عودة إلى الصفحة الرئيسية

الحمية الجاهلية ؟؟ أ.د كمال حطاب

مدح النبي صلى الله عليه سلم حاتم الطائي بأنه كان يحب مكارم الأخلاق ، وقال صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” . ومدح حلف الفضول، وهو حلف عقده كفار قريش قبل الإسلام ، تعاهدوا فيه على نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم ، وقال عنه صلى الله عليه وسلم : لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت .. ، لما اشتمل عليه من عدالة وإحسان وأخلاق كريمة .
وتحدث الندوي في كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين عن العرب قبل الإسلام ، ولماذا كانت الجزيرة العربية مهبطا للوحي ؟ فأشار إلى أنهم كانوا أهل خشونة وقسوة ونخوة وشهامة ومروءة ونجدة وحمية ..
غير أننا نعيش اليوم بين عرب ليسوا كعرب الجاهلية .. وبين مسلمين ليسوا كالمسلمين الأوائل ..
إن عرب اليوم ليسوا كالعرب الذين نزل فيهم القرآن أو تحدث عنهم ابن خلدون أو ابن بطوطة وغيرهم من الرحالة والجغرافيين ..
فهاهي المقدسات تنتهك ولا نجدة ولا مروءة ولا إغاثة ولا إحساس ولا حمية جاهلية أو إسلامية .. وها هو:
المسجد الأقصى يئن بحرقة مسرى الرسول يهيب بالعباد
لبوا الندا إن اليهود بساحتي فعلوا خسيس الفحش والإفساد
ها نحن نرى الصهاينة يقتلون ويضربون ويعتدون على النساء والشيوخ أمام أعين العالم وكاميرات الإعلام العربي والعالمي .. ولا مجيب ولا مغيث ..
ها هم اليوم يحتفلون بعيد الغفران ، كما يدعون ، وكأن الغفران لا يتم إلا من خلال الاعتداء على المسجد الأقصى .. يحتفلون ويتصايحون ويتصارخون .. وينفخون بأبواق مؤذنة بخرابهم ، وخراب دولتهم ، زعيق البوم والغربان ، يزعجون الناس في مقدساتهم وأماكن عبادتهم .. وفوق ذلك يداهمون المدن والمخيمات في كل صباح ومساء .. بالأمس في مخيم جنين واليوم في مخيم عين شمس وفي كل يوم شهداء ومختطفون من بيوتهم .. والشرعية الدولية الظالمة تراقب ولا تشعر بالقلق .. ولا تحرك ساكنا .. والأمة العربية في سبات .. ولا حمية جاهلية أو إسلامية لنصرة المظلومين ونصرة المقدسات ..
يبدو أن عرب اليوم هم خليط من أنساب وأجناس وأمم شتى ، ولعلهم أخذوا من كل جنس الصفات الأكثر ليونة ورقة وحبا للدنيا .. فالعرب كانوا هم الأكثر خشونة في الطباع والأكثر شجاعة وفروسية وشهامة ومروءة ونجدة وإغاثة للملهوب .. الأكثر عزة وفخرا بأنسابهم وأشرافهم وتاريخهم .. والأكثر دفاعا وحماية لأعراضهم وشرفهم ونسائهم وأراضيهم .. فما بالنا لا نجد هذه الصفات ولا حتى ما يشبهها أو يقترب منها ..
إن الإجراءات التي يمارسها الصهاينة اليوم في المسجد الأقصى غير مسبوقة ، وما لم يتحرك العرب والجيوش العربية ولو بالكلام .. ما لم تتحرك الجيوش الإسلامية ولو بالتهديد .. ما لمت تتحرك الشعوب الإسلامية بالإنكار والاستنكار والمقاطعة للصهاينة وكل من يؤيدهم .. فإن الحكومة الصهيونية المتطرفة ماضية في مشروعها للاستيلاء على المسجد الأقصى .. وهدمه وتحويله إلى كنيس يهودي .. كما هي خططهم المعلنة .. وعندها لا ينفع الندم إذا وجد ندم لدى العرب والمسلمين .. عندها سيقال في العرب ما قالته أم أبي عبدالله الصغير آخر ملوك بني الأحمر ملك غرناطة ..يوم سقطت الأندلس وخرج منها باكيا محسورا مدحورا ..
فابك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال .

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]