عودة إلى الصفحة الرئيسية

العصف المأكول .. أ.د كمال حطاب

14 November 2023

كتبت قبل عدة أسابيع ، عن الحمية الجاهلية التي يمكن أن توقف الظلم والعدوان ، والتي لا يمكن أن تسمح للغطرسة الصهيونية بالاعتداء على المقدسات ، تلك الحمية التي أوقفت أبرهة الحبشي عندما حاول الاعتداء على الكعبة ، الحمية التي لجأ أصحابها إلى رب الأرباب فاستجاب لهم ، فجعل جيش أبرهة كالعصف المأكول ..
كيف حدث ذلك ، وكان أهل مكة كفارا ؟
إن أهل مكة في ذلك الوقت ، وعلى رأسهم جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا على إيمان ويقين بأن هذا البيت لله ، وأنه ما دام لله ، فإنه سوف يحميه ، ولذلك لم يقفوا في وجه أبرهة بل صعدوا إلى جبال مكة ، واشتهرت بينهم مقولة عبد المطلب ” إن للبيت ربا يحميه ” . وبالفعل جاءت الطير الأبابيل التي أحالت جيش أبرهة إلى رماد أو إلى عصف مأكول كما أخبر الله سبحانه وتعالى ..
إن تدخل العناية الإلهية وحدوث الكرامات والمعجزات ، تتطلب قبل كل شيء الإيمان القوي واليقين الثابت بقدرة الله عز وجل ومن ثم تفويض الأمر لله ..
إن ما يحدث اليوم في غزة يكاد يقترب مما حدث مع جيش أبرهة فها هو الجيش الصهيوني ، جيش الغطرسة والعربدة قد انهار وتحول إلى ما هو أشبه بالعصف المأكول .. ذلك الجيش الذي اعتدى على النساء والشيوخ في ساحات الأقصى الشريف ..وقتل وجرح وسجن الآلاف ، بل عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء .. ها هو اليوم يذوق بعض ما جنته يداه ..
تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر .. فعلى مدى أربعين يوما في غزة .. لم يستطع أن يحقق شيئا .. سوى قتل آلاف المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ ، وتدمير العمارات والبيوت والأحياء ، وتدمير المستشفيات وسيارات الأسعاف وكافة مقومات الحياة .. جيش جبان لا يستطيع أن يحقق أي انجاز بشرف ، إنها إنجازات الجبناء الذين يختبؤون وراء الجدران في القرى المحصنة ، كما أن دماء الأبرياء والأطفال ستطوق أعناقهم وتغرقهم في الدنيا قبل الآخرة ، إن دماء شهداء غزة وجرحى غزة ستكون لعنة ونارا تحرق أرواحهم النجسة الخبيثة .
تحطمت أسطورة دولة الاحتلال ، هروب مذعور باتجاه المطارات ، فلم تعد الأرض آمنة تحت أقدامهم ، ولا السماء آمنة فوق رؤوسهم ، إنه مصير الظالمين الطغاة في كل زمان ومكان .. مرعوبين صاغرين ، يتلفتون حولهم ، يحسبون كل صيحة عليهم ، وكل نظرة إليهم ، فما أن يسمعوا صفارات الإنذار حتى يطلقوا لأرجلهم العنان بالهروب المذعور ..

إن هذا الاحتلال لا يعرف غير لغة واحدة هي لغة القوة ، أو لغة البندقية والرصاص ، لغة الصاروخ ، لن يحسب هذا الاحتلال الجبان حسابا لأحد ، إلا لمن يحمل الصاروخ والبندقية ، وبغير ذلك لا يعترف بقانون دولي أو معاهدة أو اتفاقية أو أي ميثاق إنساني ..
إنه الذعر والرعب والهلع هو الذي سيخرجهم من أرض فلسطين ، ليعودوا من حيث جاؤوا ، ليعودوا إلى البلدان التي جاؤوا منها ، قبل أن تكون فلسطين مقبرتهم .
إنها المقاومة الملائكية التي تتصل فيها الملائكة بالأرض تثبت الذين آمنوا ، وتنتخب منهم الشهداء .
إن استمرار هذه المقاومة مهما كانت التنازلات هي التي ستعجل برحيل الصهاينة ، وهي التي ستحيل حياتهم جحيما ، فيسارعون بالرحيل ..
من المبشرات في حرب الإبادة التي يمارسها الجيش الجبان على مدنيي غزة ، الصمود الأسطوري الذي تسجله غزة بكافة ساكنيها ، من شيوخ ونساء وأطفال ومقاومة ، فالجميع متفقون على المقاومة وعلى النصر أو الشهادة ، الكل يقاتلون بجسد واحد كالبنيان المرصوص . إن هذا الصمود الأسطوري .. وهذا الصبر وهذه القوة التي تُرى في عيون رجال ونساء وأطفال غزة ..تشير بوضوح كبير إلى اقتراب النصر ، وبداية النهاية للاحتلال الغاشم ، وبداية الأفول لدولة الاحتلال .

الدبلوماسية المحنّطة أ.د كمال حطاب

30 October 2023

مما لا شك فيه أن الخطاب الدبلوماسي ينبغي أن يكون هادئا متزنا صادقا يتمتع بالمنطقية والعقلانية ، غير أن الملاحظ على خطاب معظم الدبلوماسيين العرب حول جريمة الإبادة التي يمارسها الصهاينة في غزة ، أنه خطاب فارغ مكرر ممل يشعر من يستمع إليه بالإحباط واليأس ، بل يمكن القول بأنه خطاب ميت أو محنط ، مقولب في صيغ جامدة لا حياة فيها .. خطاب لا يقدم ولا يؤخر ولا يؤثر بأي شكل من الأشكال .. فالجريمة مستمرة على مدار الساعة ، والأطفال والنساء والشيوخ يلتحقون في مواكب الشهداء بالمئات يوميا وآلاف الجرحى يتراكمون في المستشفيات ، وخارج المستشفيات ، نظرا لخروج كثير من المستشفيات عن الخدمة ، ومع ذلك تجد الخطاب الدبلوماسي العربي باردا فاقدا الحرارة والانفعال ، بل إنه يفتقد لأية أوراق أو وسائل أو أدوات يمكن أن تؤثر على سير الأحداث أو توقف الجريمة أو تقلل من حدتها بحيث تنخفض أعداد الشهداء أو الجرحى ..
نستمع كثيرا إلى عبارات الإدانة والشجب والاستنكار ، وإلى ضرورة وقف إطلاق النار ، وعدم جواز قتل المدنيين ، وعدم جواز التهجير أو التطهير العرقي وغير ذلك من المصطلحات ، وكأن القضية سوف تنتهي بإصدار الأحكام الأخلاقية أو الدينية ، وكأن المسؤول أو الدبلوماسي يكون قد قام بالواجب الملقى على عاتقه تجاه وطنه وأمته عندما يصدر هذه الأحكام دون أن يحرك ساكنا تجاه الجريمة ..
استمعت قبل أيام إلى خطاب أحد دبلوماسيي الجامعة العربية أكثر من نصف ساعة دون أن أخرج بأية كلمة مفيدة يمكن أن يبنى عليها فعل أو تغيير أو تأثير .. أنا أعلم أن الجامعة العربية وأمثالها من المنظمات العربية والإسلامية هي مجرد سكرتارية أو أمانة عامة تقوم بدراسة المشكلات وتقديم المقترحات أو الحلول أو التوصيات .. غير أن هذه السكرتارية ومن خلال الخطاب الدبلوماسي لم تستطع حتى تقديم دراسات أو مقترحات أو توصيات عملية أو آليات تنفيذية من أجل وقف إطلاق النار أو التخفيف من حدة الجريمة ..
كان بإمكان هذا الدبلوماسي وغيره أن يقترح على الدول العربية النفطية المؤثرة أن تهدد أو تصرح بأنها سوف تقوم بوقف إمداد النفط عن كافة المؤيدين لاستمرار الجريمة أو أن يقول بشكل دبلوماسي أن بعض الدول النفطية تفكر باستخدام سلاح النفط إذا لم يتوقف إطلاق النار أو يقترح على الدول المطبعة أو الموقعة لاتفاقيات السلام بضرورة الإعلان عن التفكير بإلغاء هذه الاتفاقيات .. وعدم السماح لطيران دولة الاحتلال باستخدام المجال الجوي العربي أو عدم السماح لسكان دولة الاحتلال بدخول أراضيها إو إلغاء الاتفاقيات التجارية .. إلخ
كل هذه الخطوات التنفيذية ، يبدو أنها لا تدخل في اختصاص سكرتارية جامعة الدول العربية أو حتى سكرتارية منظمة التعاون الإسلامي وغيرها من الأجهزة والمنظمات الإنسانية العربية والإسلامية ..
استمعنا خلال الأيام الماضية إلى كثير من الدبلوماسيين أو المسؤولين العرب والذين لم تتجاوز حناجرهم كلمات الإدانة والألم على ما يجري ، ولم نستمع لأي منهم يحاول أن يصرح بأنه يفكر أو أنه رأى في منامه أنه يفكر بوقف الإمدادات النفطية عن الدول الداعمة للجريمة واستمرار العدوان .. لم نر أو نسمع أحدا يفكر أو رأى في منامه أنه يفكر بأنه سوف يدعم المقاومين في غزة إذا لم يتوقف مسلسل القتل والدمار .. لم نسمع أحدا يخرج عن الأعراف الدبلوماسية الميتة أو المحنطة التي تدعو إلى الهدوء أو تعبر عن القلق أو الشعور بالحزن والأسى .. أو إحصاء أعداد الضحايا والجرحى والنازحين ..
ولست أدري متى يصحو هؤلاء ويقومون بدورهم .. ويسجلوا للتاريخ أنهم قاموا بدورهم الحقيقي في وقف الجريمة .. هل يظن هؤلاء أن هذه الدبلوماسية الميتة سوف تبقي لهم المناصب؟ أو أنهم سيخلدون في مناصبهم .. هل يظنون أن الشعوب سوف ترحمهم ؟ أو أن التاريخ سوف يجد لهم أعذارا لهذا الخذلان الفظيع لأهلهم في غزة وفلسطين ؟ أو يظنون أن المجرمين الصهاينة سوف يرحمونهم إذا سكتوا أو وقفوا على الحياد ؟ ..
إن المجرمين الصهاينة لا يرحمون أحدا .. فالعرب بالنسبة لهم حيوانات بشرية .. بل إنهم عند بعضهم أقل من الحيوانات .. وبالتالي فإن هذه اللغة العنصرية المقيتة ليست موجهة لأهل غزة أو فلسطين .. فإذا ما انتصر هؤلاء الغزاة المجرمون لا قدر الله .. فإنهم سوف يستمرون في عدوانهم ومحاولة تحقيق مخططاتهم التوسعية الإجرامية ..
إن الدبلوماسية والعبارات المنمقة والمزخرفة ليس هذا أوانها ولا مكانها .. إن المطلوب الآن هو الإجراءات التنفيذية وتقديمها دبلوماسيا على شكل مقترحات أو تصريحات في قوالب إعلامية مؤثرة ..
إن الغرب لا يعرف غير لغة المصالح .. ولذلك فإن التهديد بقطع العلاقات أو وقف الاستيراد أو وقف التصدير أو استخدام سلاح النفط أو سلاح المقاطعة الاقتصادية أو وقف الاتفاقيات .. إلخ هو الذي يمكن أن يكون مؤثرا .. وفي نفس الوقت لا بد من الإعداد والاستعداد الميداني والعسكري للدفاع عن الأرض والوطن لأن الجميع مهدد من قبل هذه العصابات الصهيونية المجرمة التي لا تراعي إلا ولا ذمة .

