المعجزات والكرامات … أ.د كمال حطاب
المعجزات والكرامات
أ.د كمال حطاب
أثار كتاب ” آيات الرحمن في معجزات الأفغان ” للشيخ الدكتور عبدالله عزام رحمه الله في الثمانينات من القرن الماضي ، انتقادات كبيرة ، وردودا عنيفة ، اتهم فيها الشيخ بأنه يبالغ كثيرا حول انتصارات الأفغان ، والكرامات والمعجزات التي تحدث على أيديهم .. وكان رد الشيخ رحمه الله في إحدى محاضراته بقوله على ما أذكر : إن من يجلسون تحت المكيفات ويأكلون أطيب الطعام والشراب لا يمكن أن تحدث لهم الكرامات والمعجزات .. ولا يمكنهم أن يتصوروا حدوث هذه الكرامات .. فالكرامات لا تكون لشعوب مرفهة وادعة .. لا تُحدث شيئا ولا تقدم شيئا لله .. الكرامات تكون لمن يبيع نفسه لله ، الكرامات تكون لمن ينامون في كهوف الجبال على الطوى بلا ماء ولا طعام لأيام عديدة ..
وقد تحققت بالفعل المعجزات والكرامات على أيدي الأفغان ، وهزموا الاتحاد السوفييتي ، وأسهموا في تفتيت الدولة الشيوعية ، وأزاحوا اسمها من الخارطة ، كما هزموا أخيرا الولايات المتحدة وأخرجوا قواتها من أفغانستان مذمومة مدحورة ، ولو أن إدارات هذه الدول تخجل أمام شعوبها لما اعتدت على غيرها مرة أخرى .. ولما دعمت أي احتلال أو اعتداء .. وللزمت الحياد الإيجابي والوقوف مع الحق .
غير أنهم لا يخجلون ولا يراعون إلا ولا ذمة ، همهم مصالحهم أو ما يظنونه مصالحهم ، ولكنهم واهمون ، فليست المصلحة في احتلال أراض إو إخضاع شعوب أو ارتكاب المجازر الجماعية ..
لا شك أن للشعب الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية كرامات ومعجزات ، ولعل أكبر معجزة يشهد عليها الأعداء قبل الأصدقاء .. هذه المقاومة الباسلة المستمرة .. والتي صمدت أكثر من عشرة شهور حتى الآن .. رغم الفرق الهائل في التسليح وفي العتاد ورغم استخدام الطائرات والأقمار الصناعية ومشاركة دول عديدة في دعم الصهاينة دعما كاملا .. إلا أن المقاومة لا تزال تذيقهم يوميا عذابات وقتل وقنص وتدمير للآليات والدبابات .. إن مجرد استمرار هذه المقاومة .. هو معجزة في الأعراف العسكرية ..وإن هذا الصمود الأسطوري هو كرامة لهذا الشعب المقاوم .
إن المعجزات والكرامات ثابتة لأولياء الله ، وتوجد أحاديث نبوية وآثار عديدة تدعم وجود الكرامات مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة الذين آووا إلى غار في جبل .. والأثر المشهور عن عمر رضي الله عنه ” يا سارية الجبل الجبل ” وغيره كثير ..
غير أن الكرامات لا تكون معروفة أو ظاهرة ابتداءً ، كما لا يمكن السماح بترك الأسباب اعتمادا على الكرامات .. بل لا بد من الأخذ بالأسباب المادية والمعنوية والروحية بشكل كامل ..
ومن جهة أخرى فلا يمكن أن تتحقق الكرامات لبعض البشر وهم على معصية الله أو في معصية الله إلا إذا كان الأمر دجلا وشعوذة وتلبيسا شيطانيا .. فليس من الكرامات أن يعلن أحدهم وهو في مرتبة مفتي بأن لديه كرامة أو عرضت عليه كرامة بأن يرى الناس عرايا فرفض .. ، فهذه ليست كرامة وإنما أمراضا نفسية شهوانيا أو فصاما شيزوفرينيا جنسيا .. ثم ما الذي عرض عليه وقبله .. ومن الذي عرض عليه ؟؟
إن الكرامات والمعجزات تتطلب أعمالا خارقة في طاعة الله ، وإن ما يقوم به أهل غزة من مقاومة وصمود دفاعا عن الأرض والعرض .. لهو من أشد الطاعات وأقرب القربات .. ولذلك فإن النصر سيكون حليفهم بإذن الله .. قال تعالى ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين ” وقال تعالى ” ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ”