أمريكا.. أرض الفرص والأحلام ؟؟ أ.د كمال حطاب
في أمريكا أرض الفرص والأحلام كما يقولون ، وحيث يسعى كثير من الشباب في العالم وراء الحلم الأمريكي، لن تجد كافة الأمور كما هي في الأحلام أو الأفلام الهوليودية ، فالواقع في حقيقته مختلف كثيرا عما يحلم به الناس أو يرونه عبر شاشات السينما أو التلفزيون ، ومن خلال الأفلام أو البرامج التلفزيونية ..
فإذا أردت السكن فينبغي أن تختار منطقة أكثر أمنا ، من خلال مواقع التقييم المنتشرة على الإنترنت، حيث لكل منطقة تقييم محدد وفقا لمعدل الجريمة ، وحوادث السرقة ، وغيرها ، وغالبا ما تكون المناطق الأكثر أمنا هي المناطق الأغلى سعرا ، وبالتالي فإن تكاليف الحصول على الأمن كبيرة من حيث السكن ، ومن حيث اختيار مدرسة الأولاد ، وكذلك الأسواق ..
وإذا ما أردت تسهيلات بنكية ، فينبغي أن يكون لك سيرة ائتمانية مرتفعة ، ولن تحصل على معدل مرتفع ما لم يمض على وجودك في أمريكا عدة سنوات دون أي إخلال بالتزام أو تأخر في سداد أو أية ملاحظات سلبية، وينطبق نفس الأمر على المؤسسات المالية الإسلامية أو الربوية .
وإذا احتجت في أمريكا لأي دواء من الأدوية الشائعة في البلدان العربية فلن تستطيع أن تشتريه من الصيدلية ما لم يكن معك وصفة طبيب أمريكي ، وإذا أردت الحصول على موعد مع طبيب فربما تحتاج إلى عدة شهور ، إلا طبيب الطوارئ والذي سيتقاضى منك 150 دولار أو أكثر من أجل كتابة وصفة طبية لدواء معروف ..
وعندما تضطر إلى استخدام المواصلات العامة كالقطارات ، فليس الأمر كما هو في الأفلام ، فقد جربت شخصيا ركوب القطار أو المترو قبل ثلاثة شهور ، وفي المنطقة الواقعة بين أشهر جامعتين في العالم ، جامعة هارفارد وجامعة إم آي تي ، وكانت التجربة صعبة جدا . حيث ركبنا من محطة ” إل وايف ” في مدينة كامبردج ، ونزلنا الأدراج إلى المترو ، وقد كان منظرا صادما ، المحطة قديمة جدا ، وشبه خالية من الناس ، والإضاءة فيها ليست جيدة ، ويوجد كشك أو اثنين لبيع النثريات والمأكولات الخفيفة ، انتظرنا قليلا فوصل القطار ، ودخلنا في إحدى عرباته ، وكانت مفاجأة أيضا ، فالمقاعد شبه متآكلة ، حتى لا تكاد تميز بين الحديد وما عليه من بطانة أو قماش ، وخلال 20 دقيقة كنت قد أصبت بالدوار ، نظرا للضجيج والاهتزاز الشديد ، ونزلنا عند محطة ” كندال سكوير ” ، ولم تكن بأفضل من المحطة التي ركبنا منها ، وكانت تبعد أربع أو خمس محطات عن المكان الذي انطلقنا منه .
وقد جربت القطارات في تركيا وماليزيا ، ولم أجد أسوأ من هذا الذي تورطنا فيه . ففي ماليزيا تجد محطات القطار أشبه بالمطارات من حيث حركة الناس وكثرة المحلات التجارية والإضاءة الشديدة ، وتجد القطارات مريحة جدا . وكذلك في تركيا ورغم الازدحام إلا أن محطات المترو عبارة عن تحف معمارية في الغالب ، والقطارات على مختلف أشكالها مريحة جدا ، ومنظمة جدا .
وللإنصاف لا بد من القول بأن مسألة البنية التحتية في كثير من المرافق هي محل نظر الحكومة الأمريكية ، حيث يعلنون باستمرار بأن كثيرا من المرافق والبنية التحتية في أمريكا بحاجة إلى التجديد ، خاصة موضوع الطرق والقطارات ووسائل المواصلات ، وقد وافق الكونغرس الأمريكي في شهر نوفمبر الماضي ، على مشروع تجديد البنية التحتية ، وخصصوا له قريبا من تريليون دولار .. تحت عنوان infrastructure deal ” ” ، ويتوقع أن يوفر هذا المشروع آلاف فرص العمل للأمريكيين ، غير أن هذا المشروع قد يستغرق سنوات طويلة ، وهذه السنوات ستكون ثقيلة جدا على كل من يتخيل أمريكا أرض الفرص والأحلام .