عودة إلى الصفحة الرئيسية

يوم الثمانية بلايين نسمة أ.د كمال حطاب

وفقا للأمم المتحدة فإن اليوم الثلاثاء 15 -11-2022 يعتبر هو اليوم الذي وصلت فيه البشرية إلى ثمانية بلايين نسمة .. وقد أطلقوا من قبل على اليوم الحادي عشر من تموز عام 1987 يوم الخمسة بلايين نسمة ، أي أن البشرية قد ازدادت ثلاثة بلايين نسمة خلال خمس وثلاثين سنة ، هذا بعد خصم الملايين وربما المليارات من الوفيات نتيجة الإجهاض والمجاعات وسوء التغذية والأمراض والجوائح وضحايا الحروب ..إلخ
وقد كانت الأمم المتحدة بمنظماتها المتعددة وأبواقها المنتشرة على مستوى العالم ، تدق ناقوس الخطر وتحذر العالم من الانفجار السكاني ، وتعلن إحصاءات خطيرة حول التزايد السكاني السريع ، فيقولون مثلا بأنه مع مطلع شمس كل يوم تزداد الأفواه التي تطلب الطعام أكثر من مئتين وخمسين ألف فم ، وفي كل شهر تضاف الى العالم مدينة جديدة في حجم مدينة القاهرة .
ويرددون النبؤة المالتوسية بأن كوكب الأرض لا يمكنه تحمل الزيادة السكانية التي سوف تكون خطرا على الموارد النادرة ، والتي لن تكفي البشر .. وقد ثبت علميا خطأ نظرية مالتوس وفشلها عمليا وتاريخيا ..
أما مسألة الندرة بمعنى أن الموارد لن تكفي البشر فهي أيضا خطأ علمي تم تسويقه لأغراض سياسية واقتصادية ومن أجل السيطرة على الموارد وإخضاعها لتحكم الشركات العالمية الكبرى كما حاصل في الوقت الحاضر..
وقد تحدث عن هذا الخطأ كل من فرانسيس مورلابيه وجوزيف كولينز في كتبابهما صناعة الجوع خرافة الندرة حيث وجدا أن معظم المناطق التي ضربتها المجاعة في العالم كانت بسبب سيطرة القلة على الموارد ومنع معظم الناس من الوصول إليها ,.
إن المتابع عن كثب للتحذيرات من زيادة السكان يجد أن معظم هذه التحذيرات تطلق في الدول النامية والدول الإسلامية بشكل خاص ، بينما في الدول المتقدمة يشجعون بكافة الأدوات والحوافز زيادة السكان ، ويقدمون المكافآت على الولد الأول ويضاعفونها على الثاني وهكذا ..
إنهم ببساطة يعتبرون الزيادة السكانية في الدول النامية خطرا على رفاهيتهم .. وتهديدا لما يتمتعون به من موارد ورفاهية ..
إن الانفجار السكاني أو القنبلة السكانية هي أكذوبة كبرى يراد بها تحقيق أغراض سياسية واقتصادية.. من خلال تمكين القلة من أصحاب النفوذ وأصحاب الشركات الكبرى المتعددة الجنسية من التحكم في معظم ثروات العالم .
لقد عملت معظم حكومات الدول الإسلامية على تطبيق سياسات تحديد النسل أو تنظيم النسل والمباعدة بين فترات الحمل فانخفضت نسبة الزيادة السكانية في معظم الدول الإسلامية خلال الثلاثين سنة الماضية ، ورافق ذلك أيضا انخفاض مستويات الدخول ومستويات المعيشة والرفاهية ، ونسبة الرعاية الصحية والتعليمية في معظم هذه الدول ، مما يؤكد على أن الزيادة السكانية ليست هي السبب في التخلف والفقر .. وإنما السبب يعود إلى فشل السياسات التي تمارسها هذه الدول في ظل انتشار الفساد والمحسوبية والتبعية الاقتصادية والسياسية ..
إن عملية المباعدة بين فترات الحمل بقصد التربية ومراعاة الظروف الصحية للمرأة من الأمور المقبولة والمطلوبة شرعا .. غير أن انتشار ثقافة تحديد النسل هو الأمر المرفوض شرعا وفقا لكافة المجامع الفقهية المعتبرة .. فتنظيم النسل أو المباعدة بين فترات الحمل هو أمر خاص بكل زوجين لأنهما الأعرف بظروفهما الصحية والتربوية .. أما إصدار قرار بتحديد النسل على مستوى الأمة أو الدولة فهو الأمر المرفوض شرعا ..
إن عملية تحديد النسل أو تنظيمه ليست هي الحل لمشكلات البشرية ، وإنما الحل في تكامل الأغنياء مع الفقراء والأقوياء مع الضعفاء والارتقاء بالشعوب الفقيرة والمعدمة .. حتى ينعم الجميع بمعدلات متقاربة من المعيشة الإنسانية ومستويات لائقة من الرفاهية .
إن يوم الثمانية بلايين نسمة ينبغي أن يكون تذكيرا للناس بأخوتهم الإنسانية ، وأن كل إنسان محسوب ضمن الثمانية بلايين نسمة له الحق في التمتع بكافة الحقوق التي كفلتها الشرائع السماوية والإنسانية ..

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]