عودة إلى الصفحة الرئيسية

المعجزات والكرامات … أ.د كمال حطاب

14 August 2024

المعجزات والكرامات
أ.د كمال حطاب
أثار كتاب ” آيات الرحمن في معجزات الأفغان ” للشيخ الدكتور عبدالله عزام رحمه الله في الثمانينات من القرن الماضي ، انتقادات كبيرة ، وردودا عنيفة ، اتهم فيها الشيخ بأنه يبالغ كثيرا حول انتصارات الأفغان ، والكرامات والمعجزات التي تحدث على أيديهم .. وكان رد الشيخ رحمه الله في إحدى محاضراته بقوله على ما أذكر : إن من يجلسون تحت المكيفات ويأكلون أطيب الطعام والشراب لا يمكن أن تحدث لهم الكرامات والمعجزات .. ولا يمكنهم أن يتصوروا حدوث هذه الكرامات .. فالكرامات لا تكون لشعوب مرفهة وادعة .. لا تُحدث شيئا ولا تقدم شيئا لله .. الكرامات تكون لمن يبيع نفسه لله ، الكرامات تكون لمن ينامون في كهوف الجبال على الطوى بلا ماء ولا طعام لأيام عديدة ..
وقد تحققت بالفعل المعجزات والكرامات على أيدي الأفغان ، وهزموا الاتحاد السوفييتي ، وأسهموا في تفتيت الدولة الشيوعية ، وأزاحوا اسمها من الخارطة ، كما هزموا أخيرا الولايات المتحدة وأخرجوا قواتها من أفغانستان مذمومة مدحورة ، ولو أن إدارات هذه الدول تخجل أمام شعوبها لما اعتدت على غيرها مرة أخرى .. ولما دعمت أي احتلال أو اعتداء .. وللزمت الحياد الإيجابي والوقوف مع الحق .
غير أنهم لا يخجلون ولا يراعون إلا ولا ذمة ، همهم مصالحهم أو ما يظنونه مصالحهم ، ولكنهم واهمون ، فليست المصلحة في احتلال أراض إو إخضاع شعوب أو ارتكاب المجازر الجماعية ..
لا شك أن للشعب الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية كرامات ومعجزات ، ولعل أكبر معجزة يشهد عليها الأعداء قبل الأصدقاء .. هذه المقاومة الباسلة المستمرة .. والتي صمدت أكثر من عشرة شهور حتى الآن .. رغم الفرق الهائل في التسليح وفي العتاد ورغم استخدام الطائرات والأقمار الصناعية ومشاركة دول عديدة في دعم الصهاينة دعما كاملا .. إلا أن المقاومة لا تزال تذيقهم يوميا عذابات وقتل وقنص وتدمير للآليات والدبابات .. إن مجرد استمرار هذه المقاومة .. هو معجزة في الأعراف العسكرية ..وإن هذا الصمود الأسطوري هو كرامة لهذا الشعب المقاوم .

إن المعجزات والكرامات ثابتة لأولياء الله ، وتوجد أحاديث نبوية وآثار عديدة تدعم وجود الكرامات مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة الذين آووا إلى غار في جبل .. والأثر المشهور عن عمر رضي الله عنه ” يا سارية الجبل الجبل ” وغيره كثير ..
غير أن الكرامات لا تكون معروفة أو ظاهرة ابتداءً ، كما لا يمكن السماح بترك الأسباب اعتمادا على الكرامات .. بل لا بد من الأخذ بالأسباب المادية والمعنوية والروحية بشكل كامل ..
ومن جهة أخرى فلا يمكن أن تتحقق الكرامات لبعض البشر وهم على معصية الله أو في معصية الله إلا إذا كان الأمر دجلا وشعوذة وتلبيسا شيطانيا .. فليس من الكرامات أن يعلن أحدهم وهو في مرتبة مفتي بأن لديه كرامة أو عرضت عليه كرامة بأن يرى الناس عرايا فرفض .. ، فهذه ليست كرامة وإنما أمراضا نفسية شهوانيا أو فصاما شيزوفرينيا جنسيا .. ثم ما الذي عرض عليه وقبله .. ومن الذي عرض عليه ؟؟
إن الكرامات والمعجزات تتطلب أعمالا خارقة في طاعة الله ، وإن ما يقوم به أهل غزة من مقاومة وصمود دفاعا عن الأرض والعرض .. لهو من أشد الطاعات وأقرب القربات .. ولذلك فإن النصر سيكون حليفهم بإذن الله .. قال تعالى ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين ” وقال تعالى ” ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ”

