عودة إلى الصفحة الرئيسية

الإبداع في حملات المقاطعة أ.د كمال حطاب

10 July 2024

أبدع القائمون على حملة ” مقاطعة ” في الكويت عندما رفعوا لافتات في معظم شوارع الكويت ، تحمل شعارات ” هل قتلت اليوم فلسطينيا ” وكانوا يقصدون أن كل قرش يدفع لشراء منتجات يدعم أصحابها الصهاينة يسهم في قتل الفلسطينيين ، لأن هذه القروش سوف تدفع ثمنا لأسلحة الجريمة والدمار ، وقد حققت الحملة نجاحا كبيرا .. ويبدو أن كثيرا من الناس لا يتحركون إلا بمثل هذه الحملات أو من خلال توصيل المعاني الحقيقية لعدم المقاطعة ..
كما أبدع الماليزيون من خلال حملة المقاطعة التي قاموا بها ضد السلع الأجنبية التي تنتجها دول أو شركات تدعم الاحتلال الصهيوني .. وكذلك في قرارهم منع سفن دولة الاحتلال والتي ترفع علم دولة الاحتلال من الرسو في موانئها ، كما منعت الحكومة أية سفينة متجهة إلى دولة الاحتلال من تحميل البضائع في الموانئ الماليزية .
ونظرا لأن من خصائص البشر أنهم يألفون الأحوال مهما كانت ظالمة أو مؤلمة ، فإن القائمين على حملات المقاطعة مطالبون باستمرار التجديد والإبداع في تسويق حملات المقاطعة على أمل أن يكف الظالمون عن دعمهم للصهاينة المجرمين أو يخففوا من هذا الدعم ..
إن الامتناع عن شراء أو استهلاك أو اقتناء منتجات أدمن عليها الناس ودخلت عناصرها ومكوناتها في دمائهم وشرايينهم .. فباتوا يتحركون ويتنفسون نكهاتها ومذاقاتها .. ويعيشون ذكرياتها لهو أمر صعب جدا على النفوس البشرية المتصفة بالضعف أمام الشهوات والمغريات ..
غير أن المتابعة والاهتمام لأمر الإسلام والمسلمين والنظر المتكرر لما يقوم به الصهاينة من مجازر يومية في فلسطين .. ينبغي أن يكون رادعا لهذه النفوس ومحفزا لها على هجر وترك منتجات كل شركة أو دولة تدعم الصهاينة في جرائمهم اليومية ..
وقد انتشر التحذير من هذه المنتجات في كل مكان .. غير أن هذا التحذير وهذه النصائح تتطلب التجديد والإبداع بحيث يتعرف الناس على مستجدات هذه الشركات ومواقفها وتصريحات القائمين عليها الخاصة باستمرار دعمهم للصهاينة .. وتشجيعهم على مواصلة هذه الإبادة الجماعية في غزة وفلسطين .
إن المطلوب من القائمين على حملات المقاطعة تسويق مقاطعتهم بشكل مهني يراعي أحدث ما أبدعته حملات التسويق التجارية والإعلامية ,, بحيث لا يتركون أي عذر لمن لا يشارك في المقاطعة .. سواء من حيث توفير المعلومات الكاملة حول الشركات والإحصاءات اليومية المترتبة على المقاطعة وكذلك الآثار التي تحققها هذه الحملات .. وذلك من أجل إقناع جمهور الناس بأن قيامهم بالمقاطعة ليس دون جدوى كما يعتقد كثيرون .. بل إن كل فرد مقاطع له أثر كبير في تحقيق النتائج المرجوة ..
إن وجود تنسيق وتشاور بين حركات مقاطعة منتجات مستوطنات الاحتلال وحملات المقاطعة للشركات الداعمة للاحتلال في معظم دول العالم سوف يؤدي إلى إحداث ضرر كبير يلحق بهذه الشركات بما يمكن أن يؤدي إلى تغيير موقفها من دعم الاحتلال .. إذا ما كان الترتيب والتنسيق بين حملات المقاطعة ، مهنيا واحترافيا ، وبالتعاون مع الأحرار في العالم من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي أو الاتحادات الطلابية والنقابات وكافة المنظمات الإنسانية والحقوقية المدنية والحكومية .
إن الإبداع في حملات المقاطعة أمر مطلوب ولا يقل أهمية عن الإبداع في المقاومة والتصدي للاحتلال وأعوانه بكافة فئاتهم وأشكالهم .

