نحو وكالة تصنيف إسلامية أ.د كمال توفيق حطاب
نحو وكالة تصنيف إسلامية
أ.د كمال توفيق حطاب
توجد في العالم اليوم أكثر من 150 وكالة تصنيف ائتمانية ، أشهرها موديز وستاندر أند بورز ، وفيتش ،.. ولا تكاد توجد في المنطقة الإسلامية سوى وكالتان في ماليزيا .. أما الدول العربية فلا توجد فيها أي وكالة تصنيف ائتمانية ..
وتتنوع وظائف وكالات التصنيف الائتمانية من تصنيف الدول والحكومات إلى تصنيف البنوك والمؤسسات المالية إلى أن تصل إلى تصنيف إصدارات الديون والسندات وأخيرا الصكوك الإسلامية ..
وتتقاضى هذه الوكالات مبالغ باهظة مقابل إعطائها التصنيف المناسب لحالة الدولة أو البنك أو المؤسسة أو الديون والصكوك .. فتصنيف الدول بمراتب عالية ، يمكنها من الحصول على قروض من الأسواق المالية الدولية ، كما يمكنها من إصدار سندات أو صكوك دولية .. وكذلك تصنيف البنوك أو المؤسسات المالية بمراتب عالية يمنحها ثقة أكبر من قبل العملاء وكذلك من قبل الجهات الرقابية .. أما تصنيف الديون أو الصكوك بشكل جيد ، فإنه يعمل على تسويقها وزيادة الإكتتاب بها ..
وتنحصر وظيفة التصنيف بشكل أساسي في قياس وتقويم حجم المخاطر الائتمانية التي تحيط بهذه الدولة أو البنك أو الديون أو الصكوك ..
فهل هذه الوظيفة مهمة مستحيلة تعجز عنها عقول العرب والمسلمين ؟ ولماذا لم توجد أية وكالة تصنيف ائتمانية في العالم العربي بالرغم من وجود مثل هذه الوكالات في كثير من دول العالم ؟ وهل يمكن إنشاء وكالة تصنيف ائتماني في الدول العربية ؟
تسعى دبي بعد إعلانها عاصمة للاقتصاد الإسلامي إلى محاولة إنشاء هذه الوكالة ، وقد صرح عدد كبير من المتخصصين والخبراء بإمكانية إنشاء وكالة تصنيف ائتماني في دبي شريطة أن تلتزم بأهداف محددة تقوم بها وتركز على الإصدارات بالعملة المحلية … فربما لا يمكنها منافسة وكالات يعود تاريخها إلى أكثر من مئة عام .. كما صرح بعض الخبراء ..
لقد باتت الحاجة ماسة ، لوجود وكالة تصنيف ائتماني عادلة ، ذات مهنية عالية ، خاصة بعد أن ثبت فشل وكالات التصنيف الائتماني العالمية في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008 ، حيث كانت معظم المؤسسات المالية والبنوك العالمية حاصلة على تصنيفات عالية ، ومع ذلك فقد أفلست تلك البنوك والمؤسسات ولم تشفع لها شهادات وكالات التصنيف العالمية .
لا بد من وجود وكالة تصنيف عربية وإسلامية تراعي خصوصية المنطقة الإسلامية ، كما تراعي طبيعة البنوك الإسلامية والمعاملات الإسلامية ، وتدرك جيدا أن حجم المخاطر الائتمانية سوف ينخفض بشكل كبير كلما تمسكت الدول والبنوك والموسسات بالضوابط الشرعية .. فمن مصلحة هذه الدول أن تلتزم بالمنهج الاقتصادي الإسلامي ..
إن التمسك بالضوابط الشرعية التي تمنع بيوع الوهم القائمة على المقامرات والمراهنات ، وبيوع الديون والمشتقات والمضاربات المفتعلة سوف يؤدي إلى تخفيض المخاطر الائتمانية بشكل كبير .
كما أن الضوابط الشرعية التي تحث على القبض والحيازة وعدم المتاجرة بالمجهول أو المعدوم أو ما يحيط به الغرر الفاحش سوف تعمل على زيادة الأصول الإنتاجية الحقيقية في المجتمع وبالتالي ترفع من المستوى الائتماني للدولة أو المؤسسة ..
إن إدخال الضوابط الشرعية في المعايير الائتمانية سوف يرفع من مستوى هذه المعايير ويزيد من قوتها في حماية المؤسسات وصيانة الاقتصاد القومي .