عودة إلى الصفحة الرئيسية

الحيادية البحثية في العلوم الشرعية أ.د كمال حطاب

15 August 2019

الحيادية البحثية في العلوم الشرعية
أ.د كمال حطاب
يهدف البحث العلمي بشكل عام إلى تطوير المعرفة والوصول إلى الحقيقة وحل المشكلات وتسهيل حياة الناس من خلال تذليل المشكلات والصعوبات التي تواجههم في كافة المجالات .
وبالرغم من اختلاف البحث العلمي في أهدافه الخاصة ومناهجه وأدواته من تخصص إلى آخر ، إلا أن الجامع بين كافة التخصصات هو الحيادية والتجريد والنزاهة وعدم التحيز واتباع الهوى .فهل يقوم البحث العلمي في العلوم الشرعية على الحيادية والتجريد ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب التعرف على الأهداف الخاصة لكل علم من العلوم الشرعية ، فعلم الفقه مثلا يهدف إلى الوصول إلى الحكم الشرعي للمسائل والجزئيات العملية التي تعترض حياة الناس . والمنهج الفقهي التجريدي يقوم على تحرير محل النزاع ، من خلال تحديد كافة المتعلقات بالمسألة الواحدة وإخراج العناصر المتفق عليها بين الفقهاء من البحث ، والتركيز على جزئية واحدة مختلف حولها من أجل حصر كافة الأدلة الشرعية والآراء الفقهية وفحصها ومناقشتها وعرض ردود الفقهاء ومناقشاتهم للأدلة .. إلى أن يصل الفقيه إلى الحكم الشرعي ، بعيدا عن الهوى والتعصب أو الضغوط السياسية والاجتماعية .
فهل سار الفقهاء على هذا المنهج ؟ هل كانوا متجردين في بحثهم عن الحكم الشرعي في كافة العصور ؟
مما لا شك فيه أن الفقه في المئة الأولى والثانية يختلف عن الفقه في المئة الثالثة والرابعة إلى وقتنا الحاضر ، فقد كان الفقه في المئة الأولى متقيدا بالموضوعية والحياد والتجريد ، بعيدا عن الهوى وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، ليس أدل على ذلك من قصة الإمام مالك مع الخليفة المنصور ، عندما أراد الخليفة فرض كتاب الإمام مالك الموطأ على سائر الولايات والمناطق ، فرفض الإمام مالك : وقال إن الصحابة والفقهاء قد تفرقوا في الأمصار وإن لكل منهم فقه ورأي ، ولا يصح جمعهم على رأي واحد .. أما فيما بعد المئة الثالثة والرابعة ، فقد مال الفقهاء إلى التقليد ، وانتشر التعصب المذهبي ، وعكف كل فقيه على فقه شيخه أو مذهبه ، ولم يهمه كثيرا التجريد أو الموضوعية أو الحياد ، وهذا يعد انحرافا وابتعادا عن منهج البحث العلمي السليم .. وباستثناء بعض الفقهاء الموسوعيين الذين وضعوا كتبا في الفقه المقارن مع المذاهب الأخرى .. لا نكاد نجد إلا الفقه المذهبي الغارق في التعصب والانغلاق .
إن هذا الفقه المذهبي الغارق في التعصب والانغلاق هو الذي يدرس في عصرنا الحاضر في كثير من كليات الشريعة في العالم العربي والإسلامي ، فبعض الدول كتركيا ، يدرسون المذهب الحنفي بشكل خاص ، وبعضها كالسعودية المذهب الحنبلي ، ودول شرق آسيا المذهب الشافعي أما دول المغرب فيدرسون المذهب المالكي ، وهكذا نجد انغلاقا وانعزالا ، ولو وجد الأئمة الأوائل في العصر الحاضر لتراجعوا عن كثير من آرائهم الفقهية ولكان لهم مذاهب أخرى ..
إن اتباع منهج البحث العلمي الذي يقوم على الموضوعية والتجريد ، لا مكان فيه للأشخاص ، بل الكلمة الأولى للأفكار ، فكل الأشخاص سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ من أقوالهم ويرد عليهم ، وكلهم مجتهدون يخطئون ويصيبون ، وبالتالي فلا قدسية ولا عصمة لكلامهم ، وقد كان الأئمة الأوائل ، يقرون بهذه الحقيقة ويفاخرون بها ، فها هو الإمام مالك يقول : كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ..
إن الحل للتعصب والانغلاق هو الرجوع إلى منهج البحث العلمي الذي يقوم على النزاهة والتجريد والموضوعية والحيادية ، وبدون ذلك لن يكون لعلم الفقه ولا لغيره من العلوم الشرعية دور حقيقي مؤثر في مختلف القضايا التي تواجهها الأمة الإسلامية .. لقد تأخرت الأمة الإسلامية قرون عديدة ، عندما ابتعدت عن الحيادية ، وأغلق العلماء باب الاجتهاد ، وتعصب كل لمذهبه ولشيخه ولإمامه لا يحيد عن أقواله أو متنه أو شرحه أو حاشيته ، ولو كان الشيخ أو الإمام حيا لغير كثيرا مما وضعه في ذلك المتن ، ولعل ظهور المذهب الجديد للإمام الشافعي بعد أن رحل إلى مصر وسكنها لعدة سنوات، وتراجعه عن كثير من جزئيات مذهبه القديم في بغداد ، لدليل قوي على ضرورة تطور الفقه ومواكبته للتطورات والمستجدات في كل زمان ومكان .. أما التعصب والاعتكاف على المذهب وما فيه من أقوال فقهية ، فليس هو المنهج الصحيح في تعلم الفقه وتمكينه من أداء دوره في خدمة المجتمع والارتقاء بحياة الإنسان ورفاهيته .