نهاية الغطرسة أ.د كمال حطاب

06 July 2024

عندما نجا أبو سفيان بقافلته قبيل معركة بدر ، بعث إلى جيش كفار مكة ، وكانوا في طريقهم إلى بدر ، بعث إليهم بأنه نجا بالقافلة ، وأن أموالهم لم تمس ، وبالتالي طلب منهم العودة ولا داعي للقتال .. غير أن أباجهل أخذته العزة بالإثم وقال :والله لا نرجع حتى نرد بدرا ، فنقيم عليه ثلاثا ، فننحر الجزر ، ونطعم الطعام ، ونسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبدا .. وبالفعل فقد أصر على رأيه واتهم كل من خالفه بالجبن .. حتى دفع الجميع إلى الإقدام على المعركة .. التي كانت نهايتهم ولقوا فيها مصارعهم ..
إن موقف نتنياهو ومن معه من قادة الصهاينة في الوقت الحاضر هو أشبه بذلك الموقف .. فهم يرون أنفسهم وما لديهم من قوة وأسلحة وعتاد ودعم غربي وشرقي وعربي .. يرون أنفسهم منتصرين .. ويزينون لأنفسهم بأنهم سيستأصلون المقاومة من جذورها .. ثم ستكون لهم الغلبة المطلقة بحيث لا يقف في طريقهم أحد ..
إنهم يخدعون أنفسهم غرورا واستكبارا .. وتمسكا بالوعود والتعهدات التي قطعها لهم الداعمون في هذا الإجرام .. وإيمانا وتصديقا بالخرافات التي يطلقونها بين الفينة والأخرى ..
إن هؤلاء لا يدركون أنهم يساقون إلى مصارعهم وإلى نهاية دولتهم المؤقتة وكيانهم المسخ ..فإصرارهم على الاستمرار في القتل الجبان من خلال القصف بالطائرات والمدافع البعيدة وارتكاب المجازر ضد المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ .. سوف يأتي بنهايتهم بلا شك .. فكل قطرة دم من شهيد أو جريح سوف تحيي أجيالا يحرصون على الشهادة كما يحرص الصهاينة على الحياة .. إن كل شهيد سوف يأتي بمائة مقاتل يريد الانتقام لدمائه .. وبالتالي فلن يتمكن هؤلاء الجبناء الذين يوصفون بأنهم أحرص الناس على حياة .. لن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم .. فلن يكون لهم ملجأ سوى الهروب والهجرة والعودة إلى البلاد التي جاؤوا منها .. هذا إذا سمحت هذه الدول باستقبالهم بعد كل هذه المجازر التي ارتكبوها.
إن هذه الدول سوف تلفظهم بسبب إجرامهم كما لفظتهم أول مرة وطردتهم عبر البحار باتجاه فلسطين ..إن إجرامهم المستمر سوف يؤدي إلى تراجع الدعم عنهم شيئا فشيئا .. بل زيادة كراهية شعوب العالم لهم ولإجرامهم .. وبالتالي لن يجدوا لأنفسهم ملجأ سوى المعازل التي عاشوا فيها قرونا طويلة .. معازل الجيتو ..
إن إجرامهم الوحشي سوف يدفع كل من بقيت لديه ذرة إنسانية من اليهود إلى الرحيل السريع عن أرض فلسطين ومحاولة نسيان هذه الفترة من الظلم والاستبداد والإجرام بحق أهل فلسطين ..
ولا شك أن من سيبقى منهم ويشارك الصهاينة في إجرامهم ، فسوف يكون مصيره القتل ، وسوف يستمر قتلهم إلى أن تضج بهم الأرض ويشتكي منهم الحجر والشجر .. وينادي الحجر والشجر : يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله .. كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ..