العقيدة الملوثة بالدماء … أ.د كمال حطاب

10 August 2024

برر اليوم كثيرون ممن كتبوا أو علقوا على مجزرة الفجر التي قام بها الاحتلال في مسجد مدرسة التابعين ، وارتقى فيها أكثر من مئة شهيد ، وعشرات الجرحى ، برروا هذه المجزرة بأن الاحتلال لا يريد التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار .. وربما يكون هذا الكلام صحيحا ، ولكن الأصح هو أن هذا الاحتلال الصهيوني يقوم على فكر وعقيدة استئصالية هدفها القتل وسفك الدماء وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات عدد من المسؤولين الصهاينة الذين يطالبون بقصف غزة بالنووي أو إعدام الأسرى أو تعذيبهم بما لا يتوافق مع المعايير البشرية ولا الحيوانية .
قبل ما يقارب الثلاثين عاما ، وبالتحديد في أعقاب المذبحة التي قام بها صهيوني حاقد في الحرم الإبراهيمي وتذكرنا مذبحة شهداء مسجد مدرسة التابعين باستشهاد أكثر من 50 مصليا وجرح أكثر من 150 من المصلين الراكعين الساجدين في المسجد قبل ثلاثين عاما في الحرم الإبراهيمي في الخليل .. في أعقاب تلك المجزرة ظهرت كثير من الدراسات والأفلام الوثائقية التي تحلل هذه النفسية الصهيونية المشبعة بالإجرام والقتل وسفك الدماء .. وقد تابعت في ذلك الوقت أنشودة صهيونية ينشدها طلبة المدارس الدينية في كل صباح .. ومما ورد فيها :
مهما قتلت من الفلسطينيين فلن أشفي غليلي .. مهما شربت من دمائهم فلن أروي ظمئي .. مهما أنشبت أظافري في لحومهم .. مهما مزقتهم بأسناني .. مهما كسرت من عظامهم .. مهما..مهما ..
كلمات مصاصي دماء آكلي لحوم بشر مجرمين متوحشين إلى أبعد درجات الإجرام المركب .. كلمات إجرامية متوحشة يتربى عليها الصهاينة فتتشربها نفوسهم المريضة.. فيتحولوا إلى قتلة مجرمين وهم يظنون أنفسهم أبطالا وفقا لعقيدتهم الإجرامية تجاه الإنسانية .
كلمات تستمد من العقائد الملوثة بالدماء التي تحث على قتل النساء والأطفال والإبادة الجماعية ، كما ورد في كتبهم المحرفة ..
وكذلك ما ورد في نشيدهم الوطني الذي يرددونه يوميا .. ” حين نغرس رماحنا في صدورهم .. ونرى دماءهم تراق ورؤوسهم مقطوعة …. وعندئذ نكون شعب الله المختار ” .
شعب يعيش على الدماء ويتغذى على الدماء وينام على الدماء .. ولكنها ليست أي دماء.. إنها دماء الآخرين من المسلمين أو المسيحيين لا فرق ، وهو ما أكده ويؤكده فطيرهم الشهير، الذي لا يعد صالحا للأكل إلا إذا كان معجونا بدم مسلم أو مسيحي .. وقصة دم لفطير صهيون والتي قتل فيها الأب توما في دمشق لا تكاد تخفى على أحد .
إن حجم الكراهية التي أشربت بها نفوسهم وتغذت بها أرواحهم هو ما يدفعهم إلى مواصلة مسلسل القتل وسفك الدماء في غزة .. قتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ ، قتل الأطباء والمسعفين وهدم المساجد والكنائس .. كل هذا الإجرام لا يشفي صدورهم ولا يذهب غيظهم ..
إن هؤلاء المجرمين الملوثين بالدماء .. يشكلون أكبر خطر على العالم .. ولن يستطيع أحد أن يوقفهم أو يردعهم إلا سلاح المقاومة ..
إن استعراض حركات التحرر في العالم يوضح أن معظم هذه الحركات قامت بمقاومة المحتل، ولم تحصل على استقلالها بالمفاوضات .. ، ابتداء من المقاومة الأمريكية ضد الاحتلال البريطاني وانتهاء بالمقاومة الأفغانية ضد الاحتلال الأمريكي ..
إن المقاومة الفلسطينية هي الجهة الأولى القادرة على إيقاف العدوان وهزيمة المحتلين ، فما دام هذا الاحتلال متفوقا ، فلن يتوقف القتال ، ولن يتراجع قيد أنملة عما حققه من مكاسب في الأرض أو القتل أو الأسر ، ولعل أكبر مكاسبه تتحقق عندما يسفك أكبر كمية من دماء الأبرياء من المدنيين من النساء والأطفال .. وبالتالي لا مجال لمفاوضته على انسحاب أو وقف عدوان أو تراجع .. ولا مجال لهزيمته إلا باستمرار المقاومة بكافة الأساليب القانونية والشرعية والتي تقرها كافة الشرائع السماوية والدولية .. ويبدو أن المقاومة الفلسطينية لا يزال لديها الكثير من هذه الأساليب التي لم تجرب من قبل .

