عودة إلى الصفحة الرئيسية

موت الضمير العالمي… أ.د كمال حطاب

عندما طلب أوليفر تويست المزيد من الطعام في القصة الشهيرة التي كتبها شارلز ديكنز الانجليزي ، اهتز ضمير الأدب العالمي .. نظرا لأن أوليفر كان جائعا .. ولم يشبعه الطعام المقدم لعمال المصنع من الأطفال .. وغدا مراقب العمال شخصا قاسيا متوحشا .. لأنه فغر فاه مستغربا مستنكرا طلب المزيد من الطعام ..
وعندما عرضت وكالات الأنباء العالمية في بداية الثمانينات مشاهد المجاعة في إفريقيا اهتز ضمير العالم وتوجهت سفن الإغاثة من معظم دول العالم إلى مناطق المجاعة في الصومال وأريتيريا وغيرها من الدول الإفريقية ..
وتعهد برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة ( الفاو) وغيرها من المنظمات الدولية بالقضاء على الفقر وعدم السماح بظهور المجاعات مرة أخرى ..
غير أن المجاعة التي ضربت غزة في الوقت الحاضر ، ليس لها مثيل في التاريخ المعاصر ولا في التاريخ الماضي ، حيث تبث صور المجاعة يوميا بثا مباشر من غزة .. ويرى العالم والمنظمات الدولية المختصة بالغذاء .. يرون صور الأطفال وقد برزت عظامهم بعد أن جفت لحومهم .. ويرون العيون الغائرة والوجوه الذابلة والسيقان النحيفة الهزيلة .. ولا يتحرك أحد .. ولم تصل سفينة إغاثة واحدة إلى غزة ..
وقبل ذلك لم تُحرك مظاهر القتل والحرق للأطفال والنساء والشيوخ .. والدمار الشامل .. والإبادة الجماعية الضمير الإنساني العالمي .. فما بال المشاعر الإنسانية قد تبلدت؟ .. وما بال الضمير العالمي قد غاب أو اختفى أو دخل في غيبوبة طويلة .. بعد أن ماتت فيه كافة الأجهزة الحيوية ؟.
كيف يمكن إنعاش هذا الضمير .. كيف يمكن لأصحاب الضمير الحي من أصحاب الملايين والمليارات أن يعيدوا إنعاش أجهزتهم الإنسانية الحيوية ؟ كيف يمكن لكل من لديه قدرة أو طاقة أو فكرة أن يبذل جهدا من أجل التخفيف من حدة المجاعة وتقليل عدد الذين يتساقطون يوميا من الجوع والتجويع .. كيف يمكن لأصحاب الأموال أن يغيثوا الناس الذين يتساقطون جوعا .. ويقللوا من المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال؟ دون أن يتعرضوا للتهديد بالقتل أو الملاحقة القضائية الدولية الظالمية ؟
مما لا شك فيه أن معظم الذين يحاصرون غزة هم من المرتزقة الذين يمكن شراؤهم أو من المحتلين الذين لا يستطيعون الاستمرار في البقاء في أرض لا يجدون فيها الأمن والأمان أو من العملاء المتواطئين الذين تم شراؤهم بالمال ، وبناء على ذلك .. لا بد من الاستعانة بخبراء عالميين يدرسون هذه الأوضاع .. ويضعون أو يقترحون آليات نحو شراء البضائع وإدخالها إلى غزة رغم القيود والمنع .. وذلك من خلال الطرق التي يمكنها تجاوز القيود والمنع .. وكذلك آليات يمكن من خلالها تقديم المساعدة لضباط وجنود الاحتلال وغيرهم من المرتزقة من أجل تمكينهم من العودة إلى بلدانهم الأصلية وتأمين حياتهم مستقبلا …
يمكن لفلسطيني الداخل وغيرهم من أصحاب الأموال وأصحاب الإمكانات في العالم أن يقوموا بدورهم في تنفيذ ما سبق من الآليات .. وغيرها من الأدوات والآليات التي يمكنها كسر الحصار وإغاثة الجائعين .. لا سيما وأن هذا العمل الإغاثي هو عمل قانوني مدعوم من كافة القوانين والشرائع الدولية والإنسانية .. ولا بد للجهات القانونية والقضائية من توضيح ذلك على نطاق واسع ..بحيث يمكن من خلالها إعادة إحياء الضمائر المجمدة أو إعادة انعاشها من جديد ..

أكتب رداً:

You must be logged in to post a comment.

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]