حكومات بعد البتكوين أ.د كمال توفيق حطاب

11 July 2019

حكومات بعد البتكوين
أ.د كمال توفيق حطاب
لعل من أهم مزايا العملة الافتراضية البتكوين أنها لا تخضع لسيطرة الحكومات، وأنه يمكن لأي شخص يتمتع بمزايا تكنولوجية خاصة أو مجموعة أشخاص أن ينتجوا أو يصدروا هذه العملة بكميات محدودة، فإذا صحت هذه المعلومات، وإذا ما نجحت هذه العملة في السيطرة على سوق التداول العالمي وإقصاء معظم العملات الورقية الدولية من التداول في العام 2025 كما هو متوقع، فما الذي سيكون عليه مصير الحكومات؟ وما هو شكل الحكومات، خاصة في الدول النامية بعد فقدانها أهم خاصية سيادية وهي إصدار النقود والتحكم فيها؟ هل ستعود الحكومات إلى عصر المقايضة؟ وهل سيكون لديها ما تقايض به بعد أن أهدرت الموارد واستنزفت ما تبقى لديها من ثروات طبيعية وسمحت للشركات الأجنبية ومن خلال الخصخصة بالاستيلاء على معظم شركاتها وثرواتها؟
أم أن هذه الحكومات قد فطنت منذ سنوات وبالتالي قامت بتوظيف متخصصين في الكمبيوتر وفي العملات الافتراضية منذ سنوات، من أجل أن يكون لها نصيب كاف من هذه العملة وغيرها من العملات الافتراضية التي بدأت في السيطرة على الأسواق؟ هل هذا الاحتمال ممكن عمليا؟ هل ستقوم هذه الدول بامتلاك احتياطات كبيرة من الذهب يمكنها أن تشتري بها هذه العملة الافتراضية من أجل سداد المدفوعات المترتبة عليها؟ وهل هناك قابلية لتخزين الكودات الرقمية لدى جهة عامة؟ وكيف سيتم مراجعتها والتدقيق فيها؟ وهل ستكون مهمة إدارتها تابعة للبنوك المركزية؟ كل هذه الأسئلة لا توجد عليها إجابات حاسمة، وإذا لم يكن ذلك ممكنا فما هو مصير الحكومات؟ وهل سيعود العالم إلى عصر الإقطاع؟ بحيث يتحكم كل مالك للبتكوين بالأرض والبشر ..

يبدو أن الدراسات تشير إلى تقدم استخدام وانتشار العملات الافتراضية على مستوى العالم، وإلى أن التداول بالبتكوين سيكون هو الأبرز بحلول عام 2025 ، كما تشير الإحصاءات إلى تراجع الاحتياطات الدولية لدى بعض الدول الكبرى كالصين من الدولار وغيره من الأوراق النقدية؟ وهذا يعني أن إمكانية تخلص العالم من الدولار قادمة؟ ويبدو أن إمكانية تخلص أمريكا من ديونها من خلال شطب الدولار ممكنة أيضا .. فقد تخلصت سابقا، وفي العام 1971 ، من إمكانية مطالبة العالم لها بالذهب المقابل للدولار. وسكتت دول العالم ورضيت بالواقع دون أي اعتراض.
إلى أين يتجه العالم وكيف سيكون عالم ما بعد العملات الورقية؟ ومن هو الذي سيكون مسيطرا؟ وهل يمكن أن تأتي دولة غير أمريكا تكون لديها معظم أرصدة البتكوين والعملات الافتراضية؟ كل شيء ممكن .. وإلى أن يحدث ذلك فما هو مصير حكومات العالم الثالث؟ وما هي الخيارات أمامها؟ كيف ستدفع الرواتب؟ كيف ستكون حساباتها القومية؟ كيف ستحسب ديونها والفوائد على الديون؟ وكيف ستسدد ديونها القديمة؟
إن أهم ما يميز البتكوين عن العملات الورقية والرقمية أن مصدرها غير معروف ولا يمكن معرفته، وهي في ذلك تتميز عن عملة فيس بوك المنوي إصدارها، فعملة فيس بوك سوف تخضع لقوانين البنوك المركزية في العالم، كما تخضع للقوى المسيطرة على فيس بوك وعلى حركة التجارة في العالم .. أما البتكوين فهي لا تخضع لأحد، وهي في ذلك تملك ميزة تفضيلية على جميع العملات، تمكنها أن تكون عملة المستقبل، وبالتالي يبقى التهديد قائما للحكومات التي لا تعتمد على اقتصاد حقيقي. وربما تكف بعض الحكومات يدها عن الاقتصاد، وتعود إلى مفهوم الدولة الحارسة، الذي كان سائدا في عصور ماضية.

عمليات التورق في البنوك الإسلامية العاملة في الكويت

16 May 2019

عمليات التورق في البنوك الإسلامية العاملة في الكويت

مؤشرات التنمية الإنسانية من منظور إسلامي

16 May 2019

مؤشرات التنمية الإنسانية من منظور إسلامي

نظرات جديدة في بيع المرابحة للأمر بالشراء

16 May 2019

نظرات جديدة في بيع المرابحة للأمر بالشراء

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]