فقه المعاملات وتضييع الأوقات ؟؟ أ.د كمال حطاب

05 July 2024

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في إحدى محاضراته ” لم أجد أمة ضيعت وقتها في أحكام العبادات والمعاملات كالأمة الإسلامية ” .. فهل هذه العبارة كانت دقيقة أم أن الشيخ كان يقصد أمرا آخر ؟ هل ضيعت الأمة الإسلامية وقتها في العلم والعلوم حتى ولو كان فقه العبادات أو المعاملات ؟ أم أن الأمة أضاعت وقتها فيما لا ينفع أو يفيد ؟ هل يصح إطلاق هذه العبارة على العموم ؟
يبدو أن الشيخ كان يتكلم في باب ترتيب الأولويات ، ويتكلم عن العلماء بشكل خاص ، فعندما يتفرغ العلماء للبحث في الأحكام الفقهية لبعض العبادات والأحكام الفقهية للمعاملات المالية في الوقت الذي تُحتل فيه بلاد المسلمين .. وتُنتهك فيه حرمات ومقدسات المسلمين .. وتداس فيه كرامتهم .. وتمارس ضدهم أبشع أشكال الجرائم الوحشية والإبادة الجماعية .. لا شك أن هذا التركيز على فقه المعاملات سيكون تضييعا للوقت وصرفا للجهود عن الأولى إلى ما هو أقل أولوية ..
ومن جهة أخرى فقد غابت كثير من القضايا والمسائل الملحة عن البحث الفقهي خاصة في المجالات السياسية والاجتماعية ، ولم نجد أحدا من أهل المنصات والمنتديات الفقهية المتخصصة يبحث في مسألة تحرير المقدسات واسترداد الأراضي المحتلة أو حتى مقاطعة الكيان المحتل ومن يدعمه .. لم نجد أحدا يبحث في مدى مشروعية رفع الأسعار تلبية لشروط صندوق النقد الدولي أو مدى شرعية الاقتراض بالفائدة أو ممارسة البنوك المركزية لسياسة سعر الفائدة أو مدى مشروعية تتبع البنوك المركزية العربية والإسلامية لسعر فائدة الاحتياطي الفدرالي الأمريكي وإلى متى ؟ وما هو البديل ؟ وكيف يمكن إيجاد بديل مهني يمكن تطبيقه في الواقع ؟
إن عملية البحث الفقهي على منصات ووسائل التواصل الاجتماعي تخالف المنهجية التي قام عليها علم الفقه والبحث الفقهي ، فالاجتهاد الفقهي يقوم على منهجية محددة تعتمد الاستقراء وتحرير محل النزاع وحصر الظاهرة أو المسألة المراد بحثها ومن ثم استعراض آراء الفقهاء وأدلتهم ، وفحص الأدلة ومدى قوتها أو ضعفها وإمكانية قبول الاستدلال بها أو غير ذلك ، ومن ثم النظر في آراء الأولين إذا كانت المسألة قديمة أو لها مثيل في مسائل قديمة .. فإن لم يكن لها نظير في التاريخ ، يوازن بين الآراء والأدلة ومن ثم الوصول إلى الرأي الراجح بمسوغات ومبررات شرعية وعقلية وبما يحقق المصلحة المعتبرة شرعا والمتفقة مع المقاصد الشرعية العليا مع مراعاة الأولويات والمآلات .
