تسويق المظلومية .. أ.د كمال حطاب
مما لا شك فيه أن اليهود قد أبدعوا في تسويق مظلوميتهم أو تسويق دور الضحية من خلال الهولوكوست أو المحرقة ، وذلك من خلال مئات بل آلاف الأفلام السينمائية والوثائقية التي تعرض لهذه المظلومية وتستجدي تعاطف العالم معهم ، كما أبدعوا في إيجاد الحصانة والحماية لهذه المظلومية على مستوى معظم دول العالم ، وذلك من خلال استصدار تشريعات في معظم الدول الكبرى تجرم ما أطلق عليه معاداة السامية ، فكل من يتعرض لليهود أو ينكر المحرقة أو الهولوكوست فهو معاد للسامية ، ويستحق عقوبة السجن وفقا لقوانين معظم الدول الغربية .. كما فعلوا مع المفكر الفرنسي رجاء جارودي وغيره من المفكرين ..
ولم يكن استصدار مثل هذه القوانين مجرد تعاطف أو اقتناع بمظلوميتهم ، ولكن اليهود عملوا ومن خلال لوبيات منظمة في كل دولة على التأثير على المشرعين وإخضاع معظمهم بأساليب أخلاقية وغير أخلاقية قد تصل إلى التهديد بالقتل .. كما يروي بول فيندلي صاحب كتاب ” من يجرؤ على الكلام ” والذي يفضح دور اللوبي الصهيوني في السيطرة على الكونغرس الأمريكي ..
وقد بقيت هذه القوانين مقدسة في معظم الدول لا يمكن الاقتراب منها ، وبقيت مظلومية اليهود هي الفكرة الأكثر رواجا في العالم ، حتى السابع من أكتوبر ، فقد اكتشف العالم ولأول مرة بأن هذه المظلومية مبالغ فيها كثيرا ، وأنه قد توجد وجهات نظر أخرى ، كما اكتشف العالم أن ما يقوم به الصهاينة من إجرام وقتل وتدمير وتشريد لم يسبق له مثيل في التاريخ ، وبالتالي فإن هؤلاء الذين يدعون المظلومية هم ظلمة في الحقيقة ، بل من أفظع وأقسى أشكال الظلمة أو المجرمين ..
غير أن طغيان الإعلام المتعاطف مع الصهاينة لا يزال حتى الآن يسوق المظلومية ، ويدعي أن كل هذا الإجرام الذي يقومون به هو من باب الدفاع عن أنفسهم ، وأن لهم الحق بأن يدافعوا عن أنفسهم ، مع ما في ذلك من مخالفة للقوانين الدولية التي تمنح الشعوب الواقعة تحت الاحتلال حق المقاومة والدفاع عن النفس ولا تمنح ذلك لقوات الاحتلال .
إن التغير في مواقف السياسيين والمسؤولين على مستوى العالم لا يزال ضعيفا خوفا على مصالحهم وأموالهم وحتى أنفسهم ، فهؤلاء على مدى عقود من الزمن رأوا من الصهاينة إجراما فظيعا ، وثّقَهُ عدد كبير من الباحثين والمؤلفين ، مثل وليم غار في كتابه أحجار على رقعة الشطرنج ، وكتابه اليهود وراء كل جريمة ..
ولذلك لا نزال نسمع ونرى من يتعاطف مع المجرمين ، ويلتمس لهم العذر فيما يقومون به ، غير أن الغالبية من شعوب العالم باتت تعرف المظلوم من الظالم ، وباتت تناصر المظلومين ، وتلعن الظالمين ومن يقف معهم ، وحتى على مستوى محكمة العدل الدولية ، والجمعية العامة في الأمم المتحدة ، صدرت قرارات بإدانة الحرب الوحشية التي يمارسها الصهاينة يوميا ..
إن استخدام أسلوب التباكي وتسويق دور الضحية لن ينجح بعد السابع من أكتوبر ، لأن العالم يسمع ويرى ويراقب يوميا ما يقوم به هؤلاء الذين يمثلون دور الضحايا ..
فلأول مرة في تاريخهم يقفون في موقف المتهم المجرم أمام محكمة دولية ، ولأول مرة في تاريخهم تصدر قرارات بإدانتهم من محكمة دولية ، ولأول مرة تنقل هذه القرارات عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ، فتنكشف جرائمهم وفضائحهم والمتواطئين معهم ..
لأول مرة يتم فضح أكاذيبهم على الهواء مباشرة ، سقطت أكاذيبهم حول جيشهم الأكثر أخلاقية رغم محاولاتهم إخراج أفلام هوليودية لتلميعه وأنسنته .. سقطت أكاذيبهم حول العرب المتوحشين الذين يحيطون بهم ويريدون القضاء عليهم ..
ولأول مرة منذ نشوء كيانهم الزائل تظهر استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة وحدها أن 58% ممن استطلعت آراؤهم ينادون بزوال إسرائيل وإعادة فلسطين للفلسطينيين ..
إن هذه الاستطلاعات وغيرها ، ووقوف معظم شعوب العالم ، ومعظم أحرار العالم مع فلسطين ضد الصهاينة يوضح أن ما أقيم على باطل فهو باطل وأن كيان الاحتلال لا بد من زواله ..
إن مظلومية صهاينة اليهود لم تعد تنطلي على أحد ، وبالتالي فقد آن الأوان لكشف هؤلاء الظلمة ومحاسبتهم ومعاقبتهم على جرائمهم .
آن الأوان لأن يترجم التعاطف العالمي على شكل حملات قانونية دولية تقدم المجرمين إلى محاكمات دولية في كل مكان ، آن الأوان لكي تقوم الأجهزة القضائية في كل دولة في العالم ومن خلال نقابات المحامين بتقديم هؤلاء الصهاينة المجرمين لمحاكمات عادلة .. آن الآوان لأن يقوم كل مؤثر من مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي بدوره في تعرية أكاذيبهم وفضح إجرامهم والدعوة إلى محاكمتهم .