تقنين المسؤولية الاجتماعية أ.د كمال توفيق حطاب
تقنين المسؤولية الاجتماعية
أ.د كمال توفيق حطاب
في ظل الأزمة المالية العالمية وما نجم عنها من بطالة وكساد وفقدان فرص العمل وازدياد حدة المشكلات ، حاولت الشركات الكبرى والبنوك والمؤسسات المالية ، تجميل صورتها وتحسين أدائها الاجتماعي وزيادة الإنفاق على المشروعات الخيرية والإنسانية ..
وأصدرت المنظمة الدولية للمعايير ( آيزو) معيار 26000 للمسؤولية الاجتماعية عام 2010 ، وتسابقت بعض الشركات والمؤسسات والبنوك التقليدية والإسلامية للحصول على هذا المعيار .
غير أن هذا السلوك لم يكن منضبطا بقانون أو مراقبة رسمية أو مجتمعية ، وبالتالي فقد اختلط هذا السلوك مع الكثير من العوامل التي يمكن أن ترجع لمصالح شخصية أو دعائية أو غيرها ..
إن هذه المؤسسات والشركات والبنوك ما كانت لتحقق الأرباح الطائلة لولا وجودها في مجتمع ومشاركة أبناء المجتمع في تكوين وتحصيل هذه الثروات والأرباح ، وبالتالي فإن فضل المجتمع وأبناء المجتمع على هذه الشركات أكبر من فضل هذه الشركات على أبناء المجتمع ..
ومن هنا فإن مطالبة هذه البنوك والمؤسسات باقتطاع نسبة من أرباحها ، وتوجيهها لمصلحة المجتمع هو أمر ضروري وقانوني ، وبالتالي فلا بد من وضع تشريع لهذا الموضوع يضمن حصول المجتمع وفئاته الفقيرة والمحرومة على نسبة قانونية في حدها الأدنى .. فإذا ما أرادت هذه البنوك أو المؤسسات أن تزيد على هذا الحد ، فعندها يقال لها ليس على الكريم شرط .
إن دعم المشروعات الخيرية والمجتمعية والإنسانية أمر مندوب إليه ومطلوب من الخيرين في كل مجتمع ، ولكن ذلك ينبغي أن يكون بقدر السعة والطاقة ، ” لينفق ذو سعة من سعته ” ومعنى ذلك أن ما يقتطع من أرباح البنوك لأغراض خيرية ، ينبغي أن يكون من أرباح أصحاب رؤوس الأموال وفقا لنسبة رؤوس أموالهم .
ومما لا شك فيه أن البنوك التقليدية والإسلامية هي من أكبر المؤسسات والشركات أرباحا في المجتمع .. وأن أرباحها مضمونة بشكل يقترب إلى نسبة مئة بالمئة ..
وبالتالي لا بد أن يجني المجتمع جزءا من ريع هذه البنوك والمؤسسات بشكل قانوني ملزم .. ولن يتم ذلك إلا في حالة وجود تشريع أو قانون ملزم لهذه البنوك ..