بينما تقوم المناقشات الفقهية على مواقع التواصل الاجتماعي بين متخصصين وغير متخصصين ، ويحاول كل منهم أن يقدم رأيه وفتواه دون دليل أو بالاعتماد على قول أحد الفقهاء أو على حديث دون تمحيص درجة الحديث ومعناه وإمكانية الاستدلال به في موضع الاستدلال وماذا قال الأئمة الأوائل … إلخ
يحاول الجميع الخوض بآرائهم التي يغلب عليها غالبا الانتصار للنفس والهوى .. ويغيب عن الجميع أن الموضوع المبحوث ، وهو الوصول إلى الحكم الشرعي ، يعني النقل عن رب العالمين ، أو التوقيع عن رب العالمين كما قال ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين .. فالأحكام الشرعية ليست معرضا للخوض فيها من قبل غير المتخصصين ، وحتى المتخصصين فينبغي اتباع منهجية البحث الفقهي المعروفة والمتفق عليها ، وهذه المنهجية يصعب بل يستحيل اتباعها على وسائل التواصل الاجتماعي .. ولذلك ورغم ما يظهر من جهود كبيرة يبذلها الباحثون على منتديات فقه الاقتصاد والتمويل الإسلامي في المناقشات الفقهية وإبداء الرأي في الأحكام الفقهية أو الأحكام الشرعية تحت عنوان يجوز أو لا يجوز .. فإن معظم هذه الجهود ، قد لا توصل إلى نتائج إيجابية على حركة البحث الفقهي ودوره في تيسير حياة الناس في المجتمعات المعاصرة .
قد يجيب البعض بأن مجموعات الاقتصاد الإسلامي والتمويل الإسلامي على الواتس أب هي مجموعات متخصصة بقضايا المعاملات المالية الإسلامية وربما تكون للقضايا السياسية والاجتماعية قروبات أخرى ..
ومع احترامنا للتخصص والمتخصصين ، فإن للعلوم الفقهية منهجيتها ومكانتها ، ولا تتحقق هذه المكانة ولا يمكن الأخذ بالمنهجية الفقهية بشكل سليم على وسائل التواصل الاجتماعي ، ومن جهة أخرى فإن العلماء أو الفقهاء مطلوب منهم أن يكونوا حاضرين في كافة القضايا وخاصة القضايا المصيرية أو ذات الأهمية التي تؤثر في مكانة الأمة وحاضرها ومستقبلها .

