خريجو الجامعات.. وغياب التقدير أ.د كمال حطاب
تابعت قبل يومين على اليوتيوب حفل تخريج طلبة الفوج السابع والخمسين من طلبة الجامعة الأردنية ، وقد لفت انتباهي حجم الفرح والشغف والانطلاق في عيون ووجوه الخريجين ، ففرحت لفرحهم وتذكرت هذه الاحتفالات أيام تخرجت من جامعة أم القرى ، وأيام شاركت في هذه الاحتفالات، كأستاذ في الجامعة ، في جامعة اليرموك ، والجامعة الأردنية ، وغيرها من الجامعات التي عملت فيها في باكستان وماليزيا والكويت وغيرها ..
من حق الخريجين أن يفرحوا ، ومن حق ذويهم أن يشاركوهم الفرح ، ومن حقهم أن يترجموا هذا الشغف والانطلاق والحب إلى إنجاز وعطاء وعمل ، من حقهم أن يكون لهم عمل ووظائف تنتظرهم ، يطبقون فيها ما تعلموه ، فينفعون أنفسهم وأهليهم ومجتمعهم . من حق هذه الطاقات الشبابية أن تجد لها تصريفا نافعا ، واستثمارا مفيدا ، ومشاركات بناءة في خدمة المجتمع بكافة مرافقه .. من حق هذه الأجيال أن تواصل المسيرة ، في بناء أسر صالحة ، تسهم في بناء مجتمع صالح ..
غير أن من أكثر الصور التي كانت تتردد على ذهني وأنا أشاهد هذا الحفل البهيج ، صور الشباب والشابات من موزعي طلبات وكريم وغيرها من شركات الديليفري .. والذين يقدرون بالآلاف ، ومعظمهم من خريجي الجامعات بمختلف التخصصات ، وصور سائقي الأوبر وكريم وغيرها من شركات التاكسي ، .. صحيح أن هذه أعمال شريفة محترمة ، يقدّر أصحابها على تعبهم وجهودهم ، لأنهم لم يرتضوا بالجلوس ، انتظارا لديوان الخدمة أو لأي وظيفة أخرى .. غير أن العمل في التخصصات التي قضوا شطرا من أعمارهم في تعلمها وإتقانها سيكون أنفع لهم وللمجتمع ..
ما الذي يمنع من وجود تخطيط وتنسيق بين الجامعات بأقسامها المختلفة ، والشركات والمؤسسات العامة والخاصة ، بحيث يقوم أصحاب العمل بتزويد الجامعات باحتياجاتهم من التخصصات للعمل في الحاضر والمستقبل ، بحيث توجد إحصاءات دقيقة حول ما ينقص هذه الشركات والمؤسسات من التخصصات لعدة سنوات قادمة .. فيحدث التنسيق بين هذه الشركات والجامعات ، أثناء دراسة الطلبة ، ويمكن أن يتدرب الطالب لدى هذه الشركات .. بحيث تكون له الأولوية في العمل بعد تخرجه .
ما الذي يمنع مؤسسة الضمان الاجتماعي من القيام بهذه الوظيفة ، خاصة وأن لديها معلومات دقيقة عن كل شركة ومؤسسة وصاحب عمل ، فتقوم ومن خلال هذه المعلومات بحساب ، معدل نمو للأعمال ، من خلال مؤشرات الزيادة في الرواتب ، ونسبة ما يدفع للضمان ، وكذلك المعدل السنوي في التوظيف في كل مؤسسة أو شركة أو منشأة .
لماذا لا يقوم ديوان الخدمة المدنية بإيجاد إحصاءات دقيقة لكافة التخصصات ، ومن خلال سلاسل زمنية لعشر سنوات ماضية ، وعشر سنوات لاحقة .. حول حجم التوظيف ونموه ومستقبله في كل مؤسسة أو شركة أو منشأة عمل ..
لماذا لا تقوم كل نقابة عمل ، بتوفير مثل هذه الإحصاءات ، اتحاد العمال ، نقابة المهندسين ، الأطباء ، الصيادلة ، .. إلخ
إن قيام جهة خاصة مختصة بالتوظيف بتوفير هذه الإحصاءات ، وإجراء التنسيق المطلوب بين الخريجين وأصحاب العمل ومؤسسة الضمان الاجتماعي ، كفيل بالحد من معدلات البطالة وزيادة فرص التشغيل ..
إن من أبسط حقوق الخريجين أن يفرحوا ، وأن يرفعوا أيديهم احتفالا بالنجاح ، كما أن من حقهم على المجتمع وعلى الدولة أن ينالوا التقدير والمكافأة على إنجاراتهم ، فليس أقتل للفرح من عدم التقدير ، وليس أضيع للإنجاز والإبداع من عدم المكافأة ..
وصور الشباب والشابات الذين يحاولون أن يكون لهم أثر ومتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي