عودة إلى الصفحة الرئيسية

الأكاديميون في الجامعات العربية أ.د كمال حطاب

03 September 2023

يُعد الأكاديميون في الجامعات من أعلى فئات المجتمع ثقافة وعلما واطلاعا ومتابعة ومواكبة للأحداث العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية .. ويُعلق المجتمع عليهم آماله في التطور والتقدم والنهوض وتقديم الحلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
ويبدو أن هذا الوضع ، هو السائد في معظم الدول المتقدمة ، حيث يُنظر للأكاديمين والعلماء والفئات الأكثر تعليما كمستشارين في كافة المجالات ، ويُعَوّل عليهم في تقديم الحلول والاستشارات في أدق التفاصيل السياسية والاقتصادية والعلمية وبما يحقق مصلحة الدولة والمجتمع .. ويتم توظيفهم في تخصصاتهم الدقيقة التي تزيد في التراكم المعرفي للمجتمع وللأجيال القادمة .
ولذلك نجد العديد من الأكاديميين في الجامعات في الدول المتقدمة يحصلون على جوائز نوبل أو ما يضاهيها من جوائز دولية ، وبراءات اختراعات ، ونسب استشهادات أو اقتباسات عالية جدا .. إضافة إلى تمويل دولي ووطني لمشروعاتهم البحثية بما يزيد من الإنتاجية وفرص التشغيل ويحقق إيرادات ضخمة تزيد في حجم الناتج القومي الإجمالي لبلدانهم .
أما الدول العربية فإن وضع الأكاديميين في معظم هذه الدول مثير للشفقة ، سواء من حيث الاستغلال الأمثل لعلومهم وما يحملونه من تخصصات نادرة ، أو في توظيفهم بما ينفع المجتمع ويحقق التقدم .. أو في استشارتهم والرجوع إليهم في صغائر الأمور قبل عظائمها ، وسواء كان ذلك أثناء خدمة عضو هيئة التدريس أو بعد انتهاء خدماته في الجامعة ، وتفرغه لخدمة المجتمع .
إن العديد من حكومات الدول العربية يدفعون لما يطلق عليهم الخبراء والمستشارون الأجانب أضعافا مضاعفة مما يُدفع للخبير أو المستشار العربي أو المحلي .. هذا مع افتراض اللجوء إلى استشارات محلية أو عربية ..
وتتدخل بعض الجهات أو المنظمات المالية الدولية كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير في كثير من المجالات التعليمية ، من خلال تقديم الخبراء كمساعدات فنية مدفوعة الأجر ، وعلى سبيل المثال تدفع الدول العربية مئات ملايين الدولارات من أجل برامج تطوير المناهج الدراسية ضمن برامج يديرها البنك الدولي وغيره من المؤسسات والمنظمات الدولية من أجل تطبيق نتائج أبحاث ودراسات الجامعات الغربية .
بينما لا تجد الجامعات في الدول العربية ميزانيات كافية لدعم البحث العلمي ، سواء من حيث الدعم أو الحوافز والمكافآت أو تجهيز المختبرات والمعامل والتقنيات اللازمة لمواكبة التطورات العلمية العالمية ، ومن جهة أخرى فإن معظم أعضاء هيئة التدريس.. لا يحصلون على فرصة التفرغ للبحث العلمي .. سوى سنة واحدة كل خمس أو ست سنوات ، وفي الغالب فإن هذه السنة يقضونها في محاولة تحسين دخولهم والحصول على فرصة عمل أخرى في جامعة أخرى ، بعيدا عن البحث العلمي وإضافاته المتميزة التي يمكن أن تفيد المجتمع وتعمل على تقدمه وتطوره .
إن توفير الدعم الكافي للبحث العلمي سواء في تحقيق الاستقلالية المالية لأعضاء هيئة التدريس أو في توفير البنية التحتية للبحث العلمي من مختبرات وأجهزة ومراكز بحثية هو الخطوة الأولى نحو زيادة إنتاجية أعضاء هيئة التدريس ، وزيادة العطاء والتضحية والانطلاق والإبداع والابتكار ، ومحاولة الحصول على براءات اختراع وجوائز دولية وأعلى نسب نشر أو اقتباس .. إلخ ، وبالتالي الإسهام في خدمة المجتمع وتحقيق التنمية بكافة أشكالها المعاصرة .. التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية والتكنولوجية والرقمية .. إلخ .

البريكس .. زوبعة في فنجان ؟؟ أ.د كمال حطاب

28 August 2023

البريكس .. زوبعة في فنجان ؟؟
أ.د كمال حطاب
يتطلع كثير من الناس إلى دول البريكس كمنقذ أو مخلص من الظلم الذي تعاني منه معظم شعوب العالم نتيجة الهيمنة الغربية الرأسمالية .. والنظام العالمي الجديد والذي يدار من خلال الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ومنظمة التجارة العالمية .. إلخ وينسى هؤلاء المنبهرين بالبريكس أن الظلم الذي يمكن أن ينجم عن هذه الدول في حالة سيطرتها حقيقة على الاقتصاد العالمي سيكون أكبر بكثير مما هو متحقق فعلا .. هذا في حالة نجاحهم في الاتفاق على نموذج اقتصادي عالمي جديد .. وإن كان هذا النجاح يبدو مستحيلا من وجهة نظر طائفة كبرى من الباحثين والمحللين .. فلماذا يبدو هذا النجاح مستحيلا ؟ وما الذي يعوق دول بريكس عن تحقيق النجاح الذي تتطلع إليه الشعوب المظلومة والمقهورة ..
مما جاء في البيان الختامي لقمة جوهانسبرغ والتي انتهت قبل أيام ، الدعوة إلى إصلاحات في نظام الأمم المتحدة ، بما في ذلك مجلس الأمن من أجل المزيد من الديمقراطية . وهذا يعني أنهم لا يزالون يؤمنون بالأمم المتحدة ، وخاضعين لمؤسساتها ومجالسها المتعددة ، بمعنى أنهم لا يريدون الانسحاب من منظمات الأمم المتحدة أو إقامة منظمات بديلة عنها ، فالمطلوب هو الإصلاح .. وفي بند آخر أكدوا على دعم قواعد منظمة التجارة العالمية ، وهذا يؤكد النتيجة السابقة بأنهم يطلقون شعارات فقط ، ولا يريدون أن يستقلوا بعيدا عن منظمات الأمم المتحدة .. وبشكل خاص منظمة التجارة العالمية والتي تمارس مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أكثر الإجراءات الاقتصادية ظلما ضد الدول الفقيرة و
ومن جهة أخرى فإن المتأمل في دول البريكس يرى حجما سكانيا ضخما وكذلك حجما كبيرا في التجارة والصادرات والمستوردات ، وكذلك حجما كبيرا في الناتج القومي الإجمالي ربما يشكل ثلث ناتج العالم .. ولكن السؤال هو هل يمكن لهذه الدول أن تستفيد من هذا الحجم الكبير ؟ هل يمكن لها أن تدير الاقتصاد العالمي بعدالة واستقرار ؟ هل يمكن لها أن تخفف من حدة التفاوت وتعمل على إعادة توزيع الثروة بعدالة ؟ هل لدى هذه الدول مقومات تنظيمية سياسية أو اقتصادية تمكنها من تحقيق عدالة أو بناء أسس عادلة في إدارة العلاقات الدولية أو إدارة نظام نقدي عالمي ؟ لعل النظرة المتأنية المتفحصة لوضع كل دولة من دول البريكس يمكن أن يرسم لنا صورة حقيقية حول إجابة هذه الأسئلة ..
فلو نظرنا إلى روسيا سوف نجد أن هذه الدولة متورطة في معظم الحروب والجرائم التي تجري على الأرض في الوقت الحاضر .. فهاهي تخوض حربا ضروسا بلا أي مبرر قانوني أو إنساني في أوكرانيا .. وكذلك تدير شركات عصابات إجرامية تحت مسمى ( فاغنر) في عدد كبير من دول العالم ، حيث ينفذون جرائم القتل بعيدا عن القانون أو تحمل المسؤولية ، وما فعلته روسيا في الشيشان وسوريا وليبيا وأفغانستان وغيرها من دول العالم ، لا يخفى على أحد ..
كيف يمكن لدولة بهذا التاريخ الإجرامي أن تحقق استقرارا أو تؤسس لتنظيم يحقق الاستقرار والعدالة للبشرية ؟
لعل الصين والهند هما أكبر دولتين سكانا واقتصادا في دول البريكس ، ولو نظرنا إلى النظام الذي يحكم في كليهما فسوف نجد اضطهادا للأقليات ومذابح مستمرة وسجون ومعتقلات .. فكيف يمكن لأي من هذين النظامين أن يحقق عدالة أو استقرارا .. كيف يمكن لمن يمارس الاحتلال والقمع والاضطهاد ضد الأقليات أن يكون عادلا تجاه الشعوب الأخرى ؟
ربما يختلف حال البرازيل وجنوب إفريقيا قليلا عن الدول الثلاثة الأخرى ، غير أن حجم الناتج القومي لكليهما يشكل نسبة ضئيلة جدا ..
ولو تجاوزنا عن الأوضاع السياسية السابقة ، فإنه وفقا لخبراء التكامل الاقتصادي مثل بيلا بالاسا فإن الدول التي ترغب في الوصول إلى تكتل اقتصادي أو كيان اقتصادي موحد ينبغي أن تمر في خمسة مراحل ، أطلق عليها مراحل التكامل أو الوحدة الاقتصادية ، تبدأ بتكوين منطقة التفضيلات الجمركية ، ثم منطقة التبادل التجاري الحر ، ثم الاتحاد الجمركي وصولا إلى السوق المشتركة إلى أن تنتهي إلى منطقة الوحدة الاقتصادية موحدة يتم فيها إلغاء كافة القيود على حركة السلع والخدمات بين دول التكتل ..
وبالنظر إلى دول بريكس فلا يظهر أنها قطعت أي شوط أو مرحلة من المراحل السابقة ، ولكنها ترغب في توسيع العضويات وضم دول أخرى إليها .. في الوقت الذي لا يظهر فيه هيكل تنظيمي واضح ، يبين كيفية اتخاذ القرارات وعلى أي أساس تصويتي ؟ وما هي قوة التصويت لكل دولة ؟ وحتى اتفاقية البنك الوطني لدول البريكس فإنها لم تفعل بشكل كامل ، حيث لا يزال البنك يوطد علاقاته بالبنك الدولي وبالبنوك العالمية من أجل أن يكون له اعترافا ومن أجل أن تتم عملياته بسهولة ودون عراقيل أو عقبات ..
يبدو أن مهندسي نظام بريتون وودز كانوا متمكنين جدا ، ويبدو أن الترميمات والصيانة التي جرت على هذا النظام منذ أكثر من 80 عاما ، زادته قوة ، ومكنته من الاستمرار والتفوق ، وتجنب السقوط والانهيار .. ويبدو أن عملية استبدال هذا النظام ستكون صعبة جدا في ظل الظروف العالمية المعاصرة . وبالتالي فإنه لا يزال أمام بريكس وغيرها من التكتلات الدولية أو الإقليمية وقت طويل جدا من أجل أن يتحقق أي تغيير حقيقي في تسيير العلاقات الدولية في عالم ما بعد الحرب .

الذكاء الاصطناعي والتنمية … أ.د كمال حطاب

15 August 2023

الذكاء الاصطناعي والتنمية
أ.د كمال حطاب
اختلف الاقتصاديون قديما وحديثا حول أي القطاعات الاقتصادية في المجتمع هو القطاع الرائد ، أي أنه يقود القطاعات الأخرى نحو التنمية ، هل هو القطاع الصناعي أم الزراعي أم التجاري ، وإذا كان القطاع الصناعي فهل هي الصناعات السلمية أم الحربية ؟ هل هي الميكنة أم الحوسبة أم التطبيقات الذكية أم تقنيات البلوك شين ؟؟
قبل قرنين من الزمان ، اشتهر الطبيب الفرنسي كيناي بنظريته عن الجدول الاقتصادي ،والتي أثبت فيها أن القطاع الزراعي هو صاحب الفضل على كل القطاعات ، فالمزارعون هم الذين يكونون الفائض ، وبقية القطاعات عالة عليهم .. وربما كان مصيبا في ذلك الوقت ، الذي كان الناس فيه يواجهون المجاعات في كل مكان ..
أما في القرن العشرين فقد ثبت أن قطاع الصناعات العسكرية هو القطاع الرائد وأن معظم البلدان المتقدمة هي البلدان التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية ، ولا تزال هذه الدول متفوقة متقدمة في الصناعات العسكرية ، ولا تزال الصناعات العسكرية تقود بقية القطاعات نحو التنمية حتى وقتنا الحاضر ..
أما في القرن الحادي والعشرين فيبدو أن قطاع الكمبيوتر كان له دور رئيسي في الريادة والقيادة لبقية القطاعات إلى جانب الصناعات العسكرية ، وظهرت شركات وادي السيليكون لتحقق أرقاما فلكية في الاقتصاد الأمريكي والعالمي ، وتشعب عن الكمبيوتر والإنترنت ، التطبيقات الذكية ، إضافة إلى قطاع التكنولوجيا المالية ، ولا شك أن دول العالم ستكون عالة على من يبدع في هذه المجالات ..
إن برامج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون هي الرائدة في هذا العقد الذي نعيش فيه حيث يتوقع أن يتجاوز حجم سوق الذكاء الاصطناعي تريليونات الدولارات في السنوات القليلة القادمة ..
غير أن ما يقلق البشر من الذكاء الاصطناعي هو خوفهم من عدم القدرة على التحكم في ما سيؤول إليه هذا الذكاء .. فتسخير منتجات الذكاء الاصطناعي لكل فرد وبما يتناسب مع كافة خصائصه وإمكاناته وميوله ، ربما سيصيب البشرية بالعجز في فترة قصيرة جدا .. فلن يحتاج الناس إلى أطباء أو معلمين أو مرشدين نفسيين أو مهندسين أو أي تخصص .. فكل ذلك يمكن توفيره من خلال الذكاء الاصطناعي ..
وحتى ما يحتاجه الإنسان من طعام وشراب سوف يقوم الذكاء الاصطناعي بمراقبة بيولوجية كل إنسان وما ينقصه من طعام وشراب ويقوم بتوفيره من خلال الطلبات المبرمجة مع شركات الديلفري المرتبطة بالذكاء الاصطناعي .. وكذلك بالنسبة للصحة والتعليم والعلاقات الاجتماعية وغيرها من الجوانب التي يعيشها الإنسان .
هل يمكن أن يتحقق ذلك بحيث يصبح الإنسان نفسه عالة على أجهزة الذكاء الاصطناعي وبرامجه ؟ أم إن الأمر فيه مبالغات كبيرة ؟ خاصة وأن أجزاء كبيرة من مناطق العالم لا تزال بعيدة عن الإنترنت ، وربما عن الكهرباء وما يتعلق بها من تكنولوجيا وكمبيوتر وتطبيقات إلكترونية ..
ربما تتحول مجتمعات الـــــ واحد في المئة المترفة إلى ضحايا لبرامج الذكاء الاصطناعي أما مجتمعات الـــ 99% الفقيرة ، فإنها لن تستطيع أن تخضع لهذه البرامج ، حتى ولو رغبت في ذلك ، نظرا لعدم وجود الإمكانات المادية اللازمة لمثل هذه التحولات أو التطورات .. وبالتالي ستبقى معظم دول العالم النامية بعيدة عن سيطرة الذكاء الاصطناعي إلا في قطاعات محدودة جدا ..
لعل من أكثر منتجات الذكاء الاصطناعي انتشارا ، برنامج الشات جي بي تي ، والذي انتشر بشكل سريع في معظم دول العالم ، ومع ذلك فإن استخدامات معظم دول العالم لهذا البرنامج ربما يغلب عليها التسلية وإضاعة الوقت والغش والخداع والاحتيال وغيرها من الاستخدامات التي تمكن من أكل أموال الناس بالباطل ، وحصول البعض على غير ما يستحقه . وبالتالي لا بد أن تكون برامج الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء بحيث تحمي نفسها من الاستخدامات العبثية أو المسيئة ، وتضع حدا لاستخدامها في الاحتيال أو الاستغلال .. فإذا كانت هذه البرامج ذكية فعلا ، فليس من الذكاء أن تمكن الفاسدين من استغلالها من أجل تنفيذ أغراض غير قانونية.

المثليون الجدد.. والدوافع الاقتصادية؟ أ.د كمال حطاب

29 July 2023

في ظلال قوله تعالى ” وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ” ( الأعراف ، 82) ، يعترف أولئك المثليون بأنه لا مكان للطهارة أو الأطهار بينهم ، ولذلك لا بد من إخراج المتطهرين من تلك القرية ، حتى يهنأ القذرون بقذارتهم دون اعتراض أحد ..
كنت أتعجب من صنيع قوم لوط كلما قرأت الآيات التي تتحدث عن قصة لوط وسلوكيات قومه مع ضيوفة ، وقد أجد تفسيرا لتلك السلوكيات بأنهم قوم منعزلون غير متحضرين لم يصلوا إلى مراتب متقدمة من العلم أو المعرفة ، وربما لم تصلهم رسائل سماوية قبل لوط عليه السلام ، فكانت عادات وسلوكيات شاذة تمكنت منهم ولم يستطيعوا تركها عندما دعاهم لوط عليه السلام ..
غير أننا في العصر الحاضر وجدنا المثليين الجدد في دول وأمم تدعي الحضارة ، وقد وصلتها الرسالات السماوية كلها ، وبلغت من العلم مبلغا لم تصل إليه الأمم السابقة ، ومع ذلك فهذه الدول تتقبل هذا السلوك القذر وتجد له المبررات المغلفة بالمنطق والاحترام ، بل ويسنون له قوانين وتشريعات تحفظ حقوق من أُطلق عليهم المثليون .. فها هو الرئيس الأمريكي جو بايدن يوقع تشريعا فدراليا يحمي هذه الفئة من البشر ، ويحث على احترام زواج المثليين وحفظ حقوقهم ، ويمنحهم الحماية الفدرالية .. رغم معارضة 34 ولاية أمريكية لهذه الحقوق .
ليس هناك من شك في أنه توجد فئة من البشر قد مسخت فطرهم السوية أو أصيبوا بأمراض نفسية وعقلية جعلتهم يرغبون في هذا السلوك القذر … ولكن هذه الفئة كانت قلة منبوذة معزولة .. حتى استحقوا الخسف والإبادة في زمن لوط عليه السلام .. وتخلصت البشرية من شرورهم .
أما المثلية الجديدة والتي وافق عليها بايدن عام 2022 ، فليس بالضرورة أن يكون غرضها ذلك السلوك الشنيع فحسب ، بل ربما كانت وراءها أمراض وأغراض اقتصادية ، فوفقا لما نشرته جريدة اليو إس إيه توداي يوم 13 -12-2022 ، فإن قانون المثليين يعطيهم حقوقا قانونية عديدة ، وهذه الحقوق هي أشبه بحقوق الأزواج الطبيعيين ، وربما تتفوق عليها ، فللرجل المثلي أن يستفيد من الضمان الاجتماعي لشريكه وكذلك من التأمين الصحي ، والتقاعد ، وكذلك الميراث ، كما أن له نصف ممتلكاته عند الطلاق أو الفسخ ، إضافة إلى حقوقه في الإقامة أو الحصول على الجنسية .. فقد يتزوج رجل أجنبي من رجل أمريكي مثلا من أجل الحصول على الجنسية إذا لم يجد امرأة توافق على الزواج منه .. وهكذا ..
طبعا كل هذه الحقوق لا تبرر ولا تقلل من القذارة التي غمسوا أنفسهم بها حتى ولو كانت أغراضهم بريئة ، ولكنها تبين إلى أي مدى قد ينحدر الإنسان بإنسانيته في سبيل مصالحه الاقتصادية ، كما تظهر كيف طغت الحياة المادية الاقتصادية على عقول الناس ، وباتوا لا يتركون بابا أو طريقا يحققون من خلالها مصالح اقتصادية إلا سلكوه ، دون نظر إلى مدى القبح والشناعة التي تغمر هذا السلوك ..
إن الاعتبارات المادية والاقتصادية ، هي التي تحكم العالم في الغالب في الوقت الحاضر ، وهي التي تحرك كافة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية .. إلخ ، وما دام الأمر كذلك ، فما المانع عندهم أن تكون هذه الاعتبارات وراء تحديد العلاقات البيولوجية بين البشر ، وتحديد الجنس والجندر ، وبناء أسر شاذة ذات علاقات غير بشرية ، من أجل تأمين بعض المصالح الاقتصادية .. ولعل مما يدعم هذا الكلام .. ضخامة حجم الشركات العالمية التي تقف مع حركة حقوق المثليين ، وتقدم لهم المليارات للترويج لأنشطتهم وتنظيم فعالياتهم في مختلف دول العالم .. فهل يمكن أن يكون هذا الدعم لأغراض تسويقية أو اقتصادية ؟ باعتبار هذه الفئة أصبحت تمثل نسبة ليست قليلة من حجم البشرية ، كما أنها تتوزع بين الطبقات الأكثر غنى ورفاهية ؟ هل يمكن أن يكون هذا الدعم لأغراض تجارية بحتة ؟ أم أن هذه الشركات لا تريد أن تخسر الدول والحكومات والمؤسسات العالمية التي وقفت إلى جانب حقوق المثليين ؟
إن هذه الشركات تشمل معظم الشركات العالمية المعروفة في كل بلد ، وإن دعمها لهذه الفئة من البشر، هو محل استغراب واستهجان من العقلاء والمنصفين على مستوى العالم ..
إن المثليين الجدد هم أكثر وقاحة وأقل حياء ، فالمثليون القدامى كان يعترفون بشناعة صنيعهم وبالتالي هم لا يريدون أن يتطهروا ولا يريدون أن يكونوا مع المتطهرين ، أما المثليون الجدد فيعتبرون أنفسهم أسوياء ويطالبون بحقوقهم كاملة بل إنهم ربما يحاربون من ينكر عليهم فعلهم ، وباتوا يجدون لأنفسهم من القوانين والتشريعات ما يسمح لهم بترويج أفعالهم الشنيعة وممارستها تحت ظل الحماية الأمريكية الفدرالية .. بل إن الأمر تعدى ذلك إلى تدريس المثلية الجنسية ومعاقبة كل من يعترض عليها .

بتروناس الأردن أ.د كمال حطاب

24 July 2023

في أجمل بقاع عمان ، حيث حدائق الحسين ، يقع متحف الأطفال ، زرته مع العائلة والأحفاد قبل أيام ، فتذكرت على الفور معرض بتروناس للعلوم في (كي إل سي سي) كوالالمبور سيتي سنتر بماليزيا، والذي زرته مع العائلة أثناء إقامتي في ماليزيا قبل أكثر من عشر سنوات ..
يشتمل متحف الأطفال الأردني على عدد كبير من الأنشطة التعليمية ، إضافة إلى مكتبة للأطفال تضم كتبا متنوعة خاصة بالأطفال إضافة إلى ألعاب الليجو ، والمزرعة التعليمية .. إلخ ، ويتجمع الأطفال حول العديد من الأنشطة مثل السوبرماركت التمثيلي ، وألعاب توليد الطاقة ، وحركة الرياح ، وخيمة المجموعة الشمسية ،والتعرف على الجسم البشري ، وعشرات من الأنشطة التعليمية وألعاب المياه وغيرها .. ويشرف على المتحف مجموعة متميزة من الشباب والشابات المتطوعين لشرح الأنشطة والألعاب التعليمية التي تترك أثرا جميلا في نفوس الأطفال ..
تنتشر في كل زاوية العديد من الشاشات التلفزيونية التي تضم أنشطة تفاعلية للأطفال ، وتسمح بعض الشاشات للأطفال بتسجيل تعهداتهم بالمحافظة على المياه والبيئة .. كما تسمح بعض الشاشات بطباعة أنشطة صحفية أو عملات نقدية .. إلخ
يبدو أن جهودا كبيرة تبذل من أجل تطوير هذا المتحف للارتقاء بمستوى التعليم التفاعلي للأطفال، وإضفاء أجواء من المتعة والمرح للأطفال ، وإدخال السعادة على قلوب أولياء الأمور المرافقين .. وهي جهود مقدرة ومشكورة ..
إن بين المعرضين في الأردن وماليزيا تشابه كبير ، غير أن حجم التشويق والتجديد والابتكار في ماليزيا كان أكبر ، كما أن تفاعل الموظفين والموظفات مع الزائرين من الأطفال بشكل خاص كان أفضل .
في ماليزيا تجد الفكاهة والمتعة ممزوجة بالعلوم والكيمياء والرياضيات ، حيث يجد الزائر للمعرض الدائم الذي تقيمه شركة بتروناس ، يجد كافة الاختراعات التي عرفتها البشرية معروضة بأسلوب شيق يدركه الصغار قبل الكبار ويتفاعلون معه ، فها هي العربات الكروية الخاصة تنقل الزائرين وكأنهم في مركبة فضائية عبر الغابات المطرية الماليزية فيتعرفون على جمال الطبيعة ويتفاعلون معها ، ومن ثم ينتقل الزائر إلى عصور الديناصورات ، والبراكين ويستطيع أن يتلمس الحجارة القديمة والمناجم ، ويشم رائحة المناجم ، يلي ذلك الوصول إلى عصر الكهرباء ثم الفضاء حيث يندمج الزائر بالنظر في التلسكوبات ومشاهدة نفسه داخل البزة الفضائية ومشاهدة نفسه بالأشعة تحت الحمراء ..