حرب المصطلحات .. الأسرى والرهائن والمخطوفون أ.د كمال حطاب

27 October 2023

مما لا شك فيه أن أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال ليس لها مثيل في العالم قانونيا وسياسيا وإنسانيا .. فالأسير المعروف في القانون والعرف الدولي والإنساني هو الذي يستسلم أثناء المعركة سواء بعد إصابته أو حتى من غير إصابة إذا وجد نفسه محاطا بجيش لا يستطيع مقاومته ..أما أسرى فلسطين فمعظمهم مخطوفون من بيوتهم .. بعد مداهمة قوات الاحتلال في الساعات الأخيرة من الليل ..
ولا شك أنه توجد فروق كبيرة بين الأسرى والمخطوفين .. فالشعب الفلسطيني هو شعب تحت الاحتلال ، وهو محمي بالقانون الدولي ، وله حق المقاومة المشروعة .. فكيف يسمح لجنود الاحتلال باختطاف الناس من بيوتهم ، ثم محاكمتهم محاكمات عسكرية ، وإلصاق التهم لهم والحكم عليهم بمؤبدات أو سنوات طويلة في السجون .. ثم إطلاق لقب الأسرى عليهم .. وكأنهم كانوا يخوضون حربا متكافئة .. فسقطوا أسرى بيد قوات الاحتلال ..
إن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال هو شعب محتل أسير سواء كان الناس في بيوتهم أو في أعمالهم أو حتى في سجون الاحتلال ..
في المعارك المتكافئة يمكن أن يوجد أسرى من الجانبين ، فيحدث تبادل للأسرى بعد انتهاء الحرب .. أما في مقاومة الاحتلال فمن الصعب جدا أن يسقط أسرى من قوات الاحتلال نظرا للفرق الكبير في القوة والعتاد .. ومع ذلك فقد تمكنت المقاومة أخيرا ، وبعد خمسة وسبعين عاما من الاحتلال ، من أسر عدد كبير من جنود وجنرالات الاحتلال وحطمت بذلك أسطورة الجيش الذي لا يقهر وحطمت أسطورة دولة الاحتلال ..
يتقن الصهاينة الحرب الإعلامية التي تقوم على الأكاذيب ، ومن أبرز الأكاذيب التي يروجون لها وصف جيشهم بأنه جيش الدفاع ، وما هو بجيش دفاع وإنما هو جيش اعتداء وجيش احتلال ، جيش همجي لا ينتمي إلى الإنسانية ولم يسمع بما يسمى القانون الإنساني الدولي .. وحتى لو سمع فقد أعلن أنه لن يراعي أي قانون إنساني في مجازره التي يرتكبها ليلا ونهارا ..
ومن المصطلحات التي استخدمها الاحتلال في هذه المعركة مصطلح الرهائن ، فقد أطلق على من أسرهم جنود المقاومة من قواته وجيشه ، أطلق عليهم رهائن وأخذت وسائل الإعلام العالمية تسميهم رهائن .. مع أن الرهائن هم شيء آخر ، فقد جرى العرف والقوانين الحربية على أن من يقبض عليه في الحرب يسمى أسيرا ، أما الرهينة فغالبا ما لا يكون في الحرب ، ويكون المعتدون عبارة عن عصابات إجرامية بلا شرف أو أخلاق ، ولذلك تعامل جرائم الرهائن ضمن القانون الجنائي الدولي ، وليس ضمن القوانين العسكرية ، ولذلك نجد الإصرار على إشهار مصطلح الرهائن ، حتى يشوهوا بطولات المقاومة الفلسطينية ، ويدخلوا الجنود والجنرالات الصهاينة المأسورين ضمن مصطلح الرهائن الذين لا يمكن أن يكونوا عسكريين .. ولكي لا يخضعوا للقوانين العسكرية أو حتى قوانين جنيف التي تنظم أوضاع الأسرى أثناء الحروب ..
إن الصهاينة المسيطرين على معظم وسائل الإعلام العالمية يتقنون إطلاق الأكاذيب وتكرارها وترديدها من خلال أبواقهم الكثيرة والمنتشرة في كافة دول العالم ، حتى ينشغل الطرف الآخر في محاولة دحض الأكاذيب وبالتالي تصبح هذه الأكاذيب حقائق راسخة يتم الحديث حولها ، وتشكل لجان تحقيق للتأكد من مصداقيتها وغالبا ما تنتهي لجان التحقيق إلى وجود عدة آراء في الموضوع ، وهكذا تصبح الأكاذيب حقائق ، ويصبح المعتدى عليه مجرما ، ويخرج المجرم بريئا منتصرا .. هكذا يتعامل الصهاينة المجرمون مع كافة الجرائم التي يقومون بها .. وللأسف الشديد فإن معظم وسائل الإعلام العربية والإسلامية تنقل أخبارا كالببغاوات دون أن يكون لها أي تأثير في إعادة تحرير أو صياغة الخبر أو المصطلح .

