المفسدون في الأرض أ.د كمال حطاب
لست عنصريا ، ولا أؤيد من يتهم الناس بسبب عرقهم أو لونهم ، فالناس سواسية ، ولا فرق بين أبيض وأسود .. إلخ ، غير أن استقراء أحوال الشعوب والتاريخ ، يوضح أن لكل شعب أو ملة أو طائفة خصائص ربما تتجذر فيهم حتى في جيناتهم ، وقد يعود ذلك بسبب اختلاف بيئاتهم وظروف معيشتهم بما ينعكس على سلوكياتهم وأخلاقهم وحتى أشكالهم .
فعرب الجاهلية في معظمهم ، كما أورد أبو الحسن الندوي الهندي في كتابه السيرة النبوية عند بحثه عن سر اختيار جزيرة العرب مهبطا للوحي ، فوصف العرب بأنهم ” اكتسبوا من الصحراء الخشونة والقساوة والصفاء وسلامة الفطرة ، ومن أكل الجمال الغيرة والغلظة” .
وبعض الشعوب قد تكون لهم صفات خشونة وقسوة وقوة تحمل ، كالقبائل الجبلية في القوقاز واليمن والأفغان وغيرهم ..
أما اليهود في معظمهم ، فقد وصفوا عبر التاريخ ، بالانطوائية والعزلة كما وصفوا بالشح والبخل والحرص على الحياة ، والجشع والمراباة والظلم والاستغلال والجبن ونقض العهود والمواثيق .. وردت صفاتهم في الكتب السماوية وفي كتب التاريخ ، وقد أكد بعض هذه الصفات شكسبير في مسرحيته الشهيرة ” تاجر البندقية ” والتي كانت تعرض على مسارح لندن وباريس قبل أكثر من 200 عام .
ولا يمنع ذلك أن بعض اليهود الذين أسلموا كانوا من كبار الصحابة الذين نترضى عليهم بعد إسلامهم ، وعلى أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب ، ولا يمنع كذلك من وجود يهود معارضين للصهاينة وللاحتلال الصهيوني البغيض مثل جماعة ناطوري كارتا .
ولذلك فإن الحديث التالي يخص اليهود الفاسدين المفسدين الذين ذكرت بعض أوصافهم في القرآن الكريم ، ونفس الأوصاف تنطبق على المحتلين الغاصبين لفلسطين ، القتلة المجرمين ، المعتدين على البشر والشجر والحجر ، وعلى كافة المقدسات ، المنتهكين للحرمات والقداسات ، والمنتهكين لحرمة الأحياء والأموات ..
إنه الحقد الصهيوني الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية ، أحكام بالسجن بعشرات المؤبدات ، واعتقال للأحياء والأموات .. فهناك اعتقال واختطاف وحجز لجثامين الشهداء من الرجال والنساء لعشرات السنوات ..
وقد أورد القرآن الكريم بعض عقدهم النفسية المرضية والتي تنطبق على معظمهم حتى وقتنا الحاضر ، مثل العنصرية المقيتة ، والاستعلاء والتكبر على الآخرين ، فقد سولت لهم نفوسهم المريضة أنهم شعب الله المختار ، وأنهم قد ضمنوا الدنيا وكذلك الآخرة ، فأوضح الله كذبهم بتحديهم بتمني الموت ، ولكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ، فهم أشد شعوب الأرض حرصا على الحياة، ، قال تعالى ” وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُون ” ( البقرة ، 96 )
ومن عقدهم النفسية المرضية نقض العهود ، استخفافا وانتقاصا لبقية البشر ، فقد نقضوا عهودهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما نقضوا عهودهم مع موسى عليه السلام . وها هم اليوم ينقضون العهود والاتفاقيات على مرأى العالم وسمعه .. كما أنهم عبر التاريخ قتلة الأنبياء وقتلة المصلحين الذين يأمرون الناس بالقسط ، وقتلة الأطفال والنساء والشيوخ .. وفي العصر الحاضر وجدت كتب كثيرة لمؤلفين غربيين تُجمع على أنهم في الغالب ، وراء كل جريمة أو اغتيال أو إفساد في الأرض ..
وما يقومون به في فلسطين يوميا من قتل وتشريد وأسر واعتقال وهدم للبيوت واعتداء على الحجر والشجر والمحاصيل الزراعية لا يخفى على أحد ..
إن هذه العقد النفسية المرضية ، وهذا الإجرام الذي يمارسونه ، لا يمكن أن يستمر ، فلكل فعل رد فعل ، وكما تدين تدان ، سواء على مستوى الأفراد أو الشعوب أو الدول .. إن هذه الفئة المجرمة لا بد أن تواجه القصاص، ولا يمكن أن تعيش بسلام ، لأن في هذا خلاف للمنطق وخلاف للتاريخ وخلاف للنواميس والسنن الكونية .
إن هؤلاء المجرمين لا يزالون مستمرين في طغيانهم وجرائمهم بحق الشعب الفلسطيني ، ففي كل يوم يسقط شهداء وجرحى في فلسطين ، وفي كل يوم مصادرة أراض، واعتداءات على البيوت والأشجار والمحاصيل الزراعية ، وحتى المقابر لم تسلم منهم .. إنهم مستمرون في طغيانهم وإجرامهم .
وبالتالي لا بد أن ينالوا جزاءهم الذي وعدوا به في قوله تعالى ” وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ” ( الإسراء ، 7 ) فلا بد أن يصيبهم التبار وهو الهلاك والخراب والدمار ، قال تعالى على لسان نوح عليه السلام ” وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ” ( نوح ، 28 ) ، لا بد أن يجدوا نتيجة ما قدموا .. ويواجهوا مصيرهم النهائي الذي يخلص الأرض من شرورهم وظلمهم وطغيانهم ، ولا شك أن ذلك سيكون قريبا بإذن الله .