حوار الأديان أ.د كمال توفيق حطاب
حوار الأديان
أ.د كمال توفيق حطاب
الحوار بين الأديان أو الحوار بين أهل الأديان مهما قيل فيه من الناقدين ، فإن له ثمارا إيجابية ، فحتى لو كان الحوار بين الخصوم والأعداء فإن له ثمارا إيجابية تتمثل في أن يعرف كل منهم الآخر ، فيحسب له حسابا ، ويتجنب شره .. وهكذا الحوار بين الأديان فيه محاولة للوصول إلى قواسم مشتركة ونقاط التقاء ، تمكن المتحاورين من معرفة بعضهم البعض ، نقاط قوتهم وضعفهم ، والمداخل إلى الاستفادة من خيرهم وتجنب شرورهم ..
في ظل هذه المعاني شاركت في مؤتمر الدوحة الثاني عشر لحوار الأديان في فبراير 2016، والذي ينظمه سنويا مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ، وقد حضر المؤتمر عدد كبير من المعنيين والمتخصصين في الأديان والبابوات والقسس والحاخامات ومدراء مؤسسات ومراكز حوار وحضارات من مختلف دول العالم .. وكانت مظاهرة فكرية عاصفة أحيانا هادئة أحيانا أخرى ، وعلى مدى يومين ومن خلال أكثر من عشر جلسات علمية مغلقة ومبثوثة على الهواء مباشرة ..
لأول مرة أحضر مثل هذا المؤتمر ، وكان فرصة طيبة ، لأعرض وجهة نظر أخرى ، حيث كانت المؤتمرات والندوات على مستوى العالم تركز على التطرف عند المسلمين وكيفية مكافحته ووسائل التخلص منه ، وقد رأيت ضرورة التركيز على التطرف عن المفكرين الغربيين ، فعرضت ثلاثة نماذج لأشهر المفكرين الغربيين .. هانتنجتون وفوكوياما وفريدمان . وعرضت أفكارهم المتطرفة التي تغلق الطريق أمام حوار الحضارات وتغرس في الغربيين عقدة التفوق والعنصرية وتحاول القضاء على التقاليد والعادات والتراث لدى الشعوب الأخرى .. وكانت ردود الفعل لدى البعض عنيفة بأن مثل هذا الخطاب وإن كان موضوعيا علميا إلا أنه غير مقبول ,. وكأن الخطاب ينبغي أن يوجه فقط للمتطرفين المسلمين فقط وهذا في حد ذاته قمع للحوار ومصادرة للرأي الآخر ويتنافى مع هدف المؤتمر وما وجد لأجله ,.
أبدى بعض الباباوات والقسس اعتراضهم على مصطلحات مثل التسامح والتعايش وحسن الجوار .. بحجة أن التسامح معناه أن الطرف الآخر مخطيء ، والتعايش معناه أن الطرف الآخر لا يمكن العيش معه ، وحسن الجوار معناه أن الجار الآخر سيء .. وهذه أفكار غريبة أسمعها لأول مرة .. فالتسامح هو مطلوب من الطرفين لأن الجميع متصور منه الخطأ ، والتعايش أيضا مطلوب من الجميع ، وكذلك حسن الجوار .. وبالتالي لا أدري أي منطق يتبناه هؤلاء ، ومع ذلك هي وجهات نظر أبداها البعض غير أنها لم تجد من يأبه بها .
اعترض بعض القسس على مصطلحات ، اقلية ، وكفار ، مع أنهم يسمون المسلمين غير المؤمنين بدينهم كفارا ، والمسلمون الذين يعيشون في الغرب أقليات .. فلماذا الاعتراض ؟ عاملوا الناس كما تحبون أن يعاملكم الناس .
حتى يكون الحوار سليما مثمرا ، يجب أن يكون هناك تكافؤ بين أطراف الحوار ، خاصة في القوة ، على الطرف الضعيف أن يبذل أقصى جهده بشتى الوسائل لكسب الطرف القوي ، من خلال إقناعه بضرورة التعايش والوصول إلى قواسم مشتركة ..
لكي يكون الحوار سليما مثمرا ، ينبغي متابعة ما تم التوصل إليه من نقاط اتفاق ولا نبدأ من حيث بدأنا في كل مرة ، وإنما من حيث انتهينا ..
لكي يكون الحوار سليما مثمرا ، ينبغي التركيز على الحكماء المنصفين من البشر ، الذين يقرون بالمعروف وينكرون المنكر .. ويقفون مع الحق حيث كان ، ولا ينصرون الباطل أيا كان ..