلو القرارات في جميع المجالات ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، آلاف القرارات لمؤتمرات القمة ووزراء الخارجية والداخلية و… إلخ ، قرارات تتراكم فوق بعضها كالجبال .. إلا أنها في الجانب العملي لم تزد حال الأمة إلا ضعفا وتفككا ، وقد انبثق عن هذه المنظمة عدد من المنظمات والوكالات والأجهزة ، يبدو أن حالها لا يختلف كثيرا عن حال هذه المنظمة .
ولعل من أبرز الأجهزة المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي ، مجمع الفقه الإسلامي الدولي والذي أنشيء بقرار من مؤتمر القمة للدول الإسلامية عام 1981 ، فهل يختلف حال هذا المجمع عن بقية الأجهزة والمراكز والمؤسسات التابعة للمنظمة ؟
فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي منذ ظهوره حتى الآن مئات القرارات .. كان بعضها في الجانب السياسي والاجتماعي ، إضافة إلى الجوانب الصحية والطبية والعلمية .. إلخ ولكن معظم هذه القرارات كان في الجوانب الاقتصادية .. وبشكل خاص في المستجدات والمعاملات المالية المعاصرة .. وبمتابعة إحصائية لهذه القرارات ومدى تطبيقها ، ومدى التزام الأفراد والمؤسسات بها فإننا نلاحظ ما يلي :
:
– إن هذه القرارات معلمة وليست ملزمة ، فهي تشكل تراكما علميا مفيدا في كثير من المسائل والقضايا الفقهية المعاصرة .
– إن معظم العلماء الممثلّين في هذا المجمع هم العلماء المرشحون من قبل وزارات الأوقاف والهيئات الدينية في بلادهم .
– لا يوجد لمجمع الفقه الإسلامي آليات تنفيذية ، لمتابعة تنفيذ قراراته .. فهذه القرارات هي أقرب إلى التوصيات في الغالب .
– لا تقدم القرارات حلولا لمشكلات المجتمع في الغالب بقدر ما تقدم أحكاما شرعية بالجواز أو التحريم ، ولا توجد آليات متابعة لمدى التزام المجتمعات بهذه القرارات .
– إن مسألة الجواز أو التحريم لم تعد كافية للتأثير أو النهوض بحال المجتمعات وإنما لا بد من إيجاد البدائل عن الحرام والوسائل لتطبيق هذه البدائل ، ولا بد من إيجاد الأدوات التي تعين على تطبيق الحلال والحوافز التي تدعم التطبيق .
– يغلب على قرارات المجمع الجواز بضوابط ، وهذه القرارات يساء تطبيقها في الغالب ، حيث تعتبر المعاملات جائزة شرعا ، وتعتبر الضوابط مكملة أو ثانوية لدى كثير من المؤسسات المالية الإسلامية.

ومن أجل الارتقاء بعمل المجمع وتطوير آليات اتخاذ القرارات وتطبيقها عمليا ، لا بد من الخطوات التالية:
– العمل بنظام الحوكمة الإدارية وما يتطلبه ذلك من رشد وإفصاح وشفافية .
– توفر مهنية عالية عند مناقشة القرارات وآليات علمية وعملية محددة لصياغة هذه القرارات وتعميم الاستفادة منها .
– إيجاد آليات تنفيذية يمكن من خلالها تطبيق القرارات من قبل الجهات التنفيذية .
– إيجاد وحدة مختصة في أمانة المجمع لمتابعة تطبيق القرارات ، وما أحدثته من آثار اقتصادية واجتماعية وغيرها .
– لا بد من إشراك أكبر عدد من المتخصصين في العلوم الشرعية والعلوم الأخرى ، والاستفادة مما لدى العلوم الأخرى من مناهج بحثية متقدمة .
– عرض المشكلات المراد بحثها وفقا للأكثر أولوية وإلحاحا في المجتمعات الإسلامية .

إن مرور أكثر من أربعين عاما على صدور قرار تأسيس المجمع ، يشكل فترة زمنية كافية من أجل مراجعة آليات عمل المجمع ، وتقييم مدى استفادة المجتمعات الإسلامية من قراراته الصادرة خلال هذه الفترة .. ومن ثم محاولة إعادة صياغة الأهداف والرؤية والرسالة بما يخدم واقع الأمة عمليا قبل أن يخدمها نظريا.

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]