العقيدة الملوثة بالدماء … أ.د كمال حطاب
برر اليوم كثيرون ممن كتبوا أو علقوا على مجزرة الفجر التي قام بها الاحتلال في مسجد مدرسة التابعين ، وارتقى فيها أكثر من مئة شهيد ، وعشرات الجرحى ، برروا هذه المجزرة بأن الاحتلال لا يريد التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار .. وربما يكون هذا الكلام صحيحا ، ولكن الأصح هو أن هذا الاحتلال الصهيوني يقوم على فكر وعقيدة استئصالية هدفها القتل وسفك الدماء وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات عدد من المسؤولين الصهاينة الذين يطالبون بقصف غزة بالنووي أو إعدام الأسرى أو تعذيبهم بما لا يتوافق مع المعايير البشرية ولا الحيوانية .
قبل ما يقارب الثلاثين عاما ، وبالتحديد في أعقاب المذبحة التي قام بها صهيوني حاقد في الحرم الإبراهيمي وتذكرنا مذبحة شهداء مسجد مدرسة التابعين باستشهاد أكثر من 50 مصليا وجرح أكثر من 150 من المصلين الراكعين الساجدين في المسجد قبل ثلاثين عاما في الحرم الإبراهيمي في الخليل .. في أعقاب تلك المجزرة ظهرت كثير من الدراسات والأفلام الوثائقية التي تحلل هذه النفسية الصهيونية المشبعة بالإجرام والقتل وسفك الدماء .. وقد تابعت في ذلك الوقت أنشودة صهيونية ينشدها طلبة المدارس الدينية في كل صباح .. ومما ورد فيها :
مهما قتلت من الفلسطينيين فلن أشفي غليلي .. مهما شربت من دمائهم فلن أروي ظمئي .. مهما أنشبت أظافري في لحومهم .. مهما مزقتهم بأسناني .. مهما كسرت من عظامهم .. مهما..مهما ..
كلمات مصاصي دماء آكلي لحوم بشر مجرمين متوحشين إلى أبعد درجات الإجرام المركب .. كلمات إجرامية متوحشة يتربى عليها الصهاينة فتتشربها نفوسهم المريضة.. فيتحولوا إلى قتلة مجرمين وهم يظنون أنفسهم أبطالا وفقا لعقيدتهم الإجرامية تجاه الإنسانية .
كلمات تستمد من العقائد الملوثة بالدماء التي تحث على قتل النساء والأطفال والإبادة الجماعية ، كما ورد في كتبهم المحرفة ..
وكذلك ما ورد في نشيدهم الوطني الذي يرددونه يوميا .. ” حين نغرس رماحنا في صدورهم .. ونرى دماءهم تراق ورؤوسهم مقطوعة …. وعندئذ نكون شعب الله المختار ” .
شعب يعيش على الدماء ويتغذى على الدماء وينام على الدماء .. ولكنها ليست أي دماء.. إنها دماء الآخرين من المسلمين أو المسيحيين لا فرق ، وهو ما أكده ويؤكده فطيرهم الشهير، الذي لا يعد صالحا للأكل إلا إذا كان معجونا بدم مسلم أو مسيحي .. وقصة دم لفطير صهيون والتي قتل فيها الأب توما في دمشق لا تكاد تخفى على أحد .
إن حجم الكراهية التي أشربت بها نفوسهم وتغذت بها أرواحهم هو ما يدفعهم إلى مواصلة مسلسل القتل وسفك الدماء في غزة .. قتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ ، قتل الأطباء والمسعفين وهدم المساجد والكنائس .. كل هذا الإجرام لا يشفي صدورهم ولا يذهب غيظهم ..
إن هؤلاء المجرمين الملوثين بالدماء .. يشكلون أكبر خطر على العالم .. ولن يستطيع أحد أن يوقفهم أو يردعهم إلا سلاح المقاومة ..
إن استعراض حركات التحرر في العالم يوضح أن معظم هذه الحركات قامت بمقاومة المحتل، ولم تحصل على استقلالها بالمفاوضات .. ، ابتداء من المقاومة الأمريكية ضد الاحتلال البريطاني وانتهاء بالمقاومة الأفغانية ضد الاحتلال الأمريكي ..
إن المقاومة الفلسطينية هي الجهة الأولى القادرة على إيقاف العدوان وهزيمة المحتلين ، فما دام هذا الاحتلال متفوقا ، فلن يتوقف القتال ، ولن يتراجع قيد أنملة عما حققه من مكاسب في الأرض أو القتل أو الأسر ، ولعل أكبر مكاسبه تتحقق عندما يسفك أكبر كمية من دماء الأبرياء من المدنيين من النساء والأطفال .. وبالتالي لا مجال لمفاوضته على انسحاب أو وقف عدوان أو تراجع .. ولا مجال لهزيمته إلا باستمرار المقاومة بكافة الأساليب القانونية والشرعية والتي تقرها كافة الشرائع السماوية والدولية .. ويبدو أن المقاومة الفلسطينية لا يزال لديها الكثير من هذه الأساليب التي لم تجرب من قبل .