الذكاء الاصطناعي تطبيقاته وآثاره القانونية.. أ.د كمال حطاب
كان هذا عنوان المؤتمر العاشر لكلية القانون الكويتية العالمية ، والذي شاركت فيه بورقة علمية يومي الأربعاء والخميس 1-2/5/2024 ، وقد امتاز مؤتمر هذا العام عن المؤتمرات السابقة ، بأهمية الموضوع وقوته وضرورته ومواكبته للتطورات الحديثة ، فموضوع الذكاء الاصطناعي هو موضوع الساعة ، غير أن الجوانب القانونية والشرعية في هذا الموضوع لا تزال محدودة ، وبالتالي فإن البحوث التي قدمت في المؤتمر تمثل تغطية مهمة جدا للأدب النظري والعملي في هذا الموضوع ، وقد لفت نظري حجم التطور الكبير والمتسارع في هذا الموضوع .. وقد عرض أحد الباحثين جوانب مهمة في استخدام الذكاء الاصطناعي في كلية القانون الكويتية ، في مجال تسجيل الطلاب ومجالات أخرى عديدة ..، والكلية بذلك تمثل نموذجا رائدا في تبني الذكاء الاصطناعي نظريا وعمليا .
كما تميز المؤتمر عن المؤتمرات السابقة بتبني ونصرة القضية الفلسطينية وأهل غزة بشكل خاص ، من خلال توزيع الشال الفلسطيني على نظاق واسع على المشاركين والحضور ، والذين قام معظمهم بارتدائه ، ولعل ارتداء رئيس الكلية ورئيس المؤتمر لهذا الشال طيلة فترة حضوره ، كان يمثل قدوة حسنة للمشاركين ، غير أن عددا لا بأس به من الأجانب لم يرتدي ذلك الشال ، ومع ذلك فعندما سألت بعضهم وجدتهم مناصرين للقضية الفلسطينية ، ويعتبرون ما يجري في غزة جريمة إبادة ..
إن مناصرة القضية الفلسطينية والتنديد باستخدام الذكاء الاصطناعي في قتل الفلسطينين كان ظاهرا في معظم جلسات المؤتمر ، ولذلك كانت المطالبة بإيجاد التشريعات القانونية العاجلة من أجل ضبط الذكاء الاصطناعي وتوجيهه فيما يفيد البشرية ، وعدم السماح باستخدامه لأغراض الحرب والدمار أو الإفساد في الأرض .
إن الاستخدامات الإيجابية للذكاء الاصطناعي في حقل التعليم والصحة والحقول العلمية الأخرى كانت محاور الجلسات العلمية التي عقدت على مدى يومين كاملين ، ولعل من هذه الاستخدامات المهمة ، استخدام الذكاء الاصطناعي في التمويل الإسلامي والصيرفة الإسلامي ، حيث وجدت دراسات عديدة ، ومؤشرات قوية من لجنة بازل وغيرها على أن الذكاء الاصطناعي سوف يزيد من الكفاءة المصرفية والشمول المالي ، وإن استخدام الروبوت الإسلامي المستشار سوف يطور من الخدمات المصرفية الإسلامية ، هذا بعض ما تعرضت له في ورقتي البحثية حول دور الذكاء الاصطناعي في تطوير التمويل الإسلامي ، وكذلك ما تعرض له الزملاء في الجلسة التي عرضت فيها ورقتي …
ولعل من أبرز القضايا التي شاركت فيها بالمناقشة والإضافة ، قضية سعر الفائدة ، فبالرغم من اتفاق كافة العلماء المعتبرين في هذا العصر على أن فوائد البنوك هي الربا الحرام ، إلا أنه لا يزال بعض الباحثين جهلا منهم أو جرأة على الدين ، لا يزال ينكر حرمة الربا وسعر الفائدة ، ويشجع على استخدام سياسة سعر الفائدة ، واستشهدت باحثة على صحة قولها بأن ما قام به أردوغان من محاولة خفض سعر الفائدة أو إلغائها أدى إلى زيادة معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة .. ولذلك كان منهج أردوغان ومحاولته إلغاء سعر الفائدة خاطئا .. وقد رددت على هذه الباحثة بأنه بغض النظر عن تطبيقات البشر ، الرئيس أردوغان أو غيره ، فنحن نحتكم إلى رب البشر ، الذي أرسل إلينا شريعة واضحة تضمنت حرمة الربا أو سعر الفائدة ، وهذا ثابت في القرآن والسنة ، فما حرم الله شيئا إلا لما فيه من مفسدة وما فرض شيئا إلا لما فيه من مصلحة ، وبناء على ذلك لا يمكن أن يكون سعر الفائدة مفيدا في أي حال من الأحوال .. ومن جهة أخرى فإن عددا كبيرا من علماء الاقتصاد منهم إنزلر Enzler و كونارد Conard وجونسون Johnson أثبتوا أن رأس المال قد أسي استخدامه في الاقتصادات المعاصرة بسبب سعر الفائدة ، فالفائدة أداة رديئة ومضللة في تخصيص الموارد. هذا ما اعترف به عدد من الاقتصاديين غير المسلمين .. وبالتالي فإن دفاع بعض المسلمين عن سعر الفائدة أمر غريب ومستهجن وغير مقبول .