عودة إلى الصفحة الرئيسية

حقوق حملة الوثائق في شركات التأمين التعاوني أ.د كمال توفيق حطاب

21 December 2015

حقوق حملة الوثائق في شركات التأمين التعاوني
أ.د كمال توفيق حطاب
منذ أكثر من ثلاثين عاما والمؤتمرات والندوات العلمية الخاصة بالتأمين الإسلامي تنعقد هنا ، وهناك ، وتتكرر في كل مؤتمر مشكلات وعقبات وانتقادات وشبهات ، ورغبات بالتطوير وتطلعات إلى التخلص من الشبهات ، وطموحات نحو الارتقاء ، ومع ذلك ما نزال نراوح مكاننا ، ولا تزال الشبهات هي نفس الشبهات ، ولا تزال الرغبة بالعدالة والإنصاف نحو المشتركين وحملة الوثائق تتردد باستمرار .
ولا يختلف المؤتمر العالمي الرابع للتأمين التعاوني والذي اختتم أعماله أمس في الكويت عن هذه المؤتمرات كثيرا ، حيث ركزت معظم البحوث على كيفية حماية حقوق المشتركين أو حملة وثائق التأمين التعاوني ، وتكاثرت فيه الاقتراحات والماينبغيات ، وظل الجميع يبحث عمن يعلق الجرس ، دون أن يعثروا عليه ، يبحثون عمن يتبنى آليات تنفيذية تقلل من سلطات أصحاب المصالح ورؤوس الأموال ، وبمعنى آخر ، عمن يتواضع ويقدم تضحيات من أجل الحد من صلاحياته ، فأعضاء مجالس الإدارة هم الذين يسيطرون على الأمور ، والتنازل عن بعض سلطاتهم من أجل حملة الوثائق أو من يمثلهم ، يعتبر تضحية كبيرة لا يتصور حصولها ، مها تكاثرت المؤتمرات والدعوات والمناشدات في هذا المجال .
اقترح البعض عمل شركة أخرى لحملة الوثائق هي التي تؤسس شركة التأمين وتوكلها بالعمل مقابل أجور ، ولكن التأمل في هذا الاقتراح يعني أن يتحول المسؤولون في شركة حملة الوثائق إلى أصحاب سلطات ، وبالتالي سوف يصيبهم ما أصاب أعضاء مجالس الإدارة في شركات التأمين من تحكم وسيطرة واستغلال نفوذ ..
اقترح البعض أن تكون لحملة الوثائق شخصية معنوية ، ويكون لهم من يمثلهم في مجالس الإدارة ، ولكن هذا الاقتراح يعتريه أن هذا التمثيل لن يكون كافيا ، لأن المسألة تتطلب مراقبة ومتابعة مستمرة ، وحماية قانونية لحقوق حملة الوثائق .
قال أحد المشاركين إن السودان قد حل المشكلة من خلال تأسيس مجلس لحملة الوثائق يجتمع سنويا ، ويتخذ قرارات وتنشأ عنه مطالبات ، غير أن هذا الكلام لم يكن مقنعا .
قال أحد الباحثين إن أعضاء الهيئة الشرعية يمثلون حملة الوثائق ويدافعون عن حقوقهم ، ولكنه ليس راضيا عن مثل هذا الوضع ، ولكن عدم الرضا من قبل أعضاء الهيئات الشرعية لا يكفي في هذا المقام ، وإنما ينبغي أن ينبثق عن عدم الرضا فعل أو عمل ، يترتب عليه التصحيح والتطوير ، وإحقاق الحق ، وتغيير الخطأ .
تذكرت واقع الهيئات الشرعية ، وما تتعرض له من انتقادات ، إذ كيف يتأتى لمن يعين ويحصل على راتبه أو مكافأته من شركات التأمين أن يكون حاميا لحقوق المشتركين ..
لقد ذكرتني هذه المسألة بالتناقضات التي يرددها الاشتراكيون في النظام الرأسمالي ، كالتناقض بين مصالح العمال ومصالح المالكين ، فالعمال يرغبون بزيادة أجورهم ، ولكن هذه الزيادة سوف تقلل من أرباح المالكين ، وبالتالي لن يوافقوا على ذلك ، ومن أجل تقليل التكاليف وزيادة الأرباح ، فإن المالكين سوف يلجأون إلى الاستغناء عن العمال أو تخفيض أجورهم ، وهكذا .. تزداد البطالة ويحدث الكساد ..
ومن أجل التخلص من هذا التناقض كانت الوسيلة الوحيدة عند الاشتراكيين هي إلغاء الملكية الخاصة للعمال وللمالكين ، لأن الملكية الخاصة هي أساس الشرور كما يقولون .
وأنا هنا لا أتبنى الحل الاشتراكي ولا يمكن أن أدعو إليه ، نظرا لما يؤدي إليه من فساد ومصادمة للفطرة ، وإنما يبدو أن من أفضل الحلول أن تكون هذه الشركات خاضعة لرقابة الدولة أو من يمثلها في البنك المركزي ، ويبدو أن هذا الحل تطبقه ماليزيا من خلال قيام البنك المركزي ( نيجارا بانك ) بالرقابة والتفتيش والمتابعة ، واتباع معايير وقواعد للحوكمة تلتزم بها هذه الشركات ويتم مراقبتها ومحاسبتها ومعاقبتها إذا لم تلتزم بهذه المعايير .
نشرت هذه المقالة في جريدة اليوم السعودية http://www.alyaum.com/article/4030045

الأموال غير المتقومة من منظور إسلامي ، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية ، جامعة الكويت ،عدد 104، مجلد 31 ، 2016

12 December 2015

تهدف هذه الدراسة إلى تقديم رؤية فقهية اقتصادية حول الأموال غير المتقومة في الشريعة الإسلامية وآثارها على المجتمع.
وللوصول إلى هذا الهدف فقد ركزت الدراسة على تحديد المقصود بالأموال غير المتقومة، وضوابط استخدامها وأحكام الانتفاع والتصرف بها من الناحية الشرعية والاقتصادية ، وذلك من خلال عرض أهم الأحكام الفقهية الخاصة بها ، ومن ثم عرض أهم الآثار الاقتصادية الناجمة عنها.
وقد خلصت الدراسة إلى إن الأموال غير المتقومة شرعا ليست محرمة بجميع وجوه استعمالها أو الانتفاع بها ، وبالتالي فإنه يجوز التصرف بها بما ورد النص الشرعي بإباحته .

أنتم تضيعون وقتكم أ. د كمال توفيق حطاب

12 December 2015

أنتم تضيعون وقتكم
كمال توفيق حطاب
كلمات ثلاث ، قالها لي أستاذ كبير في جامعة أم القرى حين نظر إلي وإلى رسالتي التي كنت فرحا بها ، وقد حصلت للتو على درجة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي من جامعة أم القرى عام 1990 .
كذبت أذناي ما سمعت وبادلته بابتسامة ومجاملة ، فلا شك أن ما سمعته منه ربما تكون له معان أخرى لم أفهمها في ذلك الوقت .. غير أنني وبعد سنوات من هذا الموقف قرأت في كتابه ” واقعنا المعاصر ” ما فسر تلك العبارة .. فهو يرى أن الباحثين والدارسين للاقتصاد الإسلامي يضيعون وقتهم نظرا لعدم وجود حكومات تتبنى أو تطبق سياسات الاقتصاد الإسلامي .. وإذا وجدت هذه الحكومات في أي وقت من الأوقات فسوف تكون المشكلات مختلفة ، وبالتالي فهي تتطلب دراسات جديدة ..
لقد قلت في نفسي في ذلك الوقت إن هذا الكلام ليس دقيقا .. فإعداد جيل من الباحثين في الاقتصاد الإسلامي سوف يؤدي إلى التأثير على صانعي القرار .. ومن ثم التغيير المتدرج في السياسات الاقتصادية والتطهير المستمر لإدارات الدول الإسلامية من الفساد الإداري والمالي والاقتصادي .
غير أن الواقع أثبت أن نظرتي لم تكن دقيقة وأن الشيخ محمد قطب رحمه الله كان بعيد النظر .. ثاقب الفكر .. فها هو الاقتصاد الإسلامي يغرق في التنظير والترف الفكري أو الجدالات الفقهية الاقتصادية .. ولم يستطع اقتصادي إسلامي واحد أن يتبوأ منصبا وزاريا يطبق من خلاله سياسات الاقتصاد الإسلامي.. وحتى الذين حصلوا على جوائز عالمية ، بقيت كتاباتهم وبحوثهم العلمية القيمة حبيسة الأرفف والمواقع الإلكترونية .. وحتى الحكومات التي رفعت شعار الأسلمة وتطبيق الإسلام لم تستطع التخلص من شروط صندوق النقد والبنك الدوليين .. وبالتالي استعانت بوزراء ومسؤولين يؤمنون بالاقتصاد الغربي ويطبقون تعاليمه المادية ولا يعترفون بأي اقتصاد لا يعترف بسعر الفائدة ..