اقتصاديات غزة .. أ.د كمال حطاب

09 August 2024

مما لا شك فيه أن الموارد البشرية أو رأس المال البشري هو أعظم الموارد وأهمها على الإطلاق ، فمن دونه لا قيمة لرأس المال المادي أو الثروات الطبيعية أو أي شيء آخر .. ومما لا شك فيه أيضا أن غزة تضم موارد بشرية متميزة ذات إمكانات وقدرات وتضحيات وطاقات بشرية لا نهائية ، كما تمتلك طاقات وقدرات على المقاومة والصمود والتحدي والعطاء لا مثيل لها في أي مكان آخر من هذا العالم ، كما تضم غزة سواحل أو شواطيء وصفها جاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب ومستشاره السابق بأنها قيّمة للغاية- ، واقترح أن ينقل شعب غزة إلى النقب من أجل أن تقوم دولة الاحتلال باستثمار هذه الأراضي .. إنها نظرات اقتصادية عنصرية إجرامية بغيضة ..
ومن جهة أخرى فإن خبراء التنمية يعتبرون التصنيع بشكل عام والتصنيع العسكري من أهم القطاعات التي يمكن أن تقود عملية التنمية ، وقد شهد العالم على أن المقاومة في غزة قد أثبتت ومن خلال صناعاتها العسكرية أنها قادرة على مقاومة الترسانة العسكرية الصهيونية رغم الإمداد المتواصل بكافة أشكال الأسلحة والعتاد والذخيرة والأساطيل الحربية من مختلف دول العالم .. ورغم الحصار المحكم من العدو والصديق الذي استمر على غزة أكثر من سبعة عشر عاما .. ومما لا شك فيه أن غزة لو تركت دون حصار لكان حجم التصنيع أكبر وأكثر تنوعا ..
إن أهل الاقتصاد يقيسون التقدم الاقتصادي بحجم الناتج المحلي الإجمالي وكمية السلع والخدمات المنتجة وعدد السكان .. وسرعة تدفق المنتجات في نهر الإنتاج أو سرعة دوران النقود إلخ ، ولم يخطر ببال أهل الاقتصاد بأنه من الممكن أن يقاس التقدم بعدد الشهداء الذين ارتقوا ، وسرعة تدفق نهر الدماء النازف في غزة .. إن دماء أي شهيد من الشهداء قادرة على إحياء أمة ، فما بالك بدماء أربعين ألف شهيد ومئات آلاف الجرحى والمصابين ، إن هذه الدماء لا يمكن أن تقاس بالقيم المادية ، إنها تمثل المدد الإلهي الذي لا ينضب ، لونه لون الدم وريحه ريح المسك ، إن دماء الشهداء تولد مقادير لا نهائية من العزة والكرامة والصبر والصمود والتحدي والانتقام والحرية والانتصار .. وكل هذه القيم لا حدود لها إلا بخروج المحتل وتحقيق النصر .
ضمت غزة آلاف وعشرات آلاف المبدعين من أكاديميين وصناعيين وفنانين وأطباء ومهندسين ومتخصصين في الفلك ومن العاملين في ناسا ومختلف مراكز البحث العالمية والمستشفيات الكبرى في العالم .. إضافة إلى القادة السياسيين والعسكريين الذين قاموا بالمعجزات في مقاومة محتل بغيض رابض على أرض فلسطين ، فأذاقوه من الهزائم في عشرة شهور ما لم يذقه في سبعين سنة .
إن الاقتصاد يقاس بالإنتاج والاستهلاك والتداول والتوزيع وغيرها من المتغيرات الاقتصادية التي لا تزال تعمل في غزة رغم الجوع والحصار والألم والمعاناة ، فلا نزال نرى الأسواق تعمل ، ولا يزال الشعب الغزي راغبا في الحياة مؤملا بها ، تحت القصف والنار والعدوان المستمر .. لا يزال الغزي يحلم بحياة كريمة عزيزة فوق أرضه وترابه وركام بيته .. وإن لم يتحقق له هذا الحلم فشهادة لائقة ترفعه عند الله ليعيش حياة كريمة ” مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ” ..
إن اصطفاء الشهداء هو مرتبة عظيمة ومرحلة مهمة من مراحل البناء والتقدم وإن غزة بشهدائها وجرحاها ودمارها ستكون دافعة وقائدة للأمة نحو التحرير والكرامة والعزة والنهوض والتقدم .