قرابين الصهاينة.. والمسجد الأقصى أ.د كمال حطاب

04 October 2023

في ظلال قصة قابيل وهابيل كما وردت في القرآن الكريم ” وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ( المائدة ، 27) ..
تتحدد شروط القبول والرضا الرباني عن عباده ، فمن يريد أن يتقبل الله منه ينبغي أن يكون تقيا نقيا طاهر القلب واللسان والبدن .. فلن يتقبل الله من مجرم قذر سفاك دماء .. ” إنما يتقبل الله من المتقين ” .
فمشكلة قابيل أنه كان شحيحا فقدم حرثا أو عشبا ذابلا – كما ورد في بعض التفاسير – فلم يتقبل الله منه ، بينما قدم أخوه هابيل كبشا عظيما فتقبل الله منه .. فإذا كان الشح والتقتير سببا لعدم قبول قربانه ، فمن باب أولى أن لا يتقبل الله من المجرمين قطاع الطرق قتلة الأنبياء .. الغاصبين المحتلين المنتهكين لكافة الحرمات والمقدسات ..
إن من يريد أن يتقبل الله منه ينبغي أن يكون بريئا مسالما طيبا .. وليس معتديا آثما مرتكبا لكافة أنواع الجرائم والموبقات .. ينبغي أن يكون في أرض طاهرة غير مغتصبة أو محتلة .. فلا يمكن أن يتقبل الله ممن أدمن الاعتداء على البشر ، وممارسة القتل والتشريد وسفك الدماء ومصادرة البيوت وتشريد أهلها ..
إن من يريد أن يتقبل الله منه لا بد أن يحترم البشر ويحترم القوانين الإنسانية التي تعارف عليها جميع البشر أما التعالي على الناس والنظر إليهم كمخلوقات درجة ثانية فهذا لن يتقبل الله منه ابدا ..
ثم إذا كنتم فعلا تريدون أن تتقربوا إلى الله .. أليست لكم مقدسات مزعومة .. لماذا لا تقدمون القرابين في كنيسكم الذي أطلقتم عليه كنيس الخراب ولا يبعد كثيرا عن المسجد الأقصى .. لماذا هذا التحدي والتعدي على مشاعر المسلمين في العالم .. هل هانت الأمة الإسلامية إلى هذا الحد ؟ ألا تحسبون حسابا لأحد من ملياري مسلم يتأذون بأفعالكم وجرائمكم ؟ ألا تحسبون حسابا لأحد من البشر ؟
لا شك أن هذه الجرأة على إثارة مشاعر المسلمين والتعدي على مقدساتهم ستكون بداية للتبار والدمار والخراب الذي سيحل عليكم ، فما بعد العلو إلا السقوط ، وقد حققتم العلو الذي أخبر عنه القرآن الكريم ” ولتعلن علوا كبيرا ” وبقي التبار الذي تحدث عنه القرآن الكريم أيضا ” وليتبروا ما علوا تتبيرا ” فهو الخراب والدمار الذي تصنعونه بأيديكم .. إن التعدي على حرمات ومقدسات المسلمين لن يبقيهم ساكتين دون حراك .. إن المارد الإسلامي لا يمكن أن يبقى في قمقمه .. ولا بد من خروجه يوما .. وعندها ستكون نهايتكم ونهاية أساطيركم ..
إن من يريد أن يتقرب إلى الله في مختلف المذاهب والديانات الأرضية والسماوية ، فإنه يتقرب بالعمل الصالح ، يتقرب بالطيبات ، أو بفعل الخير ، .. أما التقرب من خلال الاعتداء والاحتلال وتدنيس مقدسات المسلمين ، فهذا عمل مدان في كافة الشرائع السماوية والأرضية ، وفي كافة القوانين الإنسانية والدولية ..
إن آيات القرآن الكريم واضحة جلية في رفض قرابينكم ، وفي فضح جشعكم وجرائمكم وحرصكم على الحياة وعداوتكم للأنبياء وأهل الحق .. وبالتالي فلا تخدعوا أنفسكم ولا تمنوا أنفسكم بالبقاء في المستوطنات المحصنة وراء الجدر المحصنة .. لأن مصيركم محتوم ونهايتكم قريبة بإذن الله .

