بتروناس الأردن أ.د كمال حطاب
في أجمل بقاع عمان ، حيث حدائق الحسين ، يقع متحف الأطفال ، زرته مع العائلة والأحفاد قبل أيام ، فتذكرت على الفور معرض بتروناس للعلوم في (كي إل سي سي) كوالالمبور سيتي سنتر بماليزيا، والذي زرته مع العائلة أثناء إقامتي في ماليزيا قبل أكثر من عشر سنوات ..
يشتمل متحف الأطفال الأردني على عدد كبير من الأنشطة التعليمية ، إضافة إلى مكتبة للأطفال تضم كتبا متنوعة خاصة بالأطفال إضافة إلى ألعاب الليجو ، والمزرعة التعليمية .. إلخ ، ويتجمع الأطفال حول العديد من الأنشطة مثل السوبرماركت التمثيلي ، وألعاب توليد الطاقة ، وحركة الرياح ، وخيمة المجموعة الشمسية ،والتعرف على الجسم البشري ، وعشرات من الأنشطة التعليمية وألعاب المياه وغيرها .. ويشرف على المتحف مجموعة متميزة من الشباب والشابات المتطوعين لشرح الأنشطة والألعاب التعليمية التي تترك أثرا جميلا في نفوس الأطفال ..
تنتشر في كل زاوية العديد من الشاشات التلفزيونية التي تضم أنشطة تفاعلية للأطفال ، وتسمح بعض الشاشات للأطفال بتسجيل تعهداتهم بالمحافظة على المياه والبيئة .. كما تسمح بعض الشاشات بطباعة أنشطة صحفية أو عملات نقدية .. إلخ
يبدو أن جهودا كبيرة تبذل من أجل تطوير هذا المتحف للارتقاء بمستوى التعليم التفاعلي للأطفال، وإضفاء أجواء من المتعة والمرح للأطفال ، وإدخال السعادة على قلوب أولياء الأمور المرافقين .. وهي جهود مقدرة ومشكورة ..
إن بين المعرضين في الأردن وماليزيا تشابه كبير ، غير أن حجم التشويق والتجديد والابتكار في ماليزيا كان أكبر ، كما أن تفاعل الموظفين والموظفات مع الزائرين من الأطفال بشكل خاص كان أفضل .
في ماليزيا تجد الفكاهة والمتعة ممزوجة بالعلوم والكيمياء والرياضيات ، حيث يجد الزائر للمعرض الدائم الذي تقيمه شركة بتروناس ، يجد كافة الاختراعات التي عرفتها البشرية معروضة بأسلوب شيق يدركه الصغار قبل الكبار ويتفاعلون معه ، فها هي العربات الكروية الخاصة تنقل الزائرين وكأنهم في مركبة فضائية عبر الغابات المطرية الماليزية فيتعرفون على جمال الطبيعة ويتفاعلون معها ، ومن ثم ينتقل الزائر إلى عصور الديناصورات ، والبراكين ويستطيع أن يتلمس الحجارة القديمة والمناجم ، ويشم رائحة المناجم ، يلي ذلك الوصول إلى عصر الكهرباء ثم الفضاء حيث يندمج الزائر بالنظر في التلسكوبات ومشاهدة نفسه داخل البزة الفضائية ومشاهدة نفسه بالأشعة تحت الحمراء ..
إن متحف الأطفال في حدائق الحسين يمثل نموذجا رائدا في مجال الرعاية التعليمية ، والتحفيز على الابتكار والإبداع ، كما يمثل فرصة حقيقية للأطفال لممارسة بعض الأنشطة التعليمية ، وإطلاق العنان لخيالهم العلمي ، بما يزيد من قدراتهم الابتكارية والإبداعية . غير أنه ربما يكون بحاجة إلى بعض الأفكار الجديدة التي تصلح لأولياء الأمور .
فالأطفال لا يأتون إلى المتحف وحدهم ، ولذلك من الضروري وجود بعض الأنشطة للكبار ، كما هو متحف بتروناس في سراي مول التابع لأحد البرجين التوأمين في كوالالمبور .
من الضروري توسعة المطعم أو الكافيه بحيث يمكن الجلوس فيه لساعات ، وكذلك المصلى والمكتبة بحيث تشمل ركنا للكبار أو أولياء الأمور المرافقين .. كذلك زيادة الأيام المجانية حتى يستفيد أكبر عدد ممكن من الأطفال .
غير أن ما لا يمكن أن أنساه من زيارتي الوحيدة لمعرض بتروناس للعلوم في ماليزيا ، تلك الرحلة التي قطعناها في طائرة هيلوكبتر ( سميوليتر ) باتجاه منصات النفط العائمة لشركة بتروناس ، حيث واجهت الطائرة مطبات عنيفة كادت أن تسقط على الماء لولا مهارة الطيار الذي هبط بالطائرة بشكل آمن على إحدى المنصات العائمة لشركة بتروناس .. وبالفعل نزلنا من الطائرة من الباب الآخر وكنا في نموذج لمنصة نفط عائمة ، لا تختلف عن أي منصة عائمة حقيقية .. طبعا كانت تلك الرحلة في نموذج طائرة ثابت ( سميوليتر ) ولم نتحرك خلال الرحلة سوى بضعة خطوات داخل المنصة العائمة ..
إن بين المعرضين تشابه كبير .. وربما يكون متحف الأطفال في الأردن أكثر تخصصا باعتباره مخصصا للأطفال .. أما معرض ماليزيا فهو للأطفال والكبار على السواء .. ولذلك يكثر مرتادوه، كما أنه يقع في أهم معلم سياحي في ماليزيا حيث البرجين التوأمين .
في ماليزيا يسمح يوميا لألف وثمانمئة شخص بالدخول ، وتنفد التذاكر قبل الساعة الحادية عشرة صباحا ، وأجمل ما في الأمر أن هذا العدد الكبير يدخلون إلى المعرض دون أي تدافع وفق نظام دقيق ، ممزوج بالتشويق والعلم والمعرفة .
أبدع الماليزيون بإيجاد اللمسات السياحية في كل شيء وفي كل مكان .. مما أوصل دخل القطاع السياحي إلى ما يزيد عن 40 مليار دولار .. ويمكن للأردنيين أن يبدعو في الاستثمار السياحي في هذا المتحف .. وفي حدائق الحسين بشكل خاص ، حيث يمكن إيجاد عشرات بل مئات المرافق السياحية في هذه الحدائق ..