لقد سار الاقتصاد الإسلامي خلال العقود الثلاثة الأخيرة في مسارين منفصلين ، مسار التنظير العلمي الذي ينتظر التطبيق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للإسلام ، ومسار الصيرفة الإسلامية ، ويبدو أنه لولا نجاح المسار الثاني لكان المسار الأول قد طمس وربما أهمل وطواه النسيان ..
غير أن نجاح مسار الصيرفة الإسلامية وازدهار أقسام المصارف الإسلامية في الجامعات وانتشار وتفوق البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية على مستوى العالم .. لم يكن مسارا مفروشا بالورود .. بل كان محفوفا بالمخاطر والعقبات والتنازلات والمزايدات ..
فالصيرفة الإسلامية في طريقها للنجاح والانتشار خضعت لشروط أصحاب رؤوس الأموال ، وخضع معظم العاملين فيها لهيمنة أصحاب رؤوس الأموال والحوافز والمنح التي يقدمونها لمن يريدون الانتفاع به ، سواء في الترويج أو التسويق أو حتى التطوير الشرعي أو الهيكلة الشرعية ..
أما الاقتصاد الإسلامي فبقي في إطار التنظير .. وظل حبيس البحوث والكتب والموسوعات التي تنتظر التطبيق .. ولم يجد له من يدافع عنه أو يتبناه أو يدعمه ، سوى الباحثين الأكاديميين الاقتصاديين والشرعيين وبعض أصحاب رؤوس الأموال الغيورين على دينهم وقيمهم ..
وبالرغم من ضعف اهتمام الحكومات وأصحاب رؤوس الأموال بالاقتصاد الإسلامي ، واتجاههم للاهتمام بالتمويل الإسلامي والمصارف الإسلامية .. إلا أننا لا يمكننا أن نقلل من الأدب النظري الضخم الذي تكون في الاقتصاد الإسلامي خلال العقود الأربعة الماضية .. كما لا يمكننا أن نفصل كليا بين الاقتصاد الإسلامي والتمويل الإسلامي ، فكلاهما مكمل للآخر .. ولولا الأدب النظري المصرفي الإسلامي لما وجدت البنوك الإسلامية أو المؤسسات المالية الإسلامية ..
ومهما بدا الواقع قاتما ، فإن مما نعتقد به ولا يمكننا التنازل عنه أن المستقبل للاقتصاد الإسلامي ولكافة العلوم الشرعية المنبثقة من هذا الدين .. فالمستقبل لهذا الدين بكافة أجزائه وأنظمته .. “ويأبى الله إلا أن يتم نوره “..
غير أن المطلوب من العلماء والأكاديميين والباحثين في الاقتصاد الإسلامي ، أن يتداعوا إلى كلمة سواء تجمع كلمتهم بحيث يكون لها وزن وقوة .. وأن يعملوا على تحصين أنفسهم بمنظومة قانونية وتشريعية ، وتكوين نقابات أو جمعيات تستطيع حماية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم ، بحيث لا تملك الحكومات إلا أن تحترمهم وتأخذ بأفكارهم ، ولا يملك أصحاب رؤوس الأموال إلا تطبيق نتائج بحوثهم ودراساتهم .