الفجوات البحثية في الاقتصاد الإسلامي أ.د كمال حطاب

02 July 2024

ا
يعاني الأدب الاقتصادي الإسلامي من فجوات بحثية عديدة .. ولعل من أبرز هذه الفجوات .. الفجوة التطبيقية .. فبالرغم من وجود آلاف وعشرات الآلاف من الكتابات والبحوث والرسائل الجامعية .. إلا أن ما يطبق منها عمليا أو على مستوى الدول والحكومات هو قليل جدا وربما هو نادر .. وحتى في الدول التي ترفع شعار الاقتصاد الإسلامي.. لا يزال سعر الفائدة هو المؤشر الأول اقتصاديا وماليا .. ولا تزال هذه الدول والحكومات تابعة للنظام المالي الغربي من حيث الاقتراض من خلال السندات المحلية أو الدولية ، ووجود أقسام في البنوك المركزية لإدارة الدين العام عن طريق السداد أو جدولة الديون أو التمكين للدائنين بالحصول على ثروات وموارد الدول المدينة من خلال الخصخصة أو البيع المباشر أو غير ذلك من أساليب باتت واضحة مكشوفة في ظل الشفافية الدولية وسياسات النهب الدولي .
إذن هل يمكن القول بأن الفجوة في الجانب التطبيقي مقصودة أو هي بسبب التبعية وعدم القدرة على التخلص من الارتباطات الدولية أم عدم وجود حلول اقتصادية إسلامية لتوفير بدائل للقروض الدولية وبدائل لإدارة الدين العام الموجود في مختلف دول العالم أم إن معظم الموجودين في مواقع المسؤولية في الدول الإسلامية هم خريجو جامعات غربية وبالتالي هم مقتنعون تماما بأنه لا توجد طرق أخرى لإدارة الاقتصادات المعاصرة سوى اقتصاد السوق الرأسمالي ، وربما هم مقتنعون كذلك بما قاله فوكوياما حول ” نهاية التاريخ والإنسان الأخير ” وأن النظام الرأسمالي هو النظام الحتمي الوحيد الذي يصلح للبشرية ..
وربما يوجد في مواقع المسؤولية من لديه العاطفة الإسلامية القوية ولكنه مكبل بقيود وطغيان النظام المالي العالمي وبالتالي لا يستطيع التخلص من هذه القيود ..
ويبدو أنه لا مجال للتخلص من هذه القيود إلا من خلال وجود اتحاد مدفوعات إسلامي ، وغرف مقاصة إسلامية ومجمع احتياطي إسلامي وغيرها من أدوات تحقيق التكامل والوحدة الاقتصادية التي يمكن أن تحقق الاستقلال الاقتصادي للدول والشعوب الإسلامية .
إن هذه الأدوات والأجهزة باتت معروفة في أدبيات التكامل الاقتصادي والنقدي ، كما أنها مجربة من خلال دول الاتحاد الأوروبي ، فقبل الوصول إلى مرحلة الاتحاد .. جربوا اتحاد المدفوعات وغرف المقاصة وغيرها من مراحل الوصول إلى الوحدة الأوروبية .. إلى أن وصلوا إلى إصدار العملة الواحدة والبنك المركزي الموحد .. وقبل ذلك كله لا بد من وجود إرادة سياسية على مستوى القادة أو حتى إرادة فنية على مستوى الوكلاء والأمناء من أجل تذليل الصعوبات الفنية وإعداد مشروعات التكامل وتجهيزها للتطبيق الفوري .
ومن جهة أخرى فإن معظم الأدب النظري الاقتصادي الإسلامي موجه باتجاه فقه المعاملات المالية الإسلامية والبنوك الإسلامية .. وهذه فجوة بحثية مهمة ينبغي التركيز عليها من أجل وضع الحلول لمعالجتها .. وبالرغم من أهمية قطاع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ، إلا أن القطاع الحكومي والعلاقات الاقتصادية والمالية الدولية ربما تكون أهم وأكثر أولوية .. ومع ذلك تندر البحوث والكتابات العملية في هذا الجانب .. وكأن الباحثين يائسون من إمكانية إيجاد علاقات مالية دولية عادلة وعلى أساس النظام الاقتصادي والمالي الإسلامي ..
ولعل كتابات شابرا حول النظام النقدي العادل وكذلك حول التحدي الاقتصادي ومستقبل علم الاقتصاد الإسلامي تشكل نواة للدراسات التطبيقية التي يمكن البناء عليها من أجل تيسير تطبيقها في المجتمعات الإسلامية بما يؤدي إلى تحقيق أهداف الاقتصاد الإسلامي المتمثلة في زيادة الكفاءة والعدالة والنمو والتكافل وتقليل حدة التفاوت وتحقيق معدلات عالية من الرفاهية للجميع ..
إن وجود الفجوات البحثية في الاقتصاد الإسلامي واستمراريتها هي مؤشر مهم على حالة الضياع والفوضى البحثية التي تمر بها أقسام الاقتصاد الإسلامي في الجامعات .. وإن جسر هذه الفجوات تتطلب جهودا كبيرة من الأقسام من أجل محاولة الخروج من هذه الأزمة من خلال تنسيق الخطط والمشروعات البحثية وتضافر الجهود البحثية وتوحيد الحلول والمعالجات للأزمات والمشكلات البحثية .. إلخ .

اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب أ.د كمال حطاب

30 June 2024

كتبت هذه المقالة قبل عدة أيام ، وبالتحديد يوم 26 -6 وهو اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب ، وقد شغلت بالسفر من جهة ، ومن جهة أخرى اعتراني شعور باليأس ، غير أنني وبعد تأمل ومراجعة .. وسؤال البعض من حولي حول مقالاتي .. رأيت أنه لا بد من النشر فلعلها تكون بذرة طيبة تؤتي ثمارها بعد حين .. وفيما يلي نص المقالة :
لا يخجل المجتمع الدولي بمؤسساته الأممية من استذكار أيام وعهود ومواثيق تعاهدت فيها دول العالم على مساندة الضحايا وعلى إيقاف جرائم الإبادة والدفاع عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق كبار السن .. إلخ ، لا يخجلون عندما يعلنون عن هذه الأيام وهم لا يفعلون شيئا لمساندة الضحايا أو المعذبين في غزة وفلسطين ..
كشفت سي إن إن عن أوضاع المختطفين من أهالي غزة المدنيين في سجن سدي تيمان في صحراء النقب، والذين اختطفتهم قوات الاحتلال من مستشفيات غزة وغيرها من المناطق المدنية في غزة وقامت بتجريدهم من ملابسهم ، ونقلتهم إلى هذا السجن وغيره ، معصوبي الأعين ومقيدين بالسلاسل في اليدين والقدمين واستمروا على هذه الحال طيلة إقامتهم في هذا السجن لا يتمتعون بأدنى الحقوق الآدمية والإنسانية..
ولا يخفى على أحد ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في كافة سجون الاحتلال من تضييق وتعذيب وانتهاك لكافة الحقوق والمواثيق الدولية .
إن ما شهده العالم من تعذيب في سجون أبو غريب وجوانتنامو وغيرها من السجون الأمريكية لا يعد شيئا مقارنة بما يقوم به الكيان المحتل من انتهاكات لحقوق الإنسان لا يمكن تصورها .. كل ذلك يشير إلى حجم الإجرام والغطرسة التي يمارسها الاحتلال وإلى حجم الضعف والسلبية التي تقوم بها أجهزة الأمم المتحدة ..
وجه الأمين العام بهذه المناسبة رسالة لم يشر فيها بأية كلمة إلى جرائم التعذيب والتدمير والقتل الجارية في غزة ، والمستمرة في سجون الاحتلال منذ سنوات.. وحث على مساندة الضحايا ودعا جميع الدول إلى وضع حد لإفلات مرتكبي أعمال التعذيب من العقاب والقضاء ..
عندما يكتفي الأمين العام بتوجيه الدعوات أو الإدانة أو الحض على مساندة الضحايا فهذا يشير إلى وجود خلل كبير في المنظومة الأممية .. فمن الذي يمكنه أن يوقف هذا التعذيب ؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك ؟ وما هي الآليات التي ينبغي القيام بها ؟ ما هي الخطوات العملية لوقف التعذيب ؟
إن وجود منظمة التعاون الإسلامي التي تتكون من 57 دولة إسلامية تضم أكثر من ربع سكان العالم ، يمكنها أن تقوم بهذه الخطوة ، إذا ما وجدت إرادة سياسية أو إرادة شعبية أو إرادة علمية تنظيمية إدارية .. أو حتى ضمير إنساني حي .
إن من صميم عقيدة كل مسلم بأن أشد الناس بلاءً الأنبياء .. وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .. وأن الصبر على البلاء هو من صفات المؤمنين .. ” والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ” ، وأن النصر والتمكين لا بد أن يسبقه ابتلاء وعذاب ..
ومع ذلك فإن التضامن الإسلامي مطلوب .. بل هو من الواجبات الشرعية على المسلمين .. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نزع صفة الإيمان عمن يبيت وجاره جائع .. فكيف بمن يبيتون وأخوانهم يقتلون ويعذبون ويحرمون من كافة أسباب الحياة ..
إن اكتفاء الدول الإسلامية والأمم المتحدة بالمناشدة والاستذكار لليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب لا يكفي أبدا ، وهو يدل على مدى هشاشة النظام الدولي في تطبيقه للقانون الإنساني الدولي .. والحاجة الماسة إلى إصلاح المنظومة الدولية أو الأممية ، بما يؤدي إلى إيجاد عالم أكثر عدالة وإنسانية .. فالعالم لا يتكون من خمسة دول فقط .

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]