الإبداع في حملات المقاطعة أ.د كمال حطاب

10 July 2024

أبدع القائمون على حملة ” مقاطعة ” في الكويت عندما رفعوا لافتات في معظم شوارع الكويت ، تحمل شعارات ” هل قتلت اليوم فلسطينيا ” وكانوا يقصدون أن كل قرش يدفع لشراء منتجات يدعم أصحابها الصهاينة يسهم في قتل الفلسطينيين ، لأن هذه القروش سوف تدفع ثمنا لأسلحة الجريمة والدمار ، وقد حققت الحملة نجاحا كبيرا .. ويبدو أن كثيرا من الناس لا يتحركون إلا بمثل هذه الحملات أو من خلال توصيل المعاني الحقيقية لعدم المقاطعة ..
كما أبدع الماليزيون من خلال حملة المقاطعة التي قاموا بها ضد السلع الأجنبية التي تنتجها دول أو شركات تدعم الاحتلال الصهيوني .. وكذلك في قرارهم منع سفن دولة الاحتلال والتي ترفع علم دولة الاحتلال من الرسو في موانئها ، كما منعت الحكومة أية سفينة متجهة إلى دولة الاحتلال من تحميل البضائع في الموانئ الماليزية .
ونظرا لأن من خصائص البشر أنهم يألفون الأحوال مهما كانت ظالمة أو مؤلمة ، فإن القائمين على حملات المقاطعة مطالبون باستمرار التجديد والإبداع في تسويق حملات المقاطعة على أمل أن يكف الظالمون عن دعمهم للصهاينة المجرمين أو يخففوا من هذا الدعم ..
إن الامتناع عن شراء أو استهلاك أو اقتناء منتجات أدمن عليها الناس ودخلت عناصرها ومكوناتها في دمائهم وشرايينهم .. فباتوا يتحركون ويتنفسون نكهاتها ومذاقاتها .. ويعيشون ذكرياتها لهو أمر صعب جدا على النفوس البشرية المتصفة بالضعف أمام الشهوات والمغريات ..
غير أن المتابعة والاهتمام لأمر الإسلام والمسلمين والنظر المتكرر لما يقوم به الصهاينة من مجازر يومية في فلسطين .. ينبغي أن يكون رادعا لهذه النفوس ومحفزا لها على هجر وترك منتجات كل شركة أو دولة تدعم الصهاينة في جرائمهم اليومية ..
وقد انتشر التحذير من هذه المنتجات في كل مكان .. غير أن هذا التحذير وهذه النصائح تتطلب التجديد والإبداع بحيث يتعرف الناس على مستجدات هذه الشركات ومواقفها وتصريحات القائمين عليها الخاصة باستمرار دعمهم للصهاينة .. وتشجيعهم على مواصلة هذه الإبادة الجماعية في غزة وفلسطين .
إن المطلوب من القائمين على حملات المقاطعة تسويق مقاطعتهم بشكل مهني يراعي أحدث ما أبدعته حملات التسويق التجارية والإعلامية ,, بحيث لا يتركون أي عذر لمن لا يشارك في المقاطعة .. سواء من حيث توفير المعلومات الكاملة حول الشركات والإحصاءات اليومية المترتبة على المقاطعة وكذلك الآثار التي تحققها هذه الحملات .. وذلك من أجل إقناع جمهور الناس بأن قيامهم بالمقاطعة ليس دون جدوى كما يعتقد كثيرون .. بل إن كل فرد مقاطع له أثر كبير في تحقيق النتائج المرجوة ..
إن وجود تنسيق وتشاور بين حركات مقاطعة منتجات مستوطنات الاحتلال وحملات المقاطعة للشركات الداعمة للاحتلال في معظم دول العالم سوف يؤدي إلى إحداث ضرر كبير يلحق بهذه الشركات بما يمكن أن يؤدي إلى تغيير موقفها من دعم الاحتلال .. إذا ما كان الترتيب والتنسيق بين حملات المقاطعة ، مهنيا واحترافيا ، وبالتعاون مع الأحرار في العالم من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي أو الاتحادات الطلابية والنقابات وكافة المنظمات الإنسانية والحقوقية المدنية والحكومية .
إن الإبداع في حملات المقاطعة أمر مطلوب ولا يقل أهمية عن الإبداع في المقاومة والتصدي للاحتلال وأعوانه بكافة فئاتهم وأشكالهم .