نحو وكالة تصنيف إسلامية أ.د كمال توفيق حطاب

31 October 2015

نحو وكالة تصنيف إسلامية
أ.د كمال توفيق حطاب

توجد في العالم اليوم أكثر من 150 وكالة تصنيف ائتمانية ، أشهرها موديز وستاندر أند بورز ، وفيتش ،.. ولا تكاد توجد في المنطقة الإسلامية سوى وكالتان في ماليزيا .. أما الدول العربية فلا توجد فيها أي وكالة تصنيف ائتمانية ..
وتتنوع وظائف وكالات التصنيف الائتمانية من تصنيف الدول والحكومات إلى تصنيف البنوك والمؤسسات المالية إلى أن تصل إلى تصنيف إصدارات الديون والسندات وأخيرا الصكوك الإسلامية ..
وتتقاضى هذه الوكالات مبالغ باهظة مقابل إعطائها التصنيف المناسب لحالة الدولة أو البنك أو المؤسسة أو الديون والصكوك .. فتصنيف الدول بمراتب عالية ، يمكنها من الحصول على قروض من الأسواق المالية الدولية ، كما يمكنها من إصدار سندات أو صكوك دولية .. وكذلك تصنيف البنوك أو المؤسسات المالية بمراتب عالية يمنحها ثقة أكبر من قبل العملاء وكذلك من قبل الجهات الرقابية .. أما تصنيف الديون أو الصكوك بشكل جيد ، فإنه يعمل على تسويقها وزيادة الإكتتاب بها ..
وتنحصر وظيفة التصنيف بشكل أساسي في قياس وتقويم حجم المخاطر الائتمانية التي تحيط بهذه الدولة أو البنك أو الديون أو الصكوك ..
فهل هذه الوظيفة مهمة مستحيلة تعجز عنها عقول العرب والمسلمين ؟ ولماذا لم توجد أية وكالة تصنيف ائتمانية في العالم العربي بالرغم من وجود مثل هذه الوكالات في كثير من دول العالم ؟ وهل يمكن إنشاء وكالة تصنيف ائتماني في الدول العربية ؟
تسعى دبي بعد إعلانها عاصمة للاقتصاد الإسلامي إلى محاولة إنشاء هذه الوكالة ، وقد صرح عدد كبير من المتخصصين والخبراء بإمكانية إنشاء وكالة تصنيف ائتماني في دبي شريطة أن تلتزم بأهداف محددة تقوم بها وتركز على الإصدارات بالعملة المحلية … فربما لا يمكنها منافسة وكالات يعود تاريخها إلى أكثر من مئة عام .. كما صرح بعض الخبراء ..
لقد باتت الحاجة ماسة ، لوجود وكالة تصنيف ائتماني عادلة ، ذات مهنية عالية ، خاصة بعد أن ثبت فشل وكالات التصنيف الائتماني العالمية في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008 ، حيث كانت معظم المؤسسات المالية والبنوك العالمية حاصلة على تصنيفات عالية ، ومع ذلك فقد أفلست تلك البنوك والمؤسسات ولم تشفع لها شهادات وكالات التصنيف العالمية .
لا بد من وجود وكالة تصنيف عربية وإسلامية تراعي خصوصية المنطقة الإسلامية ، كما تراعي طبيعة البنوك الإسلامية والمعاملات الإسلامية ، وتدرك جيدا أن حجم المخاطر الائتمانية سوف ينخفض بشكل كبير كلما تمسكت الدول والبنوك والموسسات بالضوابط الشرعية .. فمن مصلحة هذه الدول أن تلتزم بالمنهج الاقتصادي الإسلامي ..
إن التمسك بالضوابط الشرعية التي تمنع بيوع الوهم القائمة على المقامرات والمراهنات ، وبيوع الديون والمشتقات والمضاربات المفتعلة سوف يؤدي إلى تخفيض المخاطر الائتمانية بشكل كبير .
كما أن الضوابط الشرعية التي تحث على القبض والحيازة وعدم المتاجرة بالمجهول أو المعدوم أو ما يحيط به الغرر الفاحش سوف تعمل على زيادة الأصول الإنتاجية الحقيقية في المجتمع وبالتالي ترفع من المستوى الائتماني للدولة أو المؤسسة ..
إن إدخال الضوابط الشرعية في المعايير الائتمانية سوف يرفع من مستوى هذه المعايير ويزيد من قوتها في حماية المؤسسات وصيانة الاقتصاد القومي .

