صفقة التبادل ووقف إطلاق النار أ.د كمال حطاب
26 November 2024 ليس هناك من شك في أن كل إنسان عاقل في هذا العالم ، يتطلع إلى تحقيق وقف إطلاق النار في كل في غزة ولبنان .. وفي كافة أنحاء العالم.. مهما كانت النتيجة والآثار المترتبة على ذلك .. فإيقاف المجازر المستمرة هو مطلب إنساني لا يشكك فيه كل من لديه ذرة من المشاعر الإنسانية.. ومع ذلك فان في حسابات الربح والخسارة قراءات ومعان أخرى .
فمما لا شك فيه أن أسرى الصهاينة من الجنود هم أكبر ورقة رابحة بيد المقاومة تستطيع من خلالها التفاوض لتحقيق شروطها ، غير أن هذا الاحتلال الصهيوني الأثيم يرى نفسه متفوقا ، ويرى أنه قادر على سفك أكبر كمية من الدماء وقتل أكبر عدد من الضحايا الأبرياء ، في وقت لا يزال دعم الدول الكبرى له مستمرا ، وبالتالي فلن يخضع لشروط المقاومة .. مهما قدمت من تنازلات .. ما لم يتألم ألما شديدا .. لم يشعر به من قبل .. ويجد نفسه مهددا تهديدا حقيقيا ، فلا يجد لنفسه مكانا يؤيه أو يخلد فيه إلى الراحة ..
ولذلك يبدو أنه ليس أمام المقاومة إلا استخدام عناصر أخرى غير ورقة الأسرى أو صفقة التبادل ..ورقة أشد فتكا وإيلاما ، ولا شك أن للمقاومة رصيدا هائلا من الصبر والصمود والطاقة الروحية ، كما أن لديها رصيدا هائلا من الأدوات الأشد إيلاما .. إضافة إلى رصيد كبير من الداعمين في مختلف دول العالم .
إن إنجاز صفقة تبادل في الوقت الحاضر سوف يوقف مؤقتا سيل الدماء النازف في غزة ولبنان ، ويخفف قليلا من الآلام والمصائب والكوارث الجارية .. غير أنه لن يعيد الضحايا والمفقودين ولن يجلب إعادة الإعمار كما هو الحال في صفقات سابقة مع العدو الغادر والوعود الكاذبة من المجتمع الدولي .
إن إنجاز الصفقة سوف يمنح دولة الاحتلال أمنا وأمانا ويطيل في عمرها وعمر احتلالها ، كما أنه سوف يحمي جنودها ويزيد في غطرستهم وإجرامهم ، إضافة إلى إعادة تجديد علاقاتها الدولية ، وكسب المزيد من التأييد الشعبي العالمي عبر وسائل الإعلام الخاضعة لها .
إن عدم إنجاز الصفقة معناه التعجيل بسقوط دولة الصهاينة من خلال هزائمهم المتوالية في المواجهات الحقيقية بين المقاومين وجيشهم الجبان المدعوم بالمرتزقة من كل الأجناس والأسلحة من معظم الدول الظالمة ..
إن عدم إنجاز الصفقة معناه زيادة في الفضائح للنظام العالمي الظالم والشرعية الدولية العوراء والتي تقيس بمعايير بمكاييل متعددة .. والتعجيل بتغيير هذا النظام الظالم نحو أنظمة أكثر عدالة وإنصافا ..
إن عدم إنجاز الصفقة معناه زيادة كشف للمتواطئين والداعمين للصهاينة في عدوانهم الأثيم على الأبرياء وافتضاح أمرهم وعمالتهم أمام شعوبهم .. وزيادة الأثمان التي سيدفعونها والتبريرات التي سيقدمونها والترقيعات التي سيبررون بها أفعالهم الخبيثة .
إن عدم إنجاز الصفقة سوف يزيد في كراهية العالم لهؤلاء المجرمين وربما يوجد تحالف شعبي دولي من أجل اقتلاعهم من أرض فلسطين وإعادتهم إلى حيث جاؤوا ، مدحورين منبوذين كما كانوا من قبل ، معزولين مجفوين في معازلهم كما نشأوا وعاشوا قرونا طويلة ..
إن الفيصل في هذه القضية يكمن المقولة الشهيرة ” إنما النصر صبر ساعة ” وإن المقاومة صبرت آلاف الساعات .. وإن لديها الإمكانات والقدرات والطاقات التي تمكنها أن تصبر في الساعة الأخيرة ، التي يوشك فيها العدو على الانهيار والهزيمة .
وبالرغم من قوة حسابات الربح والخسارة فإن حسابات العواطف والمشاعر الإنسانية تقول شيئا آخر .. وليس بالضرورة أن تتفق حسابات العواطف والمشاعر مع حسابات الربح والخسارة المادية ..