نهاية الغطرسة أ.د كمال حطاب

06 July 2024

عندما نجا أبو سفيان بقافلته قبيل معركة بدر ، بعث إلى جيش كفار مكة ، وكانوا في طريقهم إلى بدر ، بعث إليهم بأنه نجا بالقافلة ، وأن أموالهم لم تمس ، وبالتالي طلب منهم العودة ولا داعي للقتال .. غير أن أباجهل أخذته العزة بالإثم وقال :والله لا نرجع حتى نرد بدرا ، فنقيم عليه ثلاثا ، فننحر الجزر ، ونطعم الطعام ، ونسقي الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا أبدا .. وبالفعل فقد أصر على رأيه واتهم كل من خالفه بالجبن .. حتى دفع الجميع إلى الإقدام على المعركة .. التي كانت نهايتهم ولقوا فيها مصارعهم ..
إن موقف نتنياهو ومن معه من قادة الصهاينة في الوقت الحاضر هو أشبه بذلك الموقف .. فهم يرون أنفسهم وما لديهم من قوة وأسلحة وعتاد ودعم غربي وشرقي وعربي .. يرون أنفسهم منتصرين .. ويزينون لأنفسهم بأنهم سيستأصلون المقاومة من جذورها .. ثم ستكون لهم الغلبة المطلقة بحيث لا يقف في طريقهم أحد ..
إنهم يخدعون أنفسهم غرورا واستكبارا .. وتمسكا بالوعود والتعهدات التي قطعها لهم الداعمون في هذا الإجرام .. وإيمانا وتصديقا بالخرافات التي يطلقونها بين الفينة والأخرى ..
إن هؤلاء لا يدركون أنهم يساقون إلى مصارعهم وإلى نهاية دولتهم المؤقتة وكيانهم المسخ ..فإصرارهم على الاستمرار في القتل الجبان من خلال القصف بالطائرات والمدافع البعيدة وارتكاب المجازر ضد المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ .. سوف يأتي بنهايتهم بلا شك .. فكل قطرة دم من شهيد أو جريح سوف تحيي أجيالا يحرصون على الشهادة كما يحرص الصهاينة على الحياة .. إن كل شهيد سوف يأتي بمائة مقاتل يريد الانتقام لدمائه .. وبالتالي فلن يتمكن هؤلاء الجبناء الذين يوصفون بأنهم أحرص الناس على حياة .. لن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم .. فلن يكون لهم ملجأ سوى الهروب والهجرة والعودة إلى البلاد التي جاؤوا منها .. هذا إذا سمحت هذه الدول باستقبالهم بعد كل هذه المجازر التي ارتكبوها.
إن هذه الدول سوف تلفظهم بسبب إجرامهم كما لفظتهم أول مرة وطردتهم عبر البحار باتجاه فلسطين ..إن إجرامهم المستمر سوف يؤدي إلى تراجع الدعم عنهم شيئا فشيئا .. بل زيادة كراهية شعوب العالم لهم ولإجرامهم .. وبالتالي لن يجدوا لأنفسهم ملجأ سوى المعازل التي عاشوا فيها قرونا طويلة .. معازل الجيتو ..
إن إجرامهم الوحشي سوف يدفع كل من بقيت لديه ذرة إنسانية من اليهود إلى الرحيل السريع عن أرض فلسطين ومحاولة نسيان هذه الفترة من الظلم والاستبداد والإجرام بحق أهل فلسطين ..
ولا شك أن من سيبقى منهم ويشارك الصهاينة في إجرامهم ، فسوف يكون مصيره القتل ، وسوف يستمر قتلهم إلى أن تضج بهم الأرض ويشتكي منهم الحجر والشجر .. وينادي الحجر والشجر : يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله .. كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ..

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]