الهيئات الشرعية بين خدمة الدين والمتاجرة بالدين أ.د كمال توفيق حطاب

05 June 2015

الهيئات الشرعية بين خدمة الدين والمتاجرة بالدين
أ.د كمال توفيق حطاب
لا أحد يشكك في فضل العلماء وأفضلية العلم الشرعي على سائرالعلوم .. ولا أحد يستطيع أن يتهم عالما يعمل بعلمه ينصر الحق ويقف ضد الظلم وينصر المظلوم .. فالعلم الشرعي مميز على سائر العلوم بالخيرية التي شهد بها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .. من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين .. وكذلك العلماء العاملون مميزون بفضلهم ومكانتهم، قال تعالى ” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ” ..
غير أن ذلك لا يمنع من وجود فئة ممن حصلوا على ألقاب العلماء ولبسوا زي العلماء وحضروا مجالس العلماء أن يكونوا من المتاجرين بعلمهم ودينهم .. ويشهد لذلك الحديث الصحيح الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي ذكر فيه أن من أوائل من تسعر بهم النار يوم القيامة .. عالم يقول يارب تعلمت العلم فيك .. فيقال له بل تعلمت ليقال هو عالم وقد قيل ..
يصدق هذا الكلام على كل من أطلق عليه لقب عالم في هذا العصر ، لكنه يقف إلى جانب الطواغيت وأهل الباطل ، يزين لهم باطلهم ، ويصدر لهم من الفتاوى ما يرضيهم ويرضي أهواءهم ..
كما يصدق أيضا على من وقفوا إلى جانب أصحاب رؤوس الأموال يمتدحونهم ، ويثنون على نواياهم ،ويوجدون لهم المخارج والحيل ، ويذللون لهم كل أمر عسير ، يعظمون لهم الأرباح على حساب الفقراء ومحدودي الدخل من الشعوب الكادحة .. كل ذلك في سبيل مكافآت ورواتب ودخول تُضخ في حسابات هؤلاء العلماء .. فتتورم حساباتهم ، وتتزايد أسهمهم في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، فيفرحون ويطأطئون .
إن عمل الهيئات الشرعية .. محفوف بالشبهات .. وإن الكثير من الشرعيين يأبون الدخول في هذه الهيئات ، كما أن بعض من دخل فيها قد خرج منها طواعية أو أخرج منها بسبب تمسكه برأيه الذي يراه حقا ، ولكن عددا لا باس به من أعضاء هذه الهيئات الشرعية .. لا يزال يميل حيث تميل ريح أصحاب رؤوس الأموال ، ويصفق لهم ويختم ويبصم على كل ما يقترحونه أو يفرضونه من أدوات أو طرق تزيد من أرباحهم .. وتقلل من مخاطرهم ، ولو كان ذلك على حساب الفقراء ومحدودي الدخل ..
إن المتاجرة بالدين هي من أخطر أنواع المتاجرة المحرمة ، فهي أخطر من المتاجرة بالبشر ، وأخطر من المتاجرة بالشرف وأخطر من تبييض الأموال .. فهي جرأة على الله ، وتطاول عليه ، وانحراف بالدين عن دوره الحقيقي في ترسيخ مبادئ العدالة والرحمة والمصلحة للإنسانية جمعاء .. المتاجرة بالدين تزوير وتحريف وخداع للشعوب ، وتكريس للظلم والباطل ودعم للظالمين والمغتصبين للحقوق ..
إن من الواجب على العلماء أن يرفعوا قدرهم ويحترموا مكانتهم ولا يكونوا تبعا وغرضا لكل هاو مغامر دافع للمال .. إن من الواجب عليهم أن يجعلوا لأنفسهم كيانا ماديا أو معنويا .. يحفظ حقوقهم ويضع المعايير لمهنيتهم بحيث لا يكونون صيدا سهلا لمن يدفع أكثر .
إن من الواجب على العلماء أن يتطهروا حتى تتطهر الشعوب ، أن يعفوا ولا يرتعوا حتى تعفّ الشعوب ولا ترتع ..
إن وجود نقابة على مستوى كل دولة أو اتحاد للمراقبين الشرعيين على مستوى العالم الإسلامي ، بات ضرورة شرعية ومهنية لا بد من تحقيقها ، إذا أريد لمهنة الرقابة الشرعية أن تبقى نظيفة شريفة بعيدة عن الشبهات والمزايدات .

All Rights Reserved © www.KamalHattab.info  |  [email protected]