Northeast Business & Economics Association conference, November 2013, Bretton Woods, New Hampshire, USA
30 January 2021متى يمكن للاقتصاد الإسلامي أن يكون مؤثرا على المستوى الدولي ؟ أ.د كمال حطاب
18 January 2021متى يمكن للاقتصاد الإسلامي أن يكون مؤثرا على المستوى الدولي ؟
أ.د كمال حطاب
منذ ظهور الاقتصاد الإسلامي كتخصص أكاديمي في الجامعات العربية والإسلامية والدولية ، وهو يقدم الحلول تلو الحلول للقضايا والمشكلات والأزمات الاقتصادية والمالية الدولية .
ويتسابق الباحثون والمتخصصون في هذا التخصص على الاهتمام والانشغال بالقضايا الدولية ذات الطابع الاقتصادي كما يتسابقون في تقديم الحلول للمشكلات والأزمات الاقتصادية والمالية الدولية ، فما أن تظهر مشكلة اقتصادية تكون محل اهتمام العالم حتى نجد الباحثين في الاقتصاد الإسلامي يتوجهون بكل جهودهم لتشخيص هذه المشكلة ، وتقديم الحلول والعلاجات اللازمة للتخفيف من حدتها .. ويمكن الإشارة إلى عدة أمثلة في هذا المجال من السنوات الماضية ..
ففي أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 ، وجدت عشرات المؤتمرات واللقاءات والندوات للباحثين في الاقتصاد الإسلامي حول هذه الأزمة ، كما وجدت مئات بل ربما آلاف البحوث والمقالات حول هذه الأزمة ، ومع انتشار العملات الافتراضية ( البتكوين وغيرها ) والعملات الرقمية والإلكترونية وقضايا التقنية المالية ، عقدت عشرات بل مئات المؤتمرات واللقاءات حول هذا الموضوع ، وأفرزت مئات بل ربما آلاف البحوث والمقالات حول العملات الالكترونية ..
وكذلك الحال في الوقت الحاضر ، حيث لا يزال الباحثون المتخصصون في الاقتصاد الإسلامي منشغلين ومن خلال المؤتمرات واللقاءات (عن بعد ) في مسألة تداعيات جائحة الكورونا الاقتصادية وسبل التخفيف منها ..
وقد وجد حتى الآن عشرات بل مئات البحوث والمقالات حول تداعيات جائحة كورونا ..
إن هذه الظاهرة وإن كانت ظاهرة إيجابية تدل على الحساسية الاجتماعية التي يتمتع بها الباحثون في الاقتصاد الإسلامي ، وعلى حيوية هذا التخصص ومدى إسهامه في خدمة قضايا العالم وحل مشكلاته .. إلا أننا يمكن أن نورد عددا من الملاحظات التي لا بد منها في هذا المجال :
– إن معظم مراكز صناعة القرار على مستوى العالم لا يمثل المسلمون فيها إلا نسبا ضئيلة ، من حيث قوة التصويت والصلاحية في اتخاذ القرار ، وذلك ينطبق على معظم وكالات وأجهزة الأمم المتحدة ، وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير .
– إن معظم القضايا والمشكلات والأزمات الاقتصادية والمالية التي تصيب العالم ، لم تكن بسبب قرارات الدول الإسلامية أو سلوكيات المسلمين ، وإنما تعود في معظمها إلى سلوكيات وقرارات تم اتخاذها في عواصم غربية ومن قبل منظمات دولية وشركات عالمية وغيرها .
– إن انصراف معظم الباحثين في الاقتصاد الإسلامي إلى أي ظاهرة أو مشكلة أو أزمة مالية جديدة لإنتاج بحوث فيها ربما يشير إلى عدم وجود خطط أو أولويات أو أهداف واضحة لهذا التخصص بحيث ينصرف الجميع إلى أية قضية جديدة .. فلو وجدت أهداف وخطط وبرامج أكاديمية ربما وجهت جهة معينة أو معهد علمي واحد أو اثنين للاهتمام بهذه القضية وتعميم نتائجه على الجميع ، أما أن تتفرغ معظم معاهد بحوث الاقتصاد الإسلامي في العالم ومعظم الباحثين لمعالجة قضية واحدة فلا شك أن هذا السلوك ليس سلوكا علميا رشيدا .
– ولا يعني ما تقدم التقليل من أهمية دراسات وبحوث الاقتصاد الإسلامي وإنما يعني ضرورة توجيه الجهود على المستوى الدولي من أجل زيادة الاعتبار لهذا التخصص العلمي والحصول على الاعتمادات اللازمة لهذا الحقل المعرفي من قبل المعاهد العلمية المعتبرة عالميا والمجلات الدولية المتخصصة .
– إن بحوث وتقارير الاقتصاد الإسلامي يمكن أن تكون مؤثرة عندما يتم تبنيها من قبل صانعي القرارات والسياسات والاستراتيجيات على مستوى الدول الإسلامية ، بمعنى أن تكون محل نظر من قبل وزارات المالية والاقتصاد والعمل والتخطيط في الدول الإسلامية ، جنبا إلى جنب مع البحوث والتقارير الدولية الأخرى .
– إن معظم بحوث الاقتصاد الإسلامي التي يقوم بها أكاديميون مسلمون ، لا يلتفت إليها معظم المهتمين بمعالجة القضايا والمشكلات الدولية ، ولا يعتبرونها إضافات علمية لأي تخصص من التخصصات المعتبرة علميا في الحقول العلمية المعتبرة .
– إن بحوث الاقتصاد الإسلامي يمكن أن تكون مؤثرة عندما تكتسب المصداقية العلمية على مستوى العالم ، بحيث تكون لها تصنيفات علمية معتبرة ، في مجلات علمية معتبرة ذات عوامل تأثير عالية، إضافة إلى اعتمادها من قبل معاهد علمية عالمية معتبرة .. ويكون لتقارير الاقتصاد الإسلامي الدولية مكانة معتبرة من قبل مراكز صناعة القرار على مستوى العالم .
– إن هذه المجالات والجوانب في الاقتصاد الإسلامي لا تزال ضعيفة ، ولم يتم التركيز عليها بشكل قوي ، ولذلك لا بد من تسويق برامج وسياسات واستراتيجيات الاقتصاد الإسلامي على المستوى الدولي ، ولا بد من عقد مذكرات تفاهم مع عدد من الجامعات والمعاهد العلمية العالمية ، وتبادل البرامج والاستشارات والدراسات مع كليات ومدارس الاقتصاد في الجامعات العالمية ، إضافة إلى التواصل مع مراكز دراسات الشرق الأوسط ، ومراكز الدراسات الشرقية ، ومراكز دراسات الأديان ، والمراكز المعنية بالدراسات الاستراتيجية ، وعقد مذكرات تفاهم معها بما يزيد من الدور العالمي المنتظر للاقتصاد الإسلامي .