هل لك سر عند الله ؟ أ.د كمال حطاب
هذا العنوان مستوحى من قصيدة لشاعر يمني اشتهرت على ألسنة الناس ، خاصة بعد أنشدها بعض المنشدين ، فكانت أنشودة رائعة ولحنا جميلا تطرب له النفس الطيبة .. هل لك سر عند الله .. بينك أنت وبين الله ، هل لك أعمال تخفى .. لا يعلمها إلا الله ..
ومضمون هذه القصيدة منبثق من فكرة ” ادعوا الله بصالح أعمالكم ” التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم عند حديثه عن الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار بصخرة كبيرة ، فلم يخرجوا إلا بعد أن استحضر كل منهم عملا قام به خالصا لوجه الله ، ثم دعا الله بأن يفرج عنهم ما هم فيه ، فتحركت الصخرة ، وخرجوا يمشون .
لا شك أن فكرة أن يدعو كلٌ بصالح عمله ، والتي وردت في هذا الحديث الصحيح هي فكرة متقدمة تؤتي أكلها عندما يوجد في الأمة من أمثال هؤلاء الثلاثة الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم والذين آووا إلى مغارة في جبل فسقطت صخرة فأغلقت باب المغارة .. ، ولا شك أنه يوجد في هذه الأمة من لديه خبيئة أو سر عند الله ، كما أنه يوجد في هذه الأمة الأشعث والأغبر الذي لو أقسم على الله لأبره .، ولا شك أن وضع فلسطين وغزة في الوقت الحاضر هو الأكثر أولوية والأشد حاجة إلى كل دعاء صادق ، من القوي والضعيف، من الغني والفقير ، وبشكل خاص من كل أشعث أغبر ، ومن كلٍ بصالح عمله ، وبالتالي آن الأوان أن يدعو كلٌ بصالح عمله على الصهاينة المعتدين المجرمين .
إن المسلمين اليوم ، وعددهم يقارب المليارين ، مطالبون بأن يدعو كلٌ منهم بصالح عمله من أجل أن ينصر الله أهل غزة ، ويفرج عنهم ، ويجبر خواطرهم ، وأن يهزم الصهاينة المعتدين ويزلزل الأرض تحت أقدامهم ، ويرينا فيهم أياما حسوما ، كأيام عاد وثمود ..
ولا شك أن الدعاء الخالص لله ، لا بد أن يكون مسبوقا أو يترافق مع العمل الجاد والإعداد وبذل كل ما يمكن تقديمه من جهد مادي ومعنوي ..
إن الله عز وجل قادر بكلمة ” كن ” أن يهزم الصهاينة المعتدين ويشتت شملهم ويزلزل الأرض تحت أقدامهم ، قادر على أن يبعث عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات ، وأن يذيقهم سوء العذاب .. ولكنه تعالى يحب أن يلجأ إليه عباده ، وأن يخلصوا في دعائهم ويلحوا في الدعاء بعد أن يبذلوا أقصى جهدهم ويعدوا أقصى إعداد ممكن ..
إن الأعمال الصالحة التي قام بها أولئك النفر الثلاثة هي أعمال عادية يمكن أن يقوم بها أي إنسان في أي مجتمع وفي أي زمان ، وهي لا تتطلب جهدا خارقا أو استثنائيا ، ولكنها تتطلب نية خالصة لله وعزيمة أكيدة على الإخلاص لله ، وبالتالي تحركت لدعائهم الصخرة التي أغلقت باب المغارة ..
إن صخور الصهاينة ودباباتهم التي تحيط بغزة اليوم تتطلب دعوات مخلصة من جنس تلك الدعوات التي قام بها أولئك النفر الثلاثة ، وتتطلب أعمالا خالصة لله ، وأسرارا وخبايا بين العباد وخالقهم ، تؤهلهم لسؤال الله عز وجل ، وتؤهلهم لاستجابة الله عز وجل لطلباتهم ..
وبالإضافة إلى كل ما تقدم يبقى النصر صبر ساعة ، وتبقى حكمة الله عز وجل واضحة في اختبار المؤمنين وتمحيصهم وفي اصطفاء الشهداء ، وهي مكانة عظيمة لا يصل إليها إلا من اصطفاه الله ، من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه .