غزة .. والمرجفون في المدينة
غزة .. والمرجفون في المدينة
أ.د كمال حطاب
يزاود بعض المنبطحين في بيوتهم المترنحين بين أطايب الطعام والشراب والمتابعون لأحداث غزة كمن يتابعون كرة القدم .. يزاودون على المقاومة بقولهم ، ما كان ينبغي ، وكان ينبغي ، وما داموا لا يستطيعون حماية السكان ، فلماذا المغامرة والتهور والتسبب في قتل الناس ؟ وقد كان الناس يعيشون في بيوتهم آمنين مطمئنين يأكلون ويشربون .. إلخ ، وينسى هؤلاء بأن أهل غزة محاصرون منذ 17 عاما برا وبحرا وجوا ..وأن الاعتداءات الصهيونية عليهم لا تتوقف.. وأنهم لم يكونوا يعيشون مطمئنين في يوم من الأيام .. كما ينسى هؤلاء بأن سكان غزة هم أهل رجال المقاومة .. آباؤهم وأمهاتهم وأخواتهم وأولادهم وأقاربهم .. وهم أكثر الناس حرصا على حياتهم وأمانهم وطمأنينتهم .. غير أن المراقبين من بعيد ليسوا كمن يكتوي بنار الحصار والدمار .
إن لسان حال هؤلاء اللائمين كلسان أولئك المنافقين ” الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ” ( آل عمران ، 168)
ويمعن بعض المرجفين والمشككين في غوغائهم فيتهمون قادة المقاومة بأنهم يعيشون في القصور والفنادق ولديهم الأموال الطائلة في البنوك .. وينسى هؤلاء أن معظم قادة المقاومة الأوائل قدموا أرواحهم لله ابتداء من الشيخ أحمد ياسين .. فالرنتيسي الذي كان يفضل الموت بالأباتشي وغيرهم كثير .. ولا يزال من بعدهم من القادة على الطريق ، وقد قدم اسماعيل هنية عشرات الشهداء من عائلته خلال طوفان الأقصى فقط .. كان آخرهم حفيدته وحفيده .. فهنيئا للشهداء ، ولا نامت أعين الجبناء والمرجفين ، سواء كانوا في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو في أية مدينة وفي أي زمان .. قال تعالى ” ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ” ( الأحزاب ، 60 ) .
إن حال المرجفين في المدينة المثبطين للمقاومين، والمشككين بالنصر، هو حال المهزومين نفسيا، الفاقدين لانتمائهم لأمتهم .. وهو حال المنافقين في كل زمان ومكان .. التثبيط والخذلان والطعن في الظهر .. ولذلك جاءت سورة كاملة في القرآن الكريم باسم ” المنافقون ” تصف حالهم وتحذر منهم .. ” وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ” ( المنافقون ، 4 ) .