إن متحف الأطفال في حدائق الحسين يمثل نموذجا رائدا في مجال الرعاية التعليمية ، والتحفيز على الابتكار والإبداع ، كما يمثل فرصة حقيقية للأطفال لممارسة بعض الأنشطة التعليمية ، وإطلاق العنان لخيالهم العلمي ، بما يزيد من قدراتهم الابتكارية والإبداعية . غير أنه ربما يكون بحاجة إلى بعض الأفكار الجديدة التي تصلح لأولياء الأمور .
فالأطفال لا يأتون إلى المتحف وحدهم ، ولذلك من الضروري وجود بعض الأنشطة للكبار ، كما هو متحف بتروناس في سراي مول التابع لأحد البرجين التوأمين في كوالالمبور .
من الضروري توسعة المطعم أو الكافيه بحيث يمكن الجلوس فيه لساعات ، وكذلك المصلى والمكتبة بحيث تشمل ركنا للكبار أو أولياء الأمور المرافقين .. كذلك زيادة الأيام المجانية حتى يستفيد أكبر عدد ممكن من الأطفال .
غير أن ما لا يمكن أن أنساه من زيارتي الوحيدة لمعرض بتروناس للعلوم في ماليزيا ، تلك الرحلة التي قطعناها في طائرة هيلوكبتر ( سميوليتر ) باتجاه منصات النفط العائمة لشركة بتروناس ، حيث واجهت الطائرة مطبات عنيفة كادت أن تسقط على الماء لولا مهارة الطيار الذي هبط بالطائرة بشكل آمن على إحدى المنصات العائمة لشركة بتروناس .. وبالفعل نزلنا من الطائرة من الباب الآخر وكنا في نموذج لمنصة نفط عائمة ، لا تختلف عن أي منصة عائمة حقيقية .. طبعا كانت تلك الرحلة في نموذج طائرة ثابت ( سميوليتر ) ولم نتحرك خلال الرحلة سوى بضعة خطوات داخل المنصة العائمة ..
إن بين المعرضين تشابه كبير .. وربما يكون متحف الأطفال في الأردن أكثر تخصصا باعتباره مخصصا للأطفال .. أما معرض ماليزيا فهو للأطفال والكبار على السواء .. ولذلك يكثر مرتادوه، كما أنه يقع في أهم معلم سياحي في ماليزيا حيث البرجين التوأمين .
في ماليزيا يسمح يوميا لألف وثمانمئة شخص بالدخول ، وتنفد التذاكر قبل الساعة الحادية عشرة صباحا ، وأجمل ما في الأمر أن هذا العدد الكبير يدخلون إلى المعرض دون أي تدافع وفق نظام دقيق ، ممزوج بالتشويق والعلم والمعرفة .
أبدع الماليزيون بإيجاد اللمسات السياحية في كل شيء وفي كل مكان .. مما أوصل دخل القطاع السياحي إلى ما يزيد عن 40 مليار دولار .. ويمكن للأردنيين أن يبدعو في الاستثمار السياحي في هذا المتحف .. وفي حدائق الحسين بشكل خاص ، حيث يمكن إيجاد عشرات بل مئات المرافق السياحية في هذه الحدائق ..

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]