اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب أ.د كمال حطاب
كتبت هذه المقالة قبل عدة أيام ، وبالتحديد يوم 26 -6 وهو اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب ، وقد شغلت بالسفر من جهة ، ومن جهة أخرى اعتراني شعور باليأس ، غير أنني وبعد تأمل ومراجعة .. وسؤال البعض من حولي حول مقالاتي .. رأيت أنه لا بد من النشر فلعلها تكون بذرة طيبة تؤتي ثمارها بعد حين .. وفيما يلي نص المقالة :
لا يخجل المجتمع الدولي بمؤسساته الأممية من استذكار أيام وعهود ومواثيق تعاهدت فيها دول العالم على مساندة الضحايا وعلى إيقاف جرائم الإبادة والدفاع عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق كبار السن .. إلخ ، لا يخجلون عندما يعلنون عن هذه الأيام وهم لا يفعلون شيئا لمساندة الضحايا أو المعذبين في غزة وفلسطين ..
كشفت سي إن إن عن أوضاع المختطفين من أهالي غزة المدنيين في سجن سدي تيمان في صحراء النقب، والذين اختطفتهم قوات الاحتلال من مستشفيات غزة وغيرها من المناطق المدنية في غزة وقامت بتجريدهم من ملابسهم ، ونقلتهم إلى هذا السجن وغيره ، معصوبي الأعين ومقيدين بالسلاسل في اليدين والقدمين واستمروا على هذه الحال طيلة إقامتهم في هذا السجن لا يتمتعون بأدنى الحقوق الآدمية والإنسانية..
ولا يخفى على أحد ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في كافة سجون الاحتلال من تضييق وتعذيب وانتهاك لكافة الحقوق والمواثيق الدولية .
إن ما شهده العالم من تعذيب في سجون أبو غريب وجوانتنامو وغيرها من السجون الأمريكية لا يعد شيئا مقارنة بما يقوم به الكيان المحتل من انتهاكات لحقوق الإنسان لا يمكن تصورها .. كل ذلك يشير إلى حجم الإجرام والغطرسة التي يمارسها الاحتلال وإلى حجم الضعف والسلبية التي تقوم بها أجهزة الأمم المتحدة ..
وجه الأمين العام بهذه المناسبة رسالة لم يشر فيها بأية كلمة إلى جرائم التعذيب والتدمير والقتل الجارية في غزة ، والمستمرة في سجون الاحتلال منذ سنوات.. وحث على مساندة الضحايا ودعا جميع الدول إلى وضع حد لإفلات مرتكبي أعمال التعذيب من العقاب والقضاء ..
عندما يكتفي الأمين العام بتوجيه الدعوات أو الإدانة أو الحض على مساندة الضحايا فهذا يشير إلى وجود خلل كبير في المنظومة الأممية .. فمن الذي يمكنه أن يوقف هذا التعذيب ؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك ؟ وما هي الآليات التي ينبغي القيام بها ؟ ما هي الخطوات العملية لوقف التعذيب ؟
إن وجود منظمة التعاون الإسلامي التي تتكون من 57 دولة إسلامية تضم أكثر من ربع سكان العالم ، يمكنها أن تقوم بهذه الخطوة ، إذا ما وجدت إرادة سياسية أو إرادة شعبية أو إرادة علمية تنظيمية إدارية .. أو حتى ضمير إنساني حي .
إن من صميم عقيدة كل مسلم بأن أشد الناس بلاءً الأنبياء .. وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .. وأن الصبر على البلاء هو من صفات المؤمنين .. ” والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ” ، وأن النصر والتمكين لا بد أن يسبقه ابتلاء وعذاب ..
ومع ذلك فإن التضامن الإسلامي مطلوب .. بل هو من الواجبات الشرعية على المسلمين .. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نزع صفة الإيمان عمن يبيت وجاره جائع .. فكيف بمن يبيتون وأخوانهم يقتلون ويعذبون ويحرمون من كافة أسباب الحياة ..
إن اكتفاء الدول الإسلامية والأمم المتحدة بالمناشدة والاستذكار لليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب لا يكفي أبدا ، وهو يدل على مدى هشاشة النظام الدولي في تطبيقه للقانون الإنساني الدولي .. والحاجة الماسة إلى إصلاح المنظومة الدولية أو الأممية ، بما يؤدي إلى إيجاد عالم أكثر عدالة وإنسانية .. فالعالم لا يتكون من خمسة دول فقط .