نظام التعليم عن بعد ليس من كوكب آخر أ.د كمال توفيق حطاب
نظام التعليم عن بعد ليس من كوكب آخر
أ.د كمال توفيق حطاب
منذ أغلقت المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية أبوابها قبل ما يقارب الشهرين ، ونحن نسمع ونقرأ من صناع القرار والمسؤولين في التعليم العالي في كثير من الدول العربية ما يطمئن الناس على دراستهم وتعبهم وجهودهم أثناء السنة الدراسية ، وتبارى بعض وزراء التعليم العالي في التهوين من تعطيل المؤسسات التعليمية باعتبار أن التعليم عن بعد سوف يحل المشكلة بسهولة .. وتفاخر بعضهم بأعلى صوته بأن لديه الإمكانات لتطبيق التعليم عن بعد والأمر في غاية البساطة .. وفوجئنا خلال الشهرين الماضيين بتطبيقات استعراضية ، من خلال تخصيص قنوات فضائية خاصة بالتعليم أو الطلب من الأساتذة تصوير محاضراتهم وعرضها على اليوتيوب ، وغير ذلك من أساليب اجتهادية لا تمت إلى التعليم عن بعد بأية صلة ، مما يؤكد بأن بعض مسؤولي التعليم العالي لا يعرفون ما هو التعليم عن بعد ، ولم يسبق لهم أن درسوه أو طبقوه في حياتهم .
ولما كنت قد عملت سنتين في إحدى الجامعات الماليزية كوكيل للجامعة للشؤون الأكاديمية ، وكان نظام الدراسة يشتمل على أسلوبين ، الأسلوب المباشر داخل حرم الجامعة ، والأسلوب غير المباشر ( التعليم عن بعد ) فقد جربت هذا النظام وتطبيقاته وإيجابياته وسلبياته ، لأربعة فصول ، قمت فيها بالتدريس المباشر وغير المباشر ( عن بعد ) ، وكان الطلبة الدارسون عن بعد غالبا من خارج ماليزيا ، وربما يتواجدون في القارات الخمس ، ومع ذلك كنا نعطي المحاضرة بكل سهولة وبما يسمح للأستاذ بالتواصل والتفاعل مع الطلبة وتوصيل المادة العلمية بشكل كامل ، وكان الامتحان النهائي يعقد في عدة مراكز حول العالم ، حيث يقوم مندوبو الجامعة باستئجار قاعات كبيرة مجهزة بأجهزة الكمبيوتر ، والإشراف على الامتحان الذي يكون معدا مسبقا من خلال بنوك للأسئلة في التخصصات المختلفة ، ويقوم الكمبيوتر باختيار أسئلة لكل طالب تختلف عن الطالب الآخر ، ويقوم النظام أو القبول والتسجيل بإعلان النتيجة .
توجد في العالم أكثر من 900 جامعة تدرس بنظام التعليم عن بعد ، ولهذا النظام تشريعات وقوانين معتبرة في معظم دول العالم ، وبالتالي فليس النظام جديدا أو قادما من كوكب آخر ، حتى يتم البحث في تشريعات جديدة ، فلا داعي لإعادة اختراع العجلة ، كل ما يتطلبه النظام ، وحدة تقنية فعالة ذات سيرفرات ضحمة ، أو مركز حاسوب قوي تقنيا داخل الجامعة ، يقوم بالتنسيق مع الجهات الأكاديمية من أجل إتاحة المادة التعليمية في النظام ، وتجهيز بنوك أسئلة للتخصصات المختلفة ..
وبما أن ظروف الوباء الحادث هي ظروف استثنائية أو هي جائحة ينطبق عليها العمل بنظريات الضرورة أو الظروف الطارئة فيمكن التخلي مؤقتا عن كثير من القيود والشروط الخاصة بهذا النظام مؤقتا.. وذلك من أجل إتمام العام الدراسي بشكل مقبول من الجميع ، الطلبة والمدرسين والمسؤولين في الوزارات المختصة .
إن نظام التعليم عن بعد ليس خرافة أو خيالا ، وليس هو قنوات تلفزيونية أو محاضرات على اليوتيوب ، وإنما هو نظام مستقر معروف في الأوساط الأكاديمية التي تطبقه ، وبالتالي فلا داعي لمن لم يجربه أو يعرف عنه شيئا أن يخوض فيه بغلق الأبواب والتضييق على الناس .