مؤتمر نحو نظام نقدي إنساني عادل أ.د كمال حطاب
مؤتمر نحو نظام نقدي إنساني عادل
أ.د كمال حطاب
تابعت في اليومين الماضيين وعلى فترات متقطعة مؤتمر ” نحو نظام نقدي إنساني عادل ” من خلال بثه المباشر على يوتيوب أو فيس بوك ، وهو المؤتمر الثالث الذي تنظمه أكاديمية إيفي للتمويل والاقتصاد الإسلامي ، بالتعاون مع جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم ، وعدد من الجامعات والمؤسسات العلمية ..
وقد لفت نظري في هذا المؤتمر عدة أمور في حدود ما تابعته من جلساته وبحوثه والمشاركين فيه ، أود طرحها هنا تفعيلا وإثراء لنتائج المؤتمر ، وما يمكن أن ينبني عليه مستقبلا ، يمكن تلخيصها فيما يأتي :
– التنظيم الدقيق للمؤتمر، رغم أنه عبر منصة إلكترونية .
– حضور عدد لا بأس به من كبار الأساتذة في التخصص ، وشيوع جو الحوار العلمي الهادئ بين كبار العلماء رغم الاختلاف الكبير في وجهات النظر .
– عنوان المؤتمر مشتق من كتاب ” نحو نظام نقدي عادل ” للدكتور عمر شابرا ، والذي فاز بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1990 ، ولا شك أن بعض بحوث المؤتمر قد تطرقت إلى الدروس المستفادة من هذا الكتاب .
– أفهم من عنوان المؤتمر أن المقصود هو نحو نظام نقدي دولي عادل ، وبالتالي فإن البحوث النظرية التي ركزت على خصائص النظام النقدي المحلي لكل دولة أو المفترض لأية دولة هو ليس محل المناقشة في المؤتمر ..
– من المعلوم أن نظام النقد الدولي يتكون من الاتفاقيات الدولية الخاصة بتسيير شؤون النقد والمدفوعات الدولية ، ومما هو مؤكد أن المسلمين لم يسهموا في إنشاء هذه الاتفاقيات أو المشاركة في تأسيسها ، وبالتالي كنت أتمنى لو ركز بعض الباحثين على هذه الاتفافيات ، وقاموا بالتعليق عليها من منظور إسلامي ، ابتداء من بريتون وودز ، فاتفاقية جامايكا ، فحقوق السحب الخاصة ، فالأسموثنيان ، .. إلخ ، كنت أتمنى أن يكتب البعض حول الاتفاقيات النقدية بين الدول السبعة العظام أو G7 ، وربما يوجد بعض الباحثين قد غطى هذه الجوانب ، ولكنني لم أطلع عليها .
– وجدت دعوات عديدة لإصلاح نظام النقد الدولي ، وتشكلت لجنة من صندوق النقد الدولي أطلق عليها لجنة العشرين للنظر في إمكانية إصلاح نظام النقد الدولي .. ومنذ وجود النظام عام 1944 ، تمت عدة عمليات إصلاح ، مثل إصدار حقوق السحب الخاصة ، والتعويم ، ومراجعات عديدة لحصص الأعضاء في الصندوق ، إلا أن هذه المحاولات الإصلاحية لم تخفف من حجم الظلم الموجود في النظام ، ولم تعمل على الحد من الأزمة النقدية العالمية .
– إن استئثار الولايات المتحدة بما يقارب خمس قوة التصويت في صندوق النقد الدولي والمنظمات الأخرى ذات العلاقة ، يعطيها حقا أشبه بالفيتو في القرارات الاقتصادية والمالية الدولية ، وربما يكون هذا الجانب من أبرز جوانب الظلم التي ينبغي إصلاحها .
توجد موضوعات عديدة لم أرها في عناوين الأبحاث المقدمة ، وربما تكون الأبحاث قد غطتها بشكل غير مباشر ، ولكني لم أطلع على الأبحاث المقدمة حتى الآن ، ومن هذه الموضوعات ما يلي :
– النظر في كل محاولات إصلاح نظام النقد الدولي التي قامت بها العديد من الدول وشكلت لها لجان دولية وإعادة تقييمها والإضافة عليها .
– النظر في نتائج اجتماعات عدد من المؤسسات الإسلامية مثل المجلس العام وأيوفي مع البنك الدولي وما ترتب على هذه الاجتماعات من نتائج .
– النظر في نتائج المؤتمرات الإسلامية الدولية التي عقدت في عدد من الدول العربية ، وحضرها عدد كبير من مسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالاشتراك مع المؤسسات المالية الإسلامية .
– النظر في تجربة منظمة التعاون الإسلامي ، والبنك الإسلامي للتنمية ، وغرفة المقاصة الإسلامية ، وغيرها من المؤسسات الإسلامية ، والنظر في إسهاماتها في مجال إصلاح النظام النقدي الدولي .
– تقييم دعوة مهاتير إلى الدينار الإسلامي بشكل علمي ، ومدى إمكانية نجاحها .
– إن تجارب التكامل النقدي والتي تمر عادة بالتنسيق النقدي ، واتحاد مدفوعات ، وتجميع احتياطي .. إلى أن تصل إلى التوحيد النقدي ، تتطلب إرادة سياسية من مجموعة من الدول ، ودون ذلك فإن كافة الجهود تبقى حبرا على ورق . ومع ذلك فيمكن أن يتم ذلك بشكل تدريجي ، من خلال التنسيق والتشاور والتعاون ووجود اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف إلى أن تصل إلى مناطق التجارة الحرة والسوق الإسلامية المشتركة والعملة الواحدة .
– إن موضوع العملات الافتراضية لا يمكن أن يكون حلا أو إصلاحا لنظام نقدي دولي أو محلي ، وذلك لأنها أكبر فقاعة عالمية للمضاربات والمقامرات عبر التاريخ ، وموضوع العملة هو موضوع سيادي ، لا بد فيه من دول وحكومات ، فما لم يتم تبني هذه العملات من قبل الحكومات ، وهذا يعد مستحيلا فنيا وتقنيا ، فإن هذه العملات ستبقى ملاذا للمقامرة وتحقيق الربح السريع ومحاولات تبييض الأموال والكسب غير المشروع .