الحمية الجاهلية ؟؟ أ.د كمال حطاب

24 September 2023

مدح النبي صلى الله عليه سلم حاتم الطائي بأنه كان يحب مكارم الأخلاق ، وقال صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” . ومدح حلف الفضول، وهو حلف عقده كفار قريش قبل الإسلام ، تعاهدوا فيه على نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم ، وقال عنه صلى الله عليه وسلم : لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت .. ، لما اشتمل عليه من عدالة وإحسان وأخلاق كريمة .
وتحدث الندوي في كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين عن العرب قبل الإسلام ، ولماذا كانت الجزيرة العربية مهبطا للوحي ؟ فأشار إلى أنهم كانوا أهل خشونة وقسوة ونخوة وشهامة ومروءة ونجدة وحمية ..
غير أننا نعيش اليوم بين عرب ليسوا كعرب الجاهلية .. وبين مسلمين ليسوا كالمسلمين الأوائل ..
إن عرب اليوم ليسوا كالعرب الذين نزل فيهم القرآن أو تحدث عنهم ابن خلدون أو ابن بطوطة وغيرهم من الرحالة والجغرافيين ..
فهاهي المقدسات تنتهك ولا نجدة ولا مروءة ولا إغاثة ولا إحساس ولا حمية جاهلية أو إسلامية .. وها هو:
المسجد الأقصى يئن بحرقة مسرى الرسول يهيب بالعباد
لبوا الندا إن اليهود بساحتي فعلوا خسيس الفحش والإفساد
ها نحن نرى الصهاينة يقتلون ويضربون ويعتدون على النساء والشيوخ أمام أعين العالم وكاميرات الإعلام العربي والعالمي .. ولا مجيب ولا مغيث ..
ها هم اليوم يحتفلون بعيد الغفران ، كما يدعون ، وكأن الغفران لا يتم إلا من خلال الاعتداء على المسجد الأقصى .. يحتفلون ويتصايحون ويتصارخون .. وينفخون بأبواق مؤذنة بخرابهم ، وخراب دولتهم ، زعيق البوم والغربان ، يزعجون الناس في مقدساتهم وأماكن عبادتهم .. وفوق ذلك يداهمون المدن والمخيمات في كل صباح ومساء .. بالأمس في مخيم جنين واليوم في مخيم عين شمس وفي كل يوم شهداء ومختطفون من بيوتهم .. والشرعية الدولية الظالمة تراقب ولا تشعر بالقلق .. ولا تحرك ساكنا .. والأمة العربية في سبات .. ولا حمية جاهلية أو إسلامية لنصرة المظلومين ونصرة المقدسات ..
يبدو أن عرب اليوم هم خليط من أنساب وأجناس وأمم شتى ، ولعلهم أخذوا من كل جنس الصفات الأكثر ليونة ورقة وحبا للدنيا .. فالعرب كانوا هم الأكثر خشونة في الطباع والأكثر شجاعة وفروسية وشهامة ومروءة ونجدة وإغاثة للملهوب .. الأكثر عزة وفخرا بأنسابهم وأشرافهم وتاريخهم .. والأكثر دفاعا وحماية لأعراضهم وشرفهم ونسائهم وأراضيهم .. فما بالنا لا نجد هذه الصفات ولا حتى ما يشبهها أو يقترب منها ..
إن الإجراءات التي يمارسها الصهاينة اليوم في المسجد الأقصى غير مسبوقة ، وما لم يتحرك العرب والجيوش العربية ولو بالكلام .. ما لم تتحرك الجيوش الإسلامية ولو بالتهديد .. ما لمت تتحرك الشعوب الإسلامية بالإنكار والاستنكار والمقاطعة للصهاينة وكل من يؤيدهم .. فإن الحكومة الصهيونية المتطرفة ماضية في مشروعها للاستيلاء على المسجد الأقصى .. وهدمه وتحويله إلى كنيس يهودي .. كما هي خططهم المعلنة .. وعندها لا ينفع الندم إذا وجد ندم لدى العرب والمسلمين .. عندها سيقال في العرب ما قالته أم أبي عبدالله الصغير آخر ملوك بني الأحمر ملك غرناطة ..يوم سقطت الأندلس وخرج منها باكيا محسورا مدحورا ..
